متحف أسترالي يروي تاريخا سودانيا

جبة أنصار المهدي السوداني في المتحف الحربي الأسترالي
الجبة مع تمثال لأحد الجنود الذين شاركوا بالحملة الأسترالية على السودان (الجزيرة نت)

خالد العبيد-كانبيرا

يضم المتحف الحربي الأسترالي كثيرا من المقتنيات التي أخذتها الحملة الأسترالية على السودان بالقرن الـ19، أبرزها "الجبة" التي اشتهر أنصار الإمام المهدي في السودان بارتدائها.

و"الجبة" قميص واسع الأكمام تتعدد ألوانه بعشوائية، لذا يطلقون عليها "الجبة المرقعة" وهي عند أنصار المهدي دليل على الزهد والاستعداد للتضحية، ويرتدونها في احتفالاتهم الدينية والسياسية.

وكان مثيرا أن تجد بالمتحف الحربي الأسترالي عينة نادرة ذات قيمة تاريخية لا تقدر بثمن لهذه الجبة، وهي تعود غالبا لأحد المقاتلين من الأنصار الذين تصدوا للفرقة العسكرية الأسترالية التي عبرت البحار إلى السودان لمساندة الجيش البريطاني بعد مقتل الحاكم العام البريطاني تشارلز غوردون.

ويحكي التاريخ أن آخر استغاثة أطلقها غوردون باشا قبل أن يقتله أنصار المهدي سطرها بكلمات قليلة تقول "إذا لم تصل القوات البريطانية على وجه السرعة، فإن مدينة الخرطوم ستسقط في يد المهدي.. لقد فعلت كل ما بوسعي فعله من أجل شرف وكرامة بريطانيا.. وداعاً.. وداعاً.. المخلص لكم تشارلز غوردون".

‪المتحف الحربي في كانبيرا يضم الكثير من الأشياء التي عادت بها الحملة الأسترالية على السودان‬ (الجزيرة نت)
‪المتحف الحربي في كانبيرا يضم الكثير من الأشياء التي عادت بها الحملة الأسترالية على السودان‬ (الجزيرة نت)

لكن القوات التي جاءت لإنقاذ الجنرال تأخرت، وبعد حصار طويل دخل أربعة من أنصار المهدي إلى قصر الحاكم وقتلوا كل الحراس وتوجهوا إلى غرفة غوردون، حيث تلقى طعنة من رمح محمد ود نوباوي المسمى عليه حي ود نوباوي المشهور بمدينة أم درمان السودانية.

وأثار خبر مقتل غوردون الغضب بالدول التي كانت تحت التاج البريطاني وبينها أستراليا. فقررت حكومة "نيو ساوث ويلز" الأسترالية تقديم مساعدات وإرسال قوات للقتال ضد المهدية، وقبلت بريطانيا العرض، وفي 3 مارس/آذار 1885 أبحرت الفرقة إلى ميناء سواكن السوداني.

وتعد هذه الفرقة أول قوة أسترالية تذهب إلى ما وراء البحار، وكأنها توجه رسالة لدول العالم مفادها أن أستراليا أصبحت دولة.

ميداليات لجنود الفرقة الأسترالية التي غزت السودان أواخر القرن الـ19 (الجزيرة)
ميداليات لجنود الفرقة الأسترالية التي غزت السودان أواخر القرن الـ19 (الجزيرة)

لكن القوات الأسترالية التي جاءت إلى السودان لم تخض معارك ومواجهات حقيقية ضد جيش المهدي، باستثناء مناوشات قليلة، وانحصرت أعمالها  في بناء طريق السكة الحديد المتجه جنوبا إلى مدينة بربر تمهيدا لدخول قوات كتشنر.

وأبحرت القوات الأسترالية عائدة إلى سيدني في 17 مايو/أيار 1885، وكان القادة والأفراد من الفرقة الأسترالية يحملون معهم بعض الغنائم من السودان بينها هذه "الجبة" المعروضة بالمتحف الحربي وغيرها من "الجبب" التي كان يرتديها المقاتلون في جيش أنصار المهدي.

ويضم المتحف أيضا أوسمة ونياشين وميداليات تخصهم تم توزيعها عليهم أثناء وبعد الحملة الحربية كتب عليها "ميدالية مصر" بالنظر إلى تبعية السودان لمصر آنذاك.

‪أحد جنود الفرقة العسكرية وشهادة تقدير نالها أثناء خدمته بالحملة‬  (الجزيرة نت)
‪أحد جنود الفرقة العسكرية وشهادة تقدير نالها أثناء خدمته بالحملة‬ (الجزيرة نت)

يقول الباحث معاوية البلال إن الفرقة الأسترالية التي عادت من السودان أصبحت معروفة بالتاريخ الأسترالي، وتم تخليد ذكراها بإطلاق أسماء سودانية على بعض الشوارع بالمدن الأسترالية، وعلى سبيل المثال، شارع الخرطوم، وشارع أم درمان.

ويضيف أن فيلم "الريشات الأربع" يعتبر من الأعمال الهامة بالحملة البريطانية على السودان، وتدور أحداثه حول الملازم "هاري" الذي كان يرفض الانضمام للفرقة البريطانية المتجهة إلى السودان فأهداه زملاؤه الجنود ثلاث ريشات كناية عن جبنه، وأهدته خطيبته الريشة الرابعة، وعندما عاد إلى بلاده صفحت عنه خطيبته لأنه سجل مواقف شجاعة في إنقاذ بعض زملائه الجرحى.

المصدر : الجزيرة