عطا الله الدمشقي علّم براغ القهوة وأصول الضيافة العربية

صورة للمقهى في وضعه الحالي من الداخل

صورة للمقهى من الداخل بشكله المعاصر (الجزيرة نت)

                                                        أسامة عباس–براغ

 

وصل عطا الله الدمشقي السوري الأصل إلى براغ قادما من النمسا عام 1703 ليقيم فيها ويدخل التاريخ مخلدا اسمه في أقدم حي وسط العاصمة التشيكية التي ما زالت تنسب إليه الفضل لكونه أول من عرف شعبها بالقهوة وكرم الضيافة العربية الأصيلة.

 

بدأت قصة هذا التاجر عندما أعجب ببراغ وبالحي الذي يحمل اسم "كارلوفا" المكتظ بالسواح من جميع أنحاء العالم، وذلك لقربه من أشهر معالم المدينة وأجملها وهو جسر كارل المعروف باسم تشارلز والساعة الفلكية القديمة وسط المدينة.

 

ولم يكن عطا الله حينذاك يعلم أن اسمه سيدخل التاريخ عندما كان يقف طوال النهار في شارع كارلوفا بلباسه العربي الذي كان يميزه عن كل الناس حاملا على كتفه وعاء كبيرا من القهوة التي لم يكن يعرفها أحد في تلك الفترة.

 

وبعد أن كان يقدم القهوة للمارة بدون مقابل، افتتح الدمشقي مقهى عام 1714 أطلق عليه اسم "مقهى جسر البرج" ليصبح زواره في البداية من المثقفين والسياسين والأدباء والفنانين الرجال فقط.

 

وقتها كان يطلق عليه البراغيون اسم العربي ذلك لأنه كان يحرص على خدمة الزبائن بنفسه دون أن يخفي أصله بل كانت العباءة الطويلة التي كان يلبسها تشير إلى ذلك بالإضافة إلى أنه كان يشرح لزواره التقاليد العربية الأصيلة وكرم الضيافة وكل ما يتعلق بالبلاد العربية التي كانت بالنسبة للأوروبيين عالما آخر لا يعرفون عنه سوى القليل.

 

رسم قديم للمكان كما بدا في الماضي 
رسم قديم للمكان كما بدا في الماضي 

ويحمل هذا المقهى اليوم اسم "الحية الذهبية" قائما في نفس المكان بعد التغييرات التي دخلت عليه مع تعاقب السنين الطويلة لكنه لا يزال يحتفظ بتاريخ افتتاحه مكتوبا عند مدخله.

 

ولا يخجل العاملون فيه من سرد قصة المقهى خاصة للمهتمين بالشأن الأثري ولا يخفون افتخارهم به لكونه المكان الذي عرف سكان مدينة براغ بالقهوة وسبق بافتتاحه العديد من العواصم الأوروبية.

 

ماض ومستقبل

صاحب المقهى بافيل تشرني استغرب في حديثه إلى الجزيرة نت من تأخر وسائل الإعلام العربية في الكتابة عن المقهى خاصة أن محطات تلفزيونية وصحفا عالمية ومحلية عديدة زارته وكتبت عنه الكثير.

 

وشرح تشرني في حديثه ما طرأ على المقهى من تغيرات فرضتها ضرورة المنافسة حيث أضيفت إليه خدمة تقديم الطعام لأن الاقتصار على تقديم القهوة لا يسد نفقات الإيجار العالية بسبب وجوده في أغلى مكان في العاصمة.

 

ويسرد تشرني بعض التفاصيل عن مؤسس المقهى الدمشقي موضحا أنه عند استئجاره للمكان أعطاه صاحبه القديم كتيبا صغيرا يوجد فيه بعض المعلومات التي تشير إلى تاريخ واسم وأصل مؤسس المقهى.

 

تضاف إلى ذلك تفاصيل قليلة عن حياته التي تشير إلى أنه كان متزوجا من امرأة تشيكية وأقام في براغ فترة طويلة ومارس التجارة إلى جانب إدراته للمقهى.

 

وعلاوة على ذلك، أشار الكتيب إلى أن عطا الله الدمشقى عرف بحبه للأدب وتعلقه بالقراءة، وأنه ألف كتبا دينية وأدبية عدة بين عام 1711 و1744 كما عرف عنه أيضا حبه للكرم الذي كان سببا في زيادة عدد مرتادي المقهى.

 

ويختم تشرني حديثه بالقول إنه يرغب مستقبلا -بعد دراسة الموضوع جيداً- في استبدال الديكور وتحويل المكان إلى مقهى ومطعم عربي يحمل اسم عطا الله الدمشقي وبأسلوب معاصر لا يتخلى فيه عن الآثار التاريخية التي تتناسب مع الأحياء القديمة في براغ التي تعود إلى عام 870 ميلادي.

 

لكن المقهى -على الرغم من تقديمه لجميع أنواع القهوة المعروفة في العالم-  توقف حاليا عن تقديم القهوة العربية نظرا لأن طريقة تحضيرها تحتاج إلى خبير في هذا المجال، كما يقول تشرني.

المصدر : الجزيرة