سخونة الأرض تمنع غرق القارات

سخونة الأرض تمنع غرق القارات

مازن النجار

 

وجدت دراسة أميركية أنه لولا التسخين الداخلي لقشرة الأرض لغرقت معظم أميركا الشمالية تحت مياه المحيط، وهو اكتشاف قد يحسن فهم العلماء للقوى الطبيعية التي تحرك الألواح التكتونية للأرض، وهي عملية تتحرك بموجبها القارات عبر سطح الكوكب، وفقا لما أوردته "سيانس ناو" و"ناشيونال جيوغرافيك" وغيرهما.

أجرى الدراسة ديريك هاستَروك وديفد تشابمان الباحثان في الجيولوجيا وفيزياء الأرض بجامعة يوتاه بمدينة سولت ليك سيتي. ونشرت إلكترونيا بـ"مجلة الأبحاث الجيوفيزيائية" المتخصصة.

والمعلوم جيولوجيا أن القارات هي قطع هائلة من الصخر تطفو فوق طبقة أرضية شبه منصهرة تسمى الغطاء أو الغلاف، وتقع تحت القشرة الأرضية.


ألواح قارية
ويظن العلماء أن ارتفاع أو انخفاض الألواح القارية يعود جزئيا إلى كثافة وسماكة هذا الصخر، وإلى تأثير السخونة التي تفيض من الغلاف شبه المنصهر. ففي مناطق الأرض الساخنة يتمدد الصخر بسبب السخونة حيث يجعله أقل كثافة، مما يمكن أن يكون لو لم تكن سخونة.

وقد تمكن علماء من رصد تأثيرات التسخين على قاع المحيط بسهولة معقولة لأنه منتظم التكوين بدرجة معقولة أيضا. فالصخر السميك الساخن في مناطق وسط المحيط يرتفع عاليا، أما المناطق البعيدة عن تلك الارتفاعات والأكثر كثافة وبرودة فهي تجثم عميقا تحت سطح الماء.

والجدير ذكره أن تعبيري "بارد" و"ساخن" نسبيان جدا. فالبارد هنا يتراوح بين 500 و600 درجة مئوية (900 درجة فهرنهايت)، بينما يقدر الساخن بنحو 1000 درجة مئوية (1800 درجة فهرنهايت).

درس الباحثان القوى المحددة لارتفاع لوح قاري واحد (أميركا الشمالية)، وحسبا تأثير التسخين الأرضي بدقة كبيرة. وقد فعلا ذلك بتحليل البيانات الزلزالية السابقة، واختبار تأثير الموجات الزلزالية بالمختبر على عينات صخر بكثافات وتكوينات متفاوتة ودرجات حرارة موجودة في القشرة الأرضية.


الكثافة والحرارة
وجد الباحثان أن نصف طفو (ارتفاع) أميركا الشمالية يعود إلى درجة حرارة القشرة الأرضية، بينما يعود النصف الآخر من الطفو إلى كثافة وتكوين القشرة، كما كان متوقعا.

وخلصا إلى أن القشرة الأرضية يتم تسخينها بشكل رئيسي بسبب انحسار المعادن النشطة إشعاعيا، وانتقال الحرارة من غلاف الأرض إلى قشرتها. فالسخونة تسبب تمدد صخر القشرة الأرضية، ما يجعله أخف وزنا ويسمح له بالطفو عاليا.

وقد تمكن الباحثان من حساب ارتفاعات العديد من حواضر أميركا الشمالية بدون تأثير التسخين الأرضي، فوجدا أنها تجثم تحت سطح الماء بمئات الأمتار. فمثلا، ستغرق نيويورك تحت سطح المحيط بحوالي 435 مترا، ونيوأورلنز 736 مترا، ولوس أنجلوس 1145 مترا.

أما دنفر الواقعة الآن على ارتفاع 1600 متر فوق سطح البحر فستغرق تحت الماء بحوالي 222 مترا. بل سيكون معظم القارة تحت مستوى سطح البحر عدا جبال الروكي، وسييرا بولاية نيفادا، وشمال غرب القارة.

يعكف الباحثان حاليا على تطبيق نموذجهما التحليلي على قارات أخرى للتأكد من سلامة النتائج وتماسكها علمياً. والحقيقة أن لا داعي للقلق من حدوث برودة للأرض، بحيث يضطر البشر للجوء إلى قمم جبال تعصمهم من طوفان الماء، فذلك يحتاج إلى ملياري سنة قبل حدوثه.

المصدر : الجزيرة