"التبلدي".. الموت البطيء لشجرة مهمة بالسودان

شجرة تبلدي ميتة
إحدى أشجار التبلدي ذات الفوائد الكبيرة وقد سقطت ميتة (الجزيرة نت)

عماد عبد الهادي-ولاية غرب كردفان

تساؤلات كثيرة يطرحها السودانيون بولايتي شمال وغرب كردفان عن أسباب موت أشجار "التبلدي" التي تستخدم جذوعها لتخزين مياه الخريف الموسمية استعدادا لفصل الصيف، بالإضافة إلى بذورها "القنقليز" التي تستخدم في كثير من المجالات الطبية وغيرها.

ووجد المواطنون أنفسهم مجبرين على التعايش مع ما يرونه وأشجارهم تتساقط واحدة تلو الأخرى، دون أن يجدوا حلا أو تفسيرا لظاهرة وصفها بعضهم بأنها وبائية.

لكنهم يلفتون إلى احتمالات يعتقدون أن بإمكانها التأثير على الشجرة التاريخ -وفق وصفهم- مثل انتهاء أعمارها الافتراضية، أو أمراض جديدة غير معلومة المصادر أصابت جذوعها، أو تأثيرات الزحف الصحراوي الذي بدأ يطرق أبواب المنطقة.

ولم تعد التوأمات الزرقة والغبشة والحميري -وهي أسماء لثلاث تبلديات- كما هو حالها في السابق، إذ هوت الأخيرة الصغرى في ليلة يراها المواطنون حالكة السواد متأثرة بمرض لم يشاهدوه من قبل، بينما بدت الزرقة مستعدة للحاق بتوأمتها الثالثة بعد ظهور علامات جفاف واصفرار على جذعها وجذورها التي عادة ما تكون مكشوفة.

‪أشجار التبلدي تتساقط واحدة تلو الأخرى‬ (الجزيرة نت)
‪أشجار التبلدي تتساقط واحدة تلو الأخرى‬ (الجزيرة نت)

ويعتمد بعض المواطنين في ولايتي شمال وغرب كردفان بشكل كبير على أشجار التبلدي التي تعتبر الأضخم في العالم، لخزن ما بين عشرين إلى ثلاثين ألف لتر من مياه الخريف.

وبجانب خزن المياه تمثل الشجرة لسكان ذات المنطقتين مصدرا مهما لا يمكن الاستغناء عنه، خاصة بذورها (القنقليز) ذات القدرات العلاجية المعروفة كمضاد للكولسترول وبعض الأمراض الأخرى.

وينتظر المواطنون تحركا لمؤسسات حكومية معنية بالأمر لاكتشاف نوع المرض ووقف انتشاره بين تلك الأشجار الهامة، مشيرين إلى أهميتها لحياة الإنسان والحيوان أثناء فترة الصيف والجفاف.

تارس دومة محمد يعتقد أن مرضا غريبا بدأ يصيب أشجار التبلدي المعمرة، معتبرا انقراضها "نذير شؤم على المنطقة بأكملها".

شجرة تبلدي ما تزال واقفة ويُخشى عليها أن تموت كغيرها (الجزيرة نت)
شجرة تبلدي ما تزال واقفة ويُخشى عليها أن تموت كغيرها (الجزيرة نت)

ويقول للجزيرة نت إن العشرات من أشجار التبلدي سقطت خلال الفترة الأخيرة مخلفة مجموعة تساؤلات لم تجد الإجابة عليها بعد، مطالبا بإجراء دراسة لكشف المرض قبل موت الأشجار الأخرى.

ويؤكد محمد الذي ورث مع آخرين إحدى أشجار التبلدي، أن جذع الغبشة -وهو اسمها منذ زمن غير معلوم لديه- يمكن أن يخزن أكثر من خمسة آلاف لتر من مياه الأمطار لأجل استهلاكها في فترة الصيف.

أما الحاج فضل الله محمد فيتساءل إن كان بمقدور أي جهة تقديم المساعدة لوقف ظاهرة تساقط الأشجار الحالية، مبديا تخوفه من أن يكون ما يجري للأشجار "نذير للناس بقادم أسوأ".

‪رابح إبراهيم طالب بتحرك لخبراء مكافحة أمراض النبات لحل المشكلة قبل فوات الأوان‬  (الجزيرة نت)
‪رابح إبراهيم طالب بتحرك لخبراء مكافحة أمراض النبات لحل المشكلة قبل فوات الأوان‬ (الجزيرة نت)

واستشهد فضل الله بقلة الأمطار الموسمية هذا العام وجفاف مساحات كبيرة من الأرض، معتبرا أن ذلك "مؤشر ينادي الجميع أن انتبهوا".

ويؤكد للجزيرة نت أن عوامل الزحف الصحراوي التي بدأت تضرب المنطقة ربما يكون لها تأثيرها في التساقط الحالي للأشجار الهامة، داعيا إلى البحث عن حلول للمشكلة الحالية.

ويبدي رابح إبراهيم دهشته من موت أشجار التبلدي بهذه الكثافة التي قال إنها بدأت تخيف الجميع، متسائلا إن كان بمقدور الحكومة أو أي جهة دولية فعل شيء حيال الظاهرة.

ويقول إن الزحف الصحراوي والأتربة التي شهدتها المنطقة خلال ثلاث سنوات مضت نقلت الكثير من الأمراض لأشجار التبلدي، مطالبا في حديثه للجزيرة نت بتحرك لخبراء مكافحة أمراض النبات لحل المشكلة قبل فوات الأوان.

المصدر : الجزيرة