فرح الزمان أبو شعير-طهران
طغى اللون الأحمر على أسواق العاصمة الإيرانية أمس الثلاثاء، حيث ملأ البطيخ والرمان عربات الباعة في الشوارع، واصطف الناس في طوابير لشراء الحلويات والمكسرات الخاصة بـ"ليلة يلدا".
وتعتبر "ليلة يلدا" -أو "شب يلدا" كما يقال في إيران- أطول ليلة في العام وتوافق الانقلاب الشتوي، وأصبح إحياؤها اليوم محصوراً في الإيرانيين، بعد أن كانت مناسبة خاصة بالشعوب الآرية منذ أكثر من أربعة آلاف عام.
ورغم توالي الحكومات على هذه الشعوب، فقد بقي هذا الطقس حاضراً في إيران، بسبب تشجيع حكومة الشاه محمد رضا بهلوي لكل الأعياد المتعلقة بالأساطير الفارسية، وبقيت ذات أهمية لدى جميع الإيرانيين حتى في ظل الحكومة الإسلامية.
أسطورة
قراءة "فال حافظ" من طقوس السهرة (الجزيرة نت)
ويتابع لقمان أن "الشمس مصدر النور والخير تخوض حرباً مع الظلام الذي يرمز للشر، لتكتسب القوة في النهاية وتحسم المعركة لصالح الخير، ليبدأ فصل الشتاء ويزداد النهار طولاً ويقصر الليل".
ويعتبر الإيرانيون أن "شب يلدا" هي ليلة ولادة أخرى لآلهة المحبة "ميترا"، كما أنها توافق ليلة ولادة السيد المسيح عليه السلام حسب تقويم الكنيسة الشرقية، ليعتبروا هذه الليلة هي بمثابة "كريسماس فارس القديمة"، حسب لقمان.
طقوس
تبدأ مراسم إحياء الليلة بعد العشاء، وتجتمع العائلة في منزل الجد لتحيي الطقوس المتعارف عليها، التي تبدأ بتجمهر الحاضرين حول طاولة امتلأت بالحلويات والمكسرات حلوة المذاق الخاصة بـ"يلدا"، والفاكهة الحمراء كالرمان والبطيخ.
الأطفال يشاركون أيضا في الليلة الأسطورية (الجزيرة نت)
وبعد هذا تبدأ الجدة في سرد حكايات الزمن القديم، ليتبعها الجد بقراءة شعرية لأساطير فارسية وملاحم إيرانية من كتاب "سيرة الملوك" أو "الشاهنامة" للفردوسي، ليمر الوقت خلال الليلة الأسطورية للتذكير بما مضى ليحفر في الذاكرة.
وتبقى للشاعر العرفاني الكبير حافظ الشيرازي المكانة الأبرز، فيبدأ أحد أفراد العائلة بقراءة "فال حافظ" لجميع أفراد العائلة, ليسمعوا طالعهم للأشهر الثلاثة المقبلة قبل رأس السنة الهجرية الشمسية الجديدة.
وبعد نهاية الليلة، يبقى الجميع منتظراُ الشمس لتصنع يوماً مشابه، يسمى في إيران اليوم الجديد أو "النوروز"، لتبدأ معه سنة إيرانية هجرية شمسية جديدة.