الخادمات في لبنان يواجهن سيلا من الانتهاكات

REUTERS/ A foreign domestic worker is seen at a shelter run by a non-profit organization "Caritas" in Dora, east of beirut in this December 3, 2008 photo. The Shelter hosts migrant women

خادمات يقمن حاليا في ملجأ لمنظمة كاريتاس الخيرية أنشئ في حي الدورة ببيروت(رويترز)

في أحد المستشفيات الحكومية اللبنانية ترقد خادمة إثيوبية تلتف حول جروحها الضمادات بعد سقوطها من شرفة بالطابق الـ12 جراء دفعها من قبل مستخدمتها اللبنانية، حسب قولها.

وقالت المرأة -وهي في الـ25 ورفضت بشدة نشر اسمها- إن السيدة طلبت منها نشرالملابس "ثم جاءت ودفعتني من الخلف"، مضيفة أن مستخدمتها هددتها وارتكبت انتهاكات كثيرة بحقها.

وأضافت المرأة، التي لا تزال آثار الكدمات على وجهها بعد مرور شهر، أن السيدة كانت تقول لها "سوف أسكب زيتا ساخنا عليك، وهو ما دفعني لإخفاء الزيت". وتابعت "كانت تلوح بسكين مهددة بقتلي، كانت تضربني بالأحذية، وتشد شعري وتجرني على الأرض".

وتقول منظمة مراقبة حقوق الانسان "هيومان رايتس ووتش" ومقرها نيويورك إن خادمة واحدة تموت انتحارا أسبوعيا أو جراء السقوط أثناء الفرار من مستخدميهن أو بسبب عدم تلقي العلاج من الأمراض في بلد يقدر عدد خادماته الأجنبيات بنحو 200 ألف ونادرا ما يحاكم المستخدمون.

وتضيف المنظمة أن الخادمات في لبنان كما هو الحال في أماكن أخرى بالشرق الاوسط وآسيا عرضة للضرب والاغتصاب وحتى القتل بسبب نقص القوانين الوطنية اللازمة لحمايتهن من مستخدميهن الذين يرتكبون انتهاكات بحقهن.

"
خادمات كثيرات محرومات من العطلات الأسبوعية ويعملن لما يصل الى 18 ساعة ويبقين حبيسات المنازل حيث يغادرها بعضهن فقط إما للتسوق أو لمرافقة الكلب في نزهته
"

والخادمات المقيمات من الثوابت بين الأسر اللبنانية الميسورة منذ سنوات، وعادة يقمن بكل شيء من الأعمال المنزلية الشاقة إلى تربية الأطفال أو المساعدة في حل الواجبات المدرسية.

لا عطلات
وكثيرات منهن محرومات من العطلات الأسبوعية ويعملن لما يصل إلى 18 ساعة ويبقين حبيسات المنازل حيث يغادرها بعضهن فقط إما للتسوق أو لمرافقة الكلب في نزهته.

ويدفع المستخدمون -الذين يصادرون جوازات سفرهن عادة لمنعهن من الهرب- راتبا شهريا للخادمات يتراوح بين 150 و250 دولارا. ويتوقف المبلغ على الجنسية, لكن الكثير من المستخدمين لا يدفعونه ويرتكب بعضهم انتهاكات لفظية وجسدية بحق العاملات عندهم.

وأكد كبير الباحثين بمنظمة مراقبة حقوق الإنسان نديم حوري أن العاملين بالمنظمة شهدوا الكثير من الحالات، حيث يضرب المستخدم أو يصفع عاملة حين ترتكب خطأ مثل كسر طبق أو كي قميص كيا سيئا أو حرق بعض الطعام أثناء الطهي.

وحين تمر خادمة بمحنة تتطلب مساعدة سفارة بلادها يكون العاملون فيها عادة غارقين في العمل، فعلى سبيل المثال يتولى شخصان في سفارة سريلانكا أمور 80 ألف عامل من بلادهم.

ويعري فيلم وثائقي لكارول منصور أنتج بالتنسيق مع منظمة العمل الدولية هذه القضايا وعنوانه "خادمة في لبنان الثاني: أصوات من داخل المنزل".

"
حين تمر خادمة بمحنة تتطلب مساعدة سفارة بلادها يكون العاملون فيها عادة غارقين في العمل، فعلى سبيل المثال يتولى شخصان في سفارة سريلانكا أمور 80 ألف عامل من بلادهم
"

وساعدت منظمة العمل الدولية وجماعات أخرى في إنشاء لجنة بوزارة العمل اللبنانية لمحاولة تحسين أوضاع خادمات المنازل.

ومن بين الاقتراحات المطروحة صياغة عقد موحد ينص على حقوق وواجبات المستخدمين والعمال على حد سواء، وإضافة مواد قانونية لضمان حقوق العاملات.

قصة أندراني
وعاشت السريلانكية أندراني (27 عاما)18 شهرا في دار إيواء تديرها جماعة كاريتاس الخيرية بعد أن فرت من مستخدمتها التي كانت تسيء معاملتها.

وقالت "كنت أحصل على راتبي لمدة عام ونصف العام، ثم لم أحصل على راتبي للأعوام الثمانية التالية، وحين كنت أطلب المال كانت السيدة تسبني وتقذف الأكواب الزجاجية على الحائط لتكسرها وكانت تتحدث لي كأنني حمارة".

وأضافت والدموع تنهمر من عينيها "لم أكن أحصل إلا على بعض الخبز والأرز، أما الفاكهة فكانت ممنوعة, كنت أستيقظ في التاسعة صباحا وأنام في الرابعة والنصف أو الخامسة صباحا لم يكن مسموحا لي التحدث إلى والديّ اللذين اعتقدا أنني مت".

المصدر : رويترز