اكتشاف أدوات بجزيرة الأقزام تعود لما قبل الإنسان الحديث

الاثار في جزيرة فلوريس في إندونيسيا

مازن النجار
أفادت دراسة جديدة أن باحثين أستراليين وإندونيسيين في الآثار وأصل الإنسان قد اكتشفوا أدوات متطورة نسبيا صنعت في جزيرة فلوريس الإندونيسية قبل ظهور الإنسان الحديث بزمن طويل. نشرت نتائج الدراسة الأسبوع الماضي بمجلة "نيتشر" وعرضها جون روتش بمجلة "ناشيونال جيوغرافيك".

يعتقد العلماء تقليديا أن المخلوقات التي صنعت هذه الأدوات نوع من البشر، وأطلقوا عليهم "إنسان فلوريس" واكتسبوا لقب "الهوبيت"، وهم أقزام فيلم "ملك الخواتم" نظرا لقصر قاماتهم التي لا تتجاوز مترا واحدا. اكتشف العلماء الهوبيت عام 2004، وقدروا أنهم عاشوا حتى قبل 12 ألف عام، وعثر على أدواتهم الحجرية وبقايا أخرى تعود إلى ذلك الزمن.

صناع مهرة
بيد أن تحليلا جديدا أجراه الباحثون لأدوات أخرى -من موقع مجاور يدعى ماتا مينغي- وهي شديدة الشبه بالأولى، أظهر أن أدوات ماتا مينغي تعود إلى ما قبل 800 ألف عام.

يشير هذا التشابه في الأدوات إلى أن جماعة "إنسان فلوريس" الذين لا تتجاوز أدمغتهم حجم فاكهة الـ"جريب فروت" كانوا صناع أدوات مهرة، وورثوا تقليد صناعة الأدوات من أسلافهم في جزيرة فلوريس.

وكانت دراسات سابقة قد نوهت بمستوى تعقيد (تركيب) أدوات فلوريس الحجرية كدليل على أن البشر (أشباه الهوبيت) كانوا من النوع الحديث، ولكن مرضى بالتقزم وليسوا نوعا خاصا.

يلاحظ عالم الآثار الأسترالي ومؤلف الدراسة الدكتور آدم بروم، أن مجموعتي الأدوات -من كهف ليانغ بوا والأخرى الأقدم من موقع ماتا مينغي الأثري- تشتركان في سمات مميزة بسيطة ولكنها متطورة من حيث الترقيق والتشكيل. فأدوات ماتا مينغي ذات 800 ألف عام أقدم كثيرا من أن يصنعها الإنسان الحديث الذي بدأ وجوده منذ 195 ألف عام، وفقا للأدلة المكتشفة في إثيوبيا.

سلالة بشرية واحدة
يفسر الباحثون تشابه تقنيات ليانغ بوا وماتا مينغي بأن سلالة بشرية واحدة قد صنعت نفس نمط الأدوات الحجرية في فلوريس لأكثر من 700 ألف عام، وربما لأطول من ذلك بكثير. وقد نتج عن هذه السلالة إنسان فلوريس الذي وجدت أدواته وبقاياه في ليانغ بوا.

وتشمل السلالات البشرية البشر الحاليين، والأشكال البشرية المنقرضة من أسلافهم وأقربائهم. وقد وجدت أدوات فلوريس الأقدم بين بقايا أفيال قزمة، وحشرات كومودو التنينية، وجرذان، وحيوانات أخرى.

يرى بعض الخبراء أن فرضية وجود تقليد مستمر لصناعة الأدوات في حالة جزيرة فلوريس البعيدة المعزولة تبدو فكرة معقولة. لكن الدراسة الجديدة تخفق في إثبات استمرارية تقليد صناعة الأدوات الحجرية منحدرا عبر خط من الأسلاف.

فلدى الباحثين نقطتان فقط، إحداهما قبل 12 ألف عام والأخرى قبل 800 ألف عام، وقاموا بوصلهما. ولكن لإثبات استمرار التقليد يحتاج الفريق أدوات من بضعة مواقع أخرى في فلوريس تعود إلى حقب بين هاتين النقطتين.

وبصرف النظر عن استمرارية التقليد، أخفقت الدراسة الجديدة في حل معضلة الأصل البشري الذي انحدر منه الأقزام أشباه الهوبيت.

ووفقا لإحدى النظريات، فقد نتجوا عن ظاهرة تقزم سكان الجزر، وهي عملية تنحو الأنواع خلالها للانكماش عبر أجيال من العيش في الجزر الصغيرة بسبب ندرة الغذاء. وكانت تحدث لأوائل البشر ضخام الأجسام ومنتصبي القامة.

لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن بنية عظام أشباه الهوبيت هي أشبه بعظام مخلوقات صغيرة الأجسام ظهرت قبل الإنسان. ويبدو أن هذا الأمر سيبقى لغزا، ولا يتوقع من أدوات حجرية الإجابة عليه.
____________
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة