ناجية من حرب غزة تتفوق بالثانوية

أحمد عبد العال-غزة

لم تكن الطالبة الفلسطينية حنان عبد الغفور تتخيل عندما انتشلت من تحت أنقاض منزلها في غزة، ونجت بأعجوبة من العدوان الإسرائيلي الأخير، أنها ستحتفل بعد عام واحد فقط بتفوقها في الثانوية العامة، رغم كل ما تبع نجاتها من ظروف إنسانية واقتصادية قاسية كانت كفيلة بتحطيمها نفسيا إلى الأبد.

ولا تفارق تلك اللحظات التي عاشتها حنان -التي حصلت على معدل 98.1% في الثانوية العامة في الفرع العلمي- عندما أغارت طائرة حربية إسرائيلية على منزلها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، فظنت أن اسمها سيكون رقما جديدا في عداد شهداء العدوان الإسرائيلي، إلا أن والدها وجيرانه انتشلوا جسدها في ذلك اليوم بعد إصابتها بجروح مختلفة.

ولم تقتصر معانتها على ذلك، فقد عاشت ظروفا إنسانية واقتصادية قاسية طوال عام كامل بسبب تشرد عائلتها بعد أن دمر القصف منزلها، إلا أنها واجهت كل هذه الظروف وحققت حلمها بالتفوق في الثانوية العامة.

‪(الجزيرة)‬ تدمير المنزل والتشرد والظروف النفسية الصعبة لم تحل دون تفوق حنان بدراستها
‪(الجزيرة)‬ تدمير المنزل والتشرد والظروف النفسية الصعبة لم تحل دون تفوق حنان بدراستها

ظروف قاسية
وتقول حنان للجزيرة نت "عشنا طول العام ظروفا قاسية، فبعد قصف منزلنا انتقلنا أكثر من مرة من بيت إلى آخر، إلى أن عدنا مجدداً لبيتنا، الذي لم يقينا حر الصيف، ولا برد الشتاء، ولم نسلم طوال العام من انقطاع الكهرباء".

وتضيف "انتقالنا من بيت لآخر نهاية الحرب، اضطرني للانتقال من مدرستي والابتعاد عن زميلاتي ومعلماتي إلى مدرسة أخرى في منطقة أخرى، إضافة لإضراب المعلمين الذي أخرنا في بداية العام عن الدراسة".

واستدركت "رغم صعوبة الظروف وقساوتها، تغلبت على ذلك كله وتكيفت معها، وعزمت على التفوق في دراستي، وبفضل الله تمكنت من الحصول على معدل عال".

وتستذكر حنان لحظة انتشالها من تحت أنقاض منزلها، "بعد أن قصف منزلنا بدأت بالصراخ والمناداة على الجيران وعلى والدي لإنقاذي، حتى دخلت في صدمة عصبية، وقد تمكن والدي وبمساعدة الجيران من انتشالي وإنقاذي أنا وأمي من تحت أنقاض المنزل ونجوت بأعجوبة، وتم نقلي إلى المستشفى وإجراء الفحوصات الطبية والحمد لله كانت رضوض وجروح بسيطة".

وتؤكد حنان أن عزيمتها وتفوقها في دراستها هو تحدي للاحتلال الإسرائيلي الذي "أراد كسر إرادة شعبنا الفلسطيني من قصف بيوت الآمنين"، مضيفة "تفوقي وعزيمتي على المضي في طريق العلم هو الرد على قصفهم وعدوانهم، وسنبقى صامدين وصابرين إلى أن نحرر أرضنا".

‪‬ حنان عبد الغفور مع بعض أفراد عائلتها(الجزيرة)
‪‬ حنان عبد الغفور مع بعض أفراد عائلتها(الجزيرة)

دعم العائلة
أنور عبد الغفور والد الطالبة والأب لسبعة أبناء قال للجزيرة نت "عندما قصف المنزل اعتقدنا أن ابنتي استشهدت، لكنها نجت بفضل الله".

ويضيف "بعد قصف منزلنا تشردنا ولم نجد من يؤجرنا بيته، مما اضطرنا للتنقل من مكان لآخر إلى أن نصبت خيمة على أنقاض منزلنا، لم تقينا من حر الصيف ولا برد الشتاء، وهذا كله بسبب تأخر الإعمار للبيوت المدمرة جراء العدوان".

وأكد حرصه رغم كل ذلك على أن تكون ابنته من المتفوقين، وأنه كان يشجعها ويحفزها حتى تحصل على الدرجات العليا، كرسالة "أننا رغم القصف والدمار سننتصر على الاحتلال الإسرائيلي بالعلم والتفوق".

من جهتها قالت والدة الطالبة حنان إن كل الظروف القاسية أثرت قليلاً على حنان، لكنها لم تقف عائقا أمام تفوقها في الثانوية العامة.

وأضافت "بعد ثلاثة أيام من حصول ابنتي الكبرى على معدل 99.1% العام الماضي، قصفت طائرات الاحتلال منزلنا، وانتشلونا من بين الأنقاض. لدى شعبنا عزيمة وإصرار على مواجهة كل ما نتعرض له من ظلم واحتلال بهذه المسيرة التعليمية".

المصدر : الجزيرة