معصرة الجبريني.. شاهدة على أصالة القدس

 أسيل جندي-القدس المحتلة

تمتهن عائلة الجبريني في القدس المحتلة صناعة السمسم والطحينة بأنواعها والسيرج (زيت السمسم) منذ 140 عاما، متبعة طرق التصنيع البدائية التي تعتمد على الأفران والأحجار العربية القديمة.

ويعود عمر المعصرة -التي تقع في عقبة الشيخ ريحان بالبلدة القديمة- إلى أكثر من 350 عاما، ويتوارث أبناء الحاج إبراهيم الجبريني مهنة تراثية نادرة يرفضون تطويرها واستخدام طرق تصنيع حديثة في الإنتاج.
 
يقول صاحب المعصرة المقدسي إسحق الجبريني (خمسون عاما) إن إنتاج الطحينة وتحميص السمسم وغيرهما من المنتجات بالطريقة البدائية تتطلب جهدا جسديا كبيرا، "وأضطر إلى حمل السمسم 32 مرة كي تصل الطحينة للزبون مصنعة بالطريقة القديمة، وأقوم بنقله عدة مرات بين الأحواض والفرن لنقعه وتنشيفه وتحميصه، أما المصانع الحديثة فتعتمد في كافة مراحل التصنيع على الماكينات".

وذكر أن المعصرة تعمل خمسة أيام أسبوعيا، وتنتج الطحينة الحمراء والبيضاء، وسمسم الكعك المقدسي، بالإضافة إلى الحلاوة وحبة البركة وزيت السمسم، وجعلت طريقة الإنتاج القديمة المعصرةَ وجهة للعديد من الزبائن الذين يتوافدون من كافة المحافظات الفلسطينية للحصول على منتجات طبيعية خالية من الأصباغ والمواد الحافظة.

‪المعصرة تقع في البلدة القديمة بالقدس المحتلة‬  (الجزيرة)
‪المعصرة تقع في البلدة القديمة بالقدس المحتلة‬  (الجزيرة)

ويضيف الجبريني أننا "لا نقوم بتوزيع منتجاتنا على الأسواق، بل لدينا محل صغير نبيع به كل ما نصنعه ويتوافد علينا الزبائن من حيفا وبئر السبع وتل أبيب ومدن أخرى لأنهم معنيون بمنتجات طبيعية نظيفة".

وتطرق لفوائد زيت السمسم قائلا "يتعرف المواطنون على فوائد زيت السمسم عن طريق الإنترنت، ويقصدون المعصرة لاستخدامه دواء لما له من فائدة في توسعة الشرايين وإنعاش الذاكرة، كما أنه يساعد مرضى ضغط الدم والقلب لأنه يحتوي على دهون غير مشبعة".

وتابع قائلا "قديما كان في البلدة القديمة بالقدس 28 معصرة لزيت السمسم والطحينة، لكنها بدأت تغلق أبوابها واحدة تلو الأخرى، ولم توجد في الوقت الحاضر سوى اثنتين، بسبب غلاء سعر هذا الزيت واتجاه الناس أكثر نحو استخدام زيت الذرة رغم الأضرار الصحية التي تنتج عن استعماله".

وتنتج المعصرة أسبوعيا طنا واحدا، يتوزع على كافة المنتجات، وذلك لطول الوقت الذي تستغرقه الأفران والأحجار العربية في عملية التصنيع، بعكس الكميات الهائلة التي تنتجها المصانع الحديثة، وحسب إسحق الجبريني فإن الفرق يبدو واضحا في المذاق ولا يمكن مقارنة الطحينة المصنعة بالماكينات الحديثة بتلك المصنوعة بالطريقة العربية البدائية.

‪إسحق الجبريني يعمل في معصرته‬ (الجزيرة)
‪إسحق الجبريني يعمل في معصرته‬ (الجزيرة)

ولا يقتصر استخدام الطحينة على المأكولات والمقبلات، بل إنها تدخل في علاج التهابات اللثة وتشققات الشفاه والتهاب الحلق، كما تساعد في تقوية المناعة وزيادة قدرة الجسم على مقاومة الأمراض من خلال تنشيط خلايا الجسم المختلفة.

وتعد حبة البركة التي تنتجها المعصرة بشكل شبه يومي أحد أكثر المنتجات التي تلقى إقبالا من المواطنين، لما تحمله من فوائد عدة، أبرزها تخفيف الآلام، والمساعدة في التئام الجروح، ومقاومة السرطان وفقا لبعض الدراسات العلمية التي أشارت إلى فعالية حبة البركة ضد بعض أمراض السرطان كسرطان الأمعاء، إذ تعمل الحبة على وقف نمو الخلايا السرطانية ومنع انتشارها في الجسم.

وحول الصعوبات التي تواجه عمل المعصرة، أشار الجبريني إلى "الشروط التعجيزية التي تفرضها بلدية القدس، ففي السنوات الخمس الماضية قمت بإعادة إعمار المعصرة مرتين، وتكلفت مبالغ خيالية ورغم ذلك لم تعد بلدية القدس لنا رخصة مزاولة المهنة التي سحبتها قبل عشر سنوات بحجة أن المكان غير مؤهل لإنتاج المواد الغذائية".

وأضاف "نعاني من صعوبة في نقل المواد الخام للمعصرة وتوزيع المنتجات الجاهزة على الزبائن، لأن قانون البلدية يسمح بإدخال وإخراج البضائع قبل الساعة التاسعة صباحا أو بعد السادسة مساء فقط، بالإضافة إلى الضرائب الباهظة المفروضة على المحال التجارية بالبلدة القديمة، حيث ندفع سنويا 22 ألف شيكل ضريبة الأرنونا".

المصدر : الجزيرة