مسيرة أمل تتحدى الإعاقة بجنوبي مصر

الجزيرة نت-أسيوط

"أمل علي محمود" ليست مجرد فتاة في العشرينيات تترأس جمعية أهلية ناجحة، إذ تصنع ذلك دونما إمكانيات تذكر، بل وتتغلب على القيود الحكومية، وعلى عرف المجتمعات الريفية الصعيدية تجاه الأنثى في آن واحد، ثم تبهرنا بعشرات الأنشطة رغم إعاقتها الحركية، إذ إن إرادتها الصلبة وإيمانها بالقدر جعلاها أقوى من تلك الإعاقة المفاجئة، التي حدثت لها بعد عام ونصف العام من ولادتها.

لم تتوقف مسيرة أمل عند ما حدث لها، وتقول إن مشاعر ذوي الإعاقة بالغة الحساسية تجاه العمل، "إذ هو الشعور بالحياة وكسر عزلة الإصابة"، لذا حرصت عليه حتى لو اضطرها ذلك للسفر يوميا بضعة كيلومترات ذهابا وعودة من قريتها "المسعودي" في محافظة أسيوط بصعيد مصر.

تؤكد أمل للجزيرة نت أن أسرتها تحملت معها كثيرا من المعاناة، وتجاهلا معاً الكلمات المحبطة والتي تصل إلى اعتقاد البعض بأن على الفتاة المعاقة ألا تقوم بعمل كالأصحاء وأن تبقى في بيتها بانتظار الموت.

وأضافت "وهكذا انتهيت من الحصول على شهادة متوسطة، وعلى عشرات البرامج التدريبية وشهادات التميز، وخضت رحلة صعبة للبحث عن عمل في وسط يرفض غالبا تعيين ذوي الإعاقة، حتي وجدت فرصة عمل كسكرتيرة بجمعية خيرية، ومنها تطوعت في الاتحاد النوعي لجمعيات ذوي الإعاقة بإجراء أبحاث ميدانية عن حالات الإعاقة، لشعوري بلذة مساعدة أصحاب معاناتي، ثم عينني الاتحاد كسكرتيرة تنفيذية فكانت فرصة للتعرف أكثر على مختلف أنواع المعاناة وأسبابها".

‪أمل تسلم جوائز للأطفال الأيتام والمعاقين خلال إحدى المناسبات‬  (الجزيرة)
‪أمل تسلم جوائز للأطفال الأيتام والمعاقين خلال إحدى المناسبات‬  (الجزيرة)

توليد الطموح
وتكمل أمل "المحطة الأهم والفارقة في حياتي هي شعوري بعدم استفادة ذوي الإعاقة من تمويل الجهات المانحة، إذ يقتصر الأمر على ندوات ثقافية وتدريب ثم يتركون لمعاناة الوحدة والألم والبطالة في منازلهم، هذا مع رفض تمويل مشروعات لتشغيلهم وهو الأكثر أهمية، وهذا ما دفعني لتأسيس جمعية "الأمل" منذ بضعة شهور بجهود تطوعية كاملة، لتخدم قرى ومدن مراكز جنوب أسيوط، بهدف تشغيل ذوي الإعاقة وعلاجهم فضلاً عن توعيتهم بحقوقهم القانونية المهدرة.

والمثير أن أمل لم تكن تمتلك مالا عندما أقدمت على إنشاء الجمعية ولذلك قامت بنقل بعض الأثاث من منزلها إلى مقر الجمعية، وحصلت على جهاز حاسوب قديم من أخيها وعلى مكتب وبعض الكراسي من أخيها الآخر، بينما كانت الشقة التي تم استئجارها بمقابل زهيد لتصبح مقرا للجمعية شديدة التواضع لدرجة أنها خلت من توصيلات الكهرباء بل ومن طلاء الجدران.

مركز علاجي
وبعد البدء بالأساسيات تقول أمل إن الإشكالية الأكبر ظهرت عند الرغبة في تأسيس مركز علاج لذوي الإعاقة الذهنية، ولذلك اضطرت إلى اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي لجمع مقترحات من ذوي الخبرة وقدم بعضهم بالفعل أفكارا جيدة كما حدث مع أخصائي التأهيل وتنمية المهارات عبد الرحيم علي الذي نبهنا إلى أدوات بسيطة يتم تصنيعها بتكاليف بسيطة تكفل بها محبون للخير.

وتؤكد أن إنشاء المركز كان شديد الأهمية في محافظة كأسيوط يقطنها 1.5 مليون شخص بينهم عشرات الآلاف من ذوي الإعاقة خصوصاً الذهنية بسبب انتشار زواج الأقارب، موضحة أن البداية كانت بثلاثة أطفال وسرعان ما تزايد العدد ليتجاوز العشرين طفلا.

وبعد تزايد الأعداد تحولت الجمعية إلى إنشاء مشغل لصناعة المنسوجات وتشغيل الفتيات ذوات الإعاقة السمعية "الصم والبكم"، فضلا عن أنشطة عديدة للأطفال الأيتام ذوي الإعاقة "دون إغفال ما نراه محورا أساسيا لعملنا وهو النزول للقرى لتنفيذ حملات توعية لذوي الإعاقة بحقوقهم المهدرة".

المصدر : الجزيرة