الديناصورات وأسلافها تزامن وجودها على الأرض

ديناصور

 
 

مازن النجار

اكتشفت مؤخرا حفرية شبه ديناصورية بولاية نيومكسيكو الأميركية تعود إلى العصر الترياسي أو الثلاثي، أقدم عصور الدهر الوسيط وفيه سادت الزحافات الأرض وبدأ ظهور الثدييات.

وأشعل هذا الاكتشاف مرة أخرى نقاشا علميا حول الزمن والكيفية التي سيطرت بها الديناصورات الحقيقية الأولى على قمة التسلسل الغذائي.

في تاريخ الأرض السحيق يعتبر العصر الترياسي واحدا من أكثر العهود اضطرابا، لأنه يؤشر على الانتقال من العصر البرمي (العصر الأخير من الدهر القديم ويعود إليه آخر بقايا حيوانات ذلك الدهر) إلى العصر الجوراسي أو الجوري الذي شهد انفجارا في التنوع الحيوي.

وخلال العصر الترياسي هيمنت على الكوكب القارة العملاقة "بانغايا" (Pangaea) التي نشأ عنها كل القارات المعروفة اليوم، وأثرت على مناخ العالم على نحو مختلف تماما.

بيد أن الجدير بالملاحظة لدى علماء الحياة البائدة أنهم عندما يتناولون العصر الترياسي لا يفوتهم الحديث عن جائحة حيوية كارثية لا تزال بدون تفسير، وأدت إلى اختفاء نحو 96% من الأحياء والأنواع البحرية و70% من أنواع الفقريات البرية. ويسمى هذا الانقراض الهائل أحيانا "الموت العظيم" وقد حدث قبل نحو 251 مليون سنة.

احتاج التنوع الحيوي في الأرض لنحو 6 ملايين سنة للتعافي من الكارثة، وهذا يعني أنه قبل نحو 215 مليون سنة عندما مات الحيوان الذي اكتشفت بقاياه المتحجرة مؤخرا في نيومكسيكو، كانت الحياة على الأرض مزدهرة مجددا بأنواع جديدة من حيوانات أقوى هيمنت على اتساع هائل للمحيطات والغابات المدارية الخضراء التي انتشرت فتجاوزت المداريات بكثير.


البقاء للأصلح
كانت مفاجأة حفرية نيومكسيكو أن أنواع الحيوانات "الأقدم" من الديناصورات -ويُظن أنها انقرضت خلال "الموت العظيم"- استمر بقاؤها بجانب أقاربها "الجدد" والأفضل تكيفا، أي الديناصورات.

ويُعتقد أن الديناصورات الحقيقية الأولى ظهرت منذ 230 مليون سنة بعد انقراض الموت العظيم في العصر الترياسي بنحو 20 مليون سنة، ولم تكن بعظمة الانطباعات التي توحي بها أفلام هوليود.

فأحد أسلاف الديناصور المسمى إيورابتر (Eoraptor) كان في حجم كلب العصر الحديث، ولم يكن مفترسا رغم أنه كان يستهلك اللحوم. لكنْ لأن هيكله العظمي يظهر بعض الملامح الهيكلية المتقدمة، يُتوقع العثور في المستقبل على بقايا ديناصورات أقدم.

تظهر حفرية نيومكسيكو -العائدة إلى 215 مليون سنة ماضية- أن الديناصورات احتاجت إلى زمن أطول لتنفصل عن أسلاف أدنى مستوى بيولوجياً وتغزو التسلسل الغذائي، خلال العصر الجوراسي.

ويعتقد معظم علماء الحياة البائدة أن الحيوانات التي كانت أصل سلالات الديناصورات مثل إيورابتر قد قمعت بواسطة أقاربها التي تطورت إلى ديناصورات، بناء على مبدأ "البقاء للأصلح". لكن ما تم اكتشافه مؤخرا يفضي إلى أنه قد تزامن وجودهم لفترة تتراوح بين 15 و20 مليون سنة فقط.

يقول عضو فريق البحث رَندل إرمِس من جامعة كاليفورنيا-بيركلي، إنه عندما ظهرت الديناصورات بادئ الأمر لم تكن شائعة وكانت صغيرة فعلا، أي أنها لم تكن أبدا مخلوقات مفترسة مهيمنة على الأرض خلال معظم العصر الترياسي. ولم ينفجر وجودها من حيث التنوع والأحجام الهائلة التي نعرفها حتى دخول العصر الجوراسي.

المصدر : الجزيرة