حب فلسطين يحرك هواة آثارها
مؤمن الشرافي-غزة
ويقول محمد إنه استطاع وبجهود فردية خالصة أن يجمع نحو خمسة آلاف قطعة ووثيقة على مدار عشرين عاما توثق مراحل الحياة الفلسطينية قبل وبعد نكبة عام 1948 وتنطق بتفاصيل معيشتهم على كل الصعد الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية منها.
ومن أبرز المقتنيات الأدوات المنزلية والآلات الموسيقية وقناديل الإنارة وحتى الكاميرات الفوتوغرافية والمذياع الخشبي، إضافة للعملات المعدنية والورقية ووثائق لعقود تجارية وعقود زواج وشهادات طابو لمساحات شاسعة من الأراضي والحقول الزراعية، جميعها ترسم ملامح الحياة الفلسطينية بأدق تفاصيلها في تلك الفترة.
ومن بين الوثائق التي يحتفظ بها محمد في منزله نسخة من جريدة الجامعة الإسلامية التي كانت تصدر في مدينة يافا عام 1933. وكانت هذه الجريدة معارضة ومناهضة للانتداب البريطاني. في النسخة التي يمتلكها ترصد جريدة الجامعة الإسلامية مظاهر الحياة في يافا والقرى المجاورة لها، وكان عنوانها الرئيسي يوثق المظاهرات التي خرجت ضد الانتداب البريطاني لتواطؤه مع العصابات الصهيونية التي بدأت مخططاتها للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وقراهم.
أدلة
ويشير محمد الزرد الذي درس تاريخ فلسطين وآثارها وأعد دراسات وأبحاثا حولها إلى أن حب فلسطين كان دافعه لجمع المقتنيات والوثائق للحفاظ على الهوية الفلسطينية من الاندثار والضياع مع سعي الاحتلال المحموم وبشتى الوسائل لطمس الحق الفلسطيني، ويعتبر أن جمع التراث الفلسطيني وتوثيقه يعد مكملا ورافدا لعمل السياسي والمقاوم ويدعم جهوده بالأدلة المادية التي لا تكذب لكي يواصل طريقه في استرداد الحقوق المسلوبة.
وينتقد الزرد غياب الاهتمام والرعاية الرسمية والأهلية في الحفاظ على الموروث المادي التاريخي للشعب الفلسطيني، داعيا كل غيور على تاريخ وتراث فلسطين للاهتمام وعدم التفريط بأي قطعة أو وثيقة ترسخ حق الفلسطيني في أرضه وتحافظ على هويته من الضياع والاندثار.
العقاد
إلى جنوب قطاع غزة وتحديدا في مدينة خان يونس بدأ وليد العقاد قبل نحو 40 عاما رحلته في جمع المقتنيات الأثرية داخل متحف أقامه في منزله يضم بين جنباته أواني نحاسية وفخارية وأزياء تراثية كان يرتديها الأجداد الفلسطينيون في غابر الزمن.
ويشير العقاد إلى أن المقولة الإسرائيلية "الكبار يموتون والصغار ينسون" في إشارة للشعب الفلسطيني وما جرى لأجدادهم، كانت دافعه لجمع المقتنيات الأثرية والوثائق التاريخية لدحض المقولة الإسرائيلية وإثبات فشل رهانهم على نسيان الأجيال الفلسطينية لتاريخها الذي عمد بالدم دفاعا عن حقها المسلوب منذ عام 1948.
ويقول العقاد إنه يعمل على تنظيم الزيارات لمتحفه لكي يعرّف الزوار خاصة الأطفال منهم بتاريخهم عبر شواهد مادية توثق مراحل وتفاصيل هامة في حياة الشعب الفلسطيني، ويشير إلى أن مجموعة المفاتيح التي توجد لديه ربطها الأجداد في أعناقهم خلال تهجيرهم من مدنهم وقراهم على أمل العودة إليها بعد انقشاع غبار المعارك عام 1948.
ويؤكد وليد العقاد الذي يعد من أبرز من جمعوا مقتنيات وشواهد أثرية وتراثية في قطاع غزة أن كل قطعة تدل على الهوية الفلسطينية وتثبت الوجود الفلسطيني على هذه الأرض قبل أن تأتي العصابات الصهيونية التي عاثت خرابا ودمارا بكل ما هو جميل في ربوع فلسطين الجميلة.
وينظم هواة جمع المقتنيات التراثية والوثائق التاريخية في قطاع غزة معارض في ذكرى نكبة فلسطين من كل عام لتعريف الجمهور الفلسطيني من خلال ما يمتلكون من مقتنيات بطبيعة حياة أجدادهم قبل الهجرة وللتذكير بأن الحق لا يسقط مهما تقادم الزمن.