رحلة عبد الصمد.. من أرض الصومال إلى هارفارد

This photo taken on September 11, 2013, shows traders walking past a herd of camels, at the biggest livestock market in Somaliland, known as Hargeisa. Livestock farming is the backbone of the Somaliland economy. Every year, an estimated 4.2 million sheep, goats, cattle and camel are sold to neighboring Arab States via the port of Berbera.
سوق الإبل بعاصمة أرض الصومال هرجيسيا (غيتي)

عبد الصمد عدن شاب (21 عاما) من دولة أرض الصومال المنشقة عن الصومال الأم، والتي لم تحظ باعتراف أي دولة في العالم، بدأ دراسته في السنة التمهيدية بجامعة هارفارد الأميركية في سبتمبر/أيلول الجاري.

عبد الصمد نشأ في دولة غير موجودة رسميا، بكنف جدته الأمية في بيئة لا تعرف شيئا اسمه الكهرباء ولا الصرف الصحي، وبعض أشقائه الـ18 لم يلتحقوا بمدرسة قط، ورغم ذلك تفوق باستخدام الشمع مصدرا للضوء، حتى نجح في الالتحاق بأفضل جامعة في العالم، وربما يكون هو الوحيد بالحرم الجامعي الذي مارس حلب الجمال.

ويقول عبد الصمد إن والده طلق والدته قبل أن يولد، وتولت جدته تنشئته، وإنه يقضي ساعتين يوميا لجلب الماء للأسرة. وكانت جدته غير راضية بالتحاقه بهذه المدرسة، خاصة أنها لم تكن قادرة على دفع رسومها التي تبلغ 40 دولارا في الشهر، "لكن إدارة المدرسة تتسامح مع الطلاب الواعدين غير القادرين ماليا"، كما أن الجدة أصلا لم تكن ترى جدوى في الالتحاق بمدرسة ثانوية إذ لا يوجد بالعائلة الممتدة كلها واحد قد التحق بمدرسة ثانوية.

وعبد الصمد هو الطالب الوحيد من الصومال وليس أرض الصومال وحدها الذي يلتحق بهارفارد خلال الـ30 عاما الماضية على الأقل.

عبد الصمد هو الطالب الوحيد من الصومال وليس أرض الصومال وحدها الذي يلتحق بهارفارد خلال الـ30 عاما الماضية على الأقل

رغم كل ذلك، يفيض عبد الصمد بالذكاء، ويقف شاهدا حيا على الحكمة التي تقول "الموهبة موجودة لدى الجميع، لكن الفرص تقتصر على البعض".

الحظ السعيد
ويقول عبد الصمد نفسه إنه لولا الحظ السعيد لكان بين أصدقائه الذين أصبحوا من اللاجئين إلى أوروبا في الرحلات الخطرة عبر البحر المتوسط.

وفي الواقع، فإن كيفية مجيئه إلى هارفارد بدلا من عبور المتوسط، أمر يعود إلى تفانيه في الدراسة وذكائه، دون التقليل من شأن الحظ السعيد، وإلى مشروع لأحد الأميركيين الأثرياء الذي أقام مدرسة بأرض الصومال للطلاب المتميزين.

الأميركي الثري هو جوناثان ستار، الذي تزوجت عمته الأميركية رجلا من أرض الصومال، والذي شغف بالقصص حول بدو تلك البلاد وصحاريها. وفي العام 2008 زار أرض الصومال وأقام مدرسة داخلية تستوعب أفضل الطلاب والطالبات بالبلاد وتتخذ الإنجليزية لغة للتدريس فيها.

وأطلق ستار على مدرسته، التي يقوم بالتدريس فيها مدرسون أميركيون، اسم "مدرسة أبارسو للعلوم والتكنولوجيا".

واعتُبر التحاق عبد الصمد بهارفارد سببا للاحتفال على مستوى دولة أرض الصومال. ودعاه رئيس الدولة للقائه، وأصبح الشاب ذو الـ21 عاما بطلا في الوطن. وبدأت جدته، التي لا تعرف ما هي هارفارد وأين توجد، تشعر بالفخر وتستشعر فوائد التعليم وجدواه.

وفي هارفارد، وجد عبد الصمد نفسه وحده في غرفة واسعة تساوي مساحتها الغرفة التي كان يعيش فيها هو وخمسة من زملائه بمدرسة أبارسو للعلوم والتكنولوجيا. ولم تكن لديه أغطية لفراشه، لكن أحد زملائه بهارفارد أقرضه بعض الفرش.

ووجد عبد الصمد أن مشكلته الكبيرة هي كيفية تفعيل بطاقته الائتمانية، قائلا إنه لا يملك هاتفا جوالا لتفعيل بطاقته.

ويقول عبد الصمد أيضا إنه يخطط للعودة لأرض الصومال وربما يبدأ امتهان السياسة، وألمح إلى أنه يرغب في أن يصبح رئيسا لبلاده يوما ما.  

المصدر : نيويورك تايمز