فضلات الزيتون تهدد البيئة في لبنان

حمولة زيتون - الجزيرة نت
يزرع الزيتون بوفرة في الجنوب اللبناني (الجزيرة نت)

                                            نقولا طعمة-لبنان

 
يواجه لبنان مشكلة تلوث خلال موسم قطف الزيتون بسبب سوء التخلص من فضلاته. ومع تطور زراعة الزيتون، وانتشارها الكبير في لبنان، تفاقم انعكاس المشكلة على البيئة، والصحة والمياه الجوفية.
 
والزيتون يطحن ويكبس بآلات عالية الضغط، وهذه الطريقة تقليدية تفصل الخشن منه عن السائل.
 
الخشن منه يدعى "الجفت"، ويشكل 40% من الزيتون. والسائل يتكون من مزيج من الزيت والمياه، ومادة تعرف بـ"الزيبار"، وهو العنصر البُني العالي الحموضة. ويشكل خليط المياه والزيبار 40% من الزيتون، بينما يشكل الإنتاج المفيد الذي يسعى الإنسان له 20%.
 
تُكوّم فضلات الجفت في العراء، فيتفاعل مع الهواء، ويتحمض، ويسبب روائح كريهة. وقد اعتاد أصحاب المعاصر على التخلص منه ببيعه بأسعار زهيدة لمصانع الصابون.
 
والزيبار يجمع في حفر مكشوفة تحت أشعة الشمس لتبخير المياه، فيبقى الزيبار المكثّف، وبعد امتلاء الحفر، يرمى في البساتين، ومجاري المياه، والبحر. ويتسرب أحيانا كثيرة إلى المياه الجوفية، فيلوثها، وتتعطل صلاحية استخدامها.
 
تصريف الفضلات
وظهرت مبادرات بدائية للتخلص من الفضلات، لكنها بقيت في الإطار الفردي. ويزرع الزيتون بوفرة في الجنوب اللبناني، وأكثر المناطق تعرضا للتلوث نهر حاصبيا بسبب وفرة الإنتاج.
 
ويقول رئيس بلدية حاصبيا كامل أبو غيدا للجزيرة نت، إن مساحات الزيتون في بلدته ومحيطها هي 12 كيلومترا مربعا، وفيها 12 معصرة تخلّف زهاء عشرة آلاف متر مكعّب من الزيبار.
 
ويضيف "أضرار الزيبار متعدّدة، كطبقة تطفو على المياه، فتعزل الأوكسجين، وعند استخدام المياه الممزوجة به في الري، يتلف النباتات والأشجار بسبب ارتفاع نسبة حموضته إلى 150 مرة أكثر من مياه الصرف الصحي".
 
ويأمل أن تحل المشكلة العام المقبل عبر هبة ألمانية بمبلغ 200 ألف يورو تمكّن بلديته من إنشاء مصرف متطور.
 
وفي الشمال تكثر مساحات الزيتون في كافة الأمكنة،  ويتسرب الزيبار إلى المياه الجوفية، خصوصا في محيط مدينة طرابلس، فيلوّث مياه الشفة طيلة الموسم الممتد على أشهر الخريف الثلاثة. أما في الأرياف فلا تزال الأنهار ومجاري المياه أماكن مفضلة للتخلص من الزيبار.
 
عملية فرز وعصر الزيتون (الجزيرة نت)
عملية فرز وعصر الزيتون (الجزيرة نت)

واتخذت السلطات المختصة منذ خمس سنوات مبادرة نظمت فيها نقل الزيبار بواسطة ناقلات إلى البحر لرفع الضرر عن المياه الجوفية. وما لبثت الخطة أن توقفت بعد سنتين من تطبيقها.

 
ويقول إلياس عيناتي -وهو صاحب معصرة في الكورة الشهيرة بكثافة زيتونها- إنه لا يزال ملتزما بخطة السلطات، ويدفع خمسين دولارا لقاء كل نقلة من الزيبار كل يومين. لكنه لا يؤكد التزام المعاصر الأخرى بالخطة. ولذلك تستمر السيول السوداء القاتمة متسرّبة في المجاري المعتادة، وإلى باطن الأرض.
 
ويقول مدير مصفاة مياه طرابلس كمال مولود للجزيرة نت إن "قلة الأمطار تركت فرصة واسعة لطبقات الأرض العليا لامتصاص الزيبار فلم نلاحظ تلون المياه، خصوصا أن الموسم كان وسطا هذا العام".
 
ويتحدث جوزيف خوري وهو صاحب معصرة حديثة عن جديد في فرز معصرته للزيتون إلى زيت وخليط من فضلات السوائل والجفت مما يخفف من مشكلة الزيبارالذي يظل ممزوجا بالجفت.
 
وقال إن طبقة رقيقة من الزيبار تُرش لإتلاف الحشائش البرية بما لا يؤذي الأشجار، وما يتبقى يكون ضرره خفيفا.
 
الجفت وقود 
وبرزت في السنوات الأخيرة تقنية لتصنيع الجفت وتحويله بالضغط إلى وقود تدفئة. وتنتشر هذه التقنية في الجنوب أكثر من بقية المناطق، ويقول المهندس الزراعي قاسم حسن، صاحب مصنع لتحويل الجفت، للجزيرة نت إن "تحويل الجفت إلى وقود يؤمن تدفئة بأسعار منخفضة، ويحل مشكلة التلوث، ويخفف من قطع الأشجار".
 
ويوضح أن معدّل استهلاك المنزل للوقود هو طن ونصف سنويا على ارتفاع 500 متر، ثمنها يقارب 220 دولارا، في حين يكلّف المازوت نحو600 دولار.
 
 
المصدر : الجزيرة