جائزة لعصا فلسطينية للمكفوفين

أسيل أبو ليل ونور عارضة وأسيل الشعار

أسيل أبو ليل ونور عارضة وأسيل الشعار يستعرضن إنجازهن (الجزيرة نت)

ميرفت صادق-رام الله

بفضل ثلاث مبتكرات فلسطينيات صغيرات، أصبح بإمكان الكفيفين وضعيفي البصر، استخدام عصا إلكترونية خاصة تقيهم عثرات الطريق من حفر ومعيقات أخرى، أو صعود درج أو سلوك طرق غير مألوفة لهم.

والعصا التي أطلق عليها اسم "step tec" طورتها على مدى شهرين نور عارضة وأسيل الشعار وأسيل أبو ليل، وهن في الصف التاسع في مدرسة مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية، وباتت تمثل أهم تقنية لمساعدة المكفوفين منذ اكتشاف عصا الإرشاد عام 1970.

وفي زيارة لمدرسة بنات مخيم عسكر في آخر دوامها المدرسي، كانت الطالبات أسيل أبو ليل وأسيل الشعار ونور العارضة منهمكات في امتحاناتهن النهائية، بينما علقت العصا المبتكرة كأهم منجزات المدرسة الواقعة وسط مخيم يسكنه قرابة 15 ألف لاجئ معظمهم هجروا من قضاء يافا عام 1948.

وفاز مشروع الفتيات الثلاث بجائزة الابتكارات التكنولوجية من شركة "إنتل" الأميركية في معرض العلوم والتكنولوجيا بكاليفورنيا في مسابقة ضمت 56 دولة بينها ست عربيات، وحصلت المبتكرات الصغيرات على تكريم من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

العصا تحوي مجسات تصدر إشارات تحذيرية للكفيف (الجزيرة نت)
العصا تحوي مجسات تصدر إشارات تحذيرية للكفيف (الجزيرة نت)

حافز إنساني
وعن خلفية ابتكار هذه العصا، تقول مشرفة المشروع المعلمة جميلة خالد في تصريح للجزيرة نت، إن الحافز الإنساني هو ما حث الطالبات على الذهاب نحو تطوير عصا الإرشاد للمكفوفين.

وحسب جميلة فإن نسبة المكفوفين في المجتمع الفلسطيني لا تختلف عن المجتمعات الأخرى، لكن المختلف هنا أنهم لا يتلقون أي نوع من المساعدات مقابل البيئة الصعبة التي يعيشونها.

ومن المعلوم أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين عموما تعاني من بنية تحتية معدومة تقريبا، في ظل تقليص الأموال المخصصة لدعم السكان هنا بسبب تراجع ميزانيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وتوضح الطالبة أسيل الشعار تقنية تطوير العصا، مبينة أنها مزودة بمجسات تطلق إشارات تحذيرية "رجاجة" ناتجة عن إرسال أشعة تحت الحمراء.

وخصصت هذه التقنية، وهي القيمة المميزة للمشروع، لمساعدة الكفيف الذي يعاني أيضا من إعاقة مركبة "فقدان البصر والسمع معا" حيث يشعر بإنذار رجّاج في يده بمجرد وصوله إلى منطقة فيها عثرات أو حفر أو خلال صعود ونزول الدرج.

وتعطي العصا إنذارات صوتية مختلفة النغمات في حالات وجود عوائق أمام الكفيف أو حفر، وهي عصا خشبية جوفاء خفيفة الوزن لا يشكل حملها عبئا على الكفيف، ومغلفة بشريط عاكس يلفت انتباه المركبات المسرعة.

نور عارضة: فوز العصا وسفرنا إلى الولايات المتحدة أضاف لنا الكثير (الجزيرة نت) 
نور عارضة: فوز العصا وسفرنا إلى الولايات المتحدة أضاف لنا الكثير (الجزيرة نت) 

خيبة وآمال
ورغم حالة الاحتفاء التي لاقتها الفتيات الثلاثة، إلا أن مسحة من الخيبة بدت في أحاديثهن وهن جالسات في مختبر العلوم البسيط بمدرستهن، حيث إن المشروع مع أهميته لم يجلب حتى الآن من يتبناه وينتجه بكميات تجارية يستفيد منها المكفوفون في كل العالم.

وتضيف المعلمة المشرفة جميلة خالد أن تكلفة إنتاج العصا الواحدة تقدر بين 150 و200 دولار، وهو أمر بسيط إذا ما قورن بالأجهزة الإلكترونية التي تقدم خدمات أكثر بساطة منها.

ولم تقتصر فائدة المشروع المطور على المكفوفين المستفيدين منه، بل ساهم حسب الفتيات الثلاث في تغيير حياتهن، وزاد مهاراتهن العلمية والبحثية.

وتقول نور عارضة إن تجربة المشروع وفوز العصا المطورة وسفرهن إلى الولايات المتحدة أضافت لها كثيرا من حيث التعرف على تقنيات تطوير الأفكار، كما زادت شخصيتها قوة.

وفيما كانت نور تفكر سابقا باستكمال تعليمها العالي في مجال الهندسة والمعلوماتية، تقول إنها باتت تشعر أنها قادرة على تقديم جديد لكل محتاج.

وبعد وفاة عمتها بمرض السرطان، قررت نور أن تمضي في مجال الأبحاث المختصة بعلاج هذا المرض لعلها تساهم في إنقاذ أرواح كثير من المصابين به.

أما أسيل أبو ليل، التي تخطط لدراسة طب النساء، فتقول إن المشروع كان فرصة ليرى من خلاله العالم قدرة الفلسطينيين على النجاح والابتكار إذا توفرت لهم الظروف.

وتستكمل أسيل الشعار سلسلة طموحاتها بالقول إنها تفكر اليوم بدراسة "هندسة الجينات" الذي "هو موضوع صعب، لكنني لا أعتقد أن هناك صعبا على عقل الإنسان إذا توفرت له الإمكانية".

المصدر : الجزيرة