تركيا تحتفل بالمولد النبوي بالميلادي

خليل مبروك-إسطنبول

تحتفل تركيا بالمولد النبوي الشريف وفق التقويم الميلادي، وتنتشر الفعاليات والأنشطة العامة في جميع مناطق الجمهورية خلال أبريل/نيسان من كل عام، بخلاف ما جرت عليه العادة في أغلب الدول الإسلامية التي تحتفل بهذه المناسبة في الـ12 من ربيع الأول من السنة الهجرية.

وحملت فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي التي انطلقت يوم 20 من الشهر الجاري عنوان "الأخوَّة" باعتبارها واحدةً من القيم التي كرستها سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ليسير عليها المسلمون في كل بقاع العالم.

واحتشد آلاف الأتراك في ميدان زيتون بورنو بمدينة إسطنبول أمس الأحد، في فعالية احتفالية تخللتها الأهازيج والمدائح النبوية، والعديد من كلمات الثناء على الرسول محمدٍ (عليه السلام).

‪‬ كتب ومنشورات عن سيرة النبي محمد (عليه السلام) تباع خلال الاحتفال(الجزيرة)
‪‬ كتب ومنشورات عن سيرة النبي محمد (عليه السلام) تباع خلال الاحتفال(الجزيرة)


بالتقويم الميلادي

وقال المؤرخ التركي نظام الدين إبراهيم أوغلو إن الاحتفال بالمولد النبوي وفق التقويم الميلادي تقليد قديم، يرجع إلى عهد الملك مظفر الدين التركماني الذي حكم ولاية أربيل بالعراق بعد سقوط الدولة السلجوقية، حيث أقام الاحتفال الأول بالمولد النبوي عام 1190، واستمر هذا التقليد بعد وفاته مطلع ثلاثينيات القرن الـ13 الميلادي، مروراً بالعهدين العباسي والعثماني.

وأضاف أوغلو -في حديث للجزيرة نت- أن تاريخ 20 أبريل/نيسان بقي معتمداً كموعد لاحتفالات تركيا بالمولد النبوي في العصر الجمهوري بمبادرات من المجتمع التركي، بالنظر إلى أن النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) ولد بتاريخ 20 أبريل/نيسان من عام 571 الميلادي.

ويؤكد أن تركيا وبكافة مذاهبها وقومياتها وأطيافها مجمعةٌ على اعتماد هذا التاريخ للاحتفال بالمولد النبوي، بمشاركة التركي والكردي والعربي، وأتباع المذاهب السنية والعلوية والبكتاشية والشيعية، والأحزاب الإسلامية والليبرالية والاشتراكية والشيوعية.

ويرد أوغلو السبب في الإجماع التركي على هذا التاريخ إلى أن 99% من الشعب التركي مسلمون، وهم متفقون على إحياء ذكرى مولد نبيهم، وإن اختلفت أشكال هذا الاحتفال.

 

فعاليات متنوعة
ويشهد أسبوع فعاليات المولد النبوي العديد من الأنشطة التي تبدأ بقراءة القرآن الكريم، ثم بتبادل التهاني والتبريكات بين الأصدقاء والأقارب سواء بالتلفون أو البريد الإلكتروني أو الزيارة.

ويشير المؤرخ المقيم بمدينة بورصة إلى أن مساجد تركيا تزدحم بالمصلين بعد صلاة العشاء، والذين يحضرون للاستماع إلى سيرة النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) في ذكرى مولده.

وينشط رواد الجمعيات الدينية والروابط الدعوية في توزيع الكتب والمذكرات التي تتحدث عن سيرة النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) في هذا الموعد، بينما تزدحم الساحات العامة التي تقام فيها الاحتفالات بباعة الطعام والحلوى الذين يقدمونها للمحتفلين بأسعارٍ مخفضة تأسياً بصفة الكرم التي أثرت عن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم).

عنوان الأخوّة
وفي السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ عام 1989، دأبت رئاسة الشؤون الدينية على تنظيم الاحتفالات تحت عنوان "الاحتفال الأسبوعي بمولد نبينا محمد (عليه السلام) والذي تبدأ فعالياته يوم 20 أبريل/نيسان وتختتم في 27 منه، في مختلف أرجاء المحافظات التركية، حيث تحمل الاحتفالات عنواناً يتم اختياره سنوياً لتثبيت معاني سيرة النبي محمد (عليه السلام) في نفوس أتباعه.

كورينمار: الأتراك يتعاطفون مع قضايا العالم العربي من منطلق الأخوة (الجزيرة)
كورينمار: الأتراك يتعاطفون مع قضايا العالم العربي من منطلق الأخوة (الجزيرة)

ويشير أوغلو إلى أن اعتماد شعار الأخوَّة عنواناً لاحتفاليات هذا العام يحمل مدلولات سياسية تهدف إلى توحيد صفوف المسلمين، مشيراً إلى كثير من التجمعات التي ظهرت في التاريخ التركي تحت هذا المسمى.

وذكر الشيخ محمد إشيك (أحد المشاركين بمهرجان المولد النبوي بميدان زيتون بورنو) أن اختيار التسمية ينسجم مع روح الأخوة التي تجمع مكونات المجتمع التركي كافة، مشيراً إلى أن الاحتفال بالمولد النبوي يبعث على امتثال قيم الإسلام التي أرساها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن المسلمين "مطالبون بتكريس كافة القيم كالرحمة والتآلف والإحسان إلى بعضهم البعض".

ورفع عشرات المشاركين في حفل مهرجان المولد النبوي الأعلام السورية، في حين انتشرت شارات "رابعة" المصرية، وأعلام فلسطين بكثافة بين الحضور.

وقال إبراهيم كورينمار (طالب جامعي حضر المهرجان) للجزيرة نت إن الشعب التركي يتعاطف مع قضايا مصر وسوريا وفلسطين بناء على رابطة الأخوة التي كرسها النبي محمد (عليه السلام) بين المسلمين، مضيفاً أن تركيا التي يحمل أكثر من 15 مليونا من أبنائها أسماء اشتقت من كلمة محمد، مدينة للرسول بالهداية للإسلام.

المصدر : الجزيرة