بعد عامين من الجائحة.. لهفة الحجاج لزيارة بيت الله وعودة طقوس الفرح بالوداع والاستقبال

Muslims perform Friday prayers during the holy month of Ramadan in the Grand Mosque in the holy city of Mecca, Saudi Arabia, April 29, 2022. Saudi Press Agency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY TPX IMAGES OF THE DAY
الحج مناسبة لا تعادلها أي مناسبة أخرى يفرح فيها الجميع (رويترز)

عمّان- لا شك أن من يقدر له أداء فريضة الحج يكون سعيدا بذلك، ليس هو فقط بل من حوله أيضا من أسرة وأصدقاء. وسعادة الحاج لا تنتهي لمجرد أداء مناسك الحج، بل تستمر مدى الحياة.

وهذا العام -كما في العامين الماضيين، تناقصت الأعداد المسموح لها بالحج- بالنظر إلى استمرار الإجراءات الوقائية المتخذة بسبب انتشار وباء كورونا.

وبمجرد أن يعلم الشخص بالموافقة على شموله ضمن قوائم الحجيج لهذا الموسم يشعر بفرحة غامرة غير مسبوقة، وهذه الفرحة تعم الأسرة والأقرباء والجيران، وينتشر الخبر سريعا بينهم ويتناقله الكبار والصغار، ويتلقى الشخص التهاني حتى قبل أن يستكمل إجراءات التسجيل.

فالحج مناسبة لا تعادلها أي مناسبة أخرى، ويعد وداع الحاج واستقباله من العادات الإيجابية التي ما تزال موجودة حتى الآن.

الجزيرة نت حاورت أردنيين سيتسنى لهم أداء فريضة الحج هذا العام، للحديث عن شوقهم لزيارة بيت الله، ونقل أجواء الفرح بعودة العادات في وداع واستقبال الحجاج.

** للاستخدام الداخلي فقط *** صور لحجاج أمام وداخل الحافلة متجهين من الأردن لزيارة بيت الله الحرام- (الجزيرة)
جهاد الجول مع حجاج أمام الحافلة متجهين من الأردن لزيارة بيت الله الحرام (الجزيرة)

وداع واستقبال الحاج

يقول عبد الله الحسيني (62 عاما): "قمت بأداء فريضة الحج 6 مرات في السنوات السابقة، وفي كل مرة يتجدد الشوق والحنين لزيارة بيت الله الحرام وكأنها المرة الأولى".

ويضيف الحسيني، "في العامين الماضيين شعرت بغصة كبيرة في موسم الحج، عند متابعة شاشة التلفاز ورؤية قلة أعداد الحجاج بسبب انتشار الوباء، وفي كل مشهد يعرض أستذكر أيام الحج، وأتخيل نفسي موجودا لأداء المناسك مع الحجاج".

ويبين أن أصهاره وأصدقاءه وجيرانه يتوافدون لمنزله قبيل أيام من موعد سفره للحج، ليتسنى لهم توديعه، وتوصيته بالدعاء لهم في بيت الله الحرام وعند الوقوف على جبل عرفة.

ويستذكر أيام الحج والعادات في وداع واستقبال الحاج بقوله: "كانت العائلات والأصدقاء والجيران يتهافتون لمنزل من يقصد الحج، لتوديعه وطلب المسامحة. يجمعون مبلغا ماليا ويقدمونه له لمساعدته في المصاريف، وعند عودته تزين بوابات المنازل بسعف النخيل، ويأتي أهل المنطقة للترحيب به وتهنئته بأداء الحج".

محمد الحاج صالح- (الجزيرة)
محمد الحاج صالح: حضر الأقرباء والأصدقاء لوداعي (الجزيرة)

من جهته يقول محمد الحاج صالح (58 عاما) "من أصعب السنوات التي مرت في حياتي كان العامان الماضيان، لعدم قدرتي على زيارة بيت الله الحرام.. فهل هناك أجمل من زيارة الكعبة وأداء مناسك الحج".

ويضيف الحاج صالح، أن أقرباءه وأصدقاءه وجيرانه حضروا قبل عدة أيام لتوديعه، وهي من العادات التي تسر الفرد قبل سفره لأداء فريضة الحج، بينما يردد الجميع "اللهم اكتبها لنا.. نيالك يا حج".

أناشيد دينية وأهازيج شعبية للحج

يقول جهاد الجول -سائق حافلة لنقل الحجاج- "تمنيت أداء فريضة الحج منذ الصغر، لذلك قمت بتطوير رخصة القيادة الخاصة بي، حتى أتمكن من زيارة بيت الله الحرام، وبفضل الله هذه المرة الرابعة التي سأقوم بأداء الفريضة".

ويضيف: "في كل مرة أذهب للحج، يأتي لوداعي الأهل والجيران والأقرباء، وكذلك الحال عند عودتي، كما أن إخواني وأخواتي يقومون بذبح الأضحية عند استقبالي. الجميع يفرح لأن فردا من العائلة ذهب للحج".

بدوره، يصف سائق حافلة رشيد شريم (50 عاما) الأجواء داخل الحافلات بقوله: "من أجمل الرحلات رحلات الحج، الجميع متلهف لزيارة بيت الله، وكل منا يتسابق لمساعدة الكبار في نقل حاجياتهم. وننشد معا في الحافلة الأناشيد الدينية والأهازيج الشعبية الخاصة بالحج".

ويضيف "هذا العام مميز بعد انقطاع عامين بسبب الجائحة، والحمد لله عادت الحياة، وعاد المسلمون لأداء فريضتهم. وتتجمع العائلة والأهل لوداع الحاج عند الحافلة، وكذلك عند استقباله لدى عودته سالما".

رشيد شريم- (الجزيرة)
رشيد شريم: بعد انقطاع عامين بسبب الجائحة، عاد المسلمون لأداء فريضتهم (الجزيرة)

المسامحة والدعاء

حول أجواء الفرح في وداع واستقبال الحجاج يقول استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان: إن وداع واستقبال الحجاج من العادات الإيجابية التي ما تزال موجودة حتى الآن، لأنها مرتبطة بشكل أو بآخر بتعاليم الدين وسنن الإسلام".

ويضيف "يحرص الأقرباء والأصدقاء على معرفة موعد سفر الحاج حتى يأتوا لوداعه قبل السفر بيوم أو أكثر، ويطلبون منه المسامحة والدعاء لهم عند الكعبة، ويوم عرفة خصوصا، ويدعون الله أن يتقبل منه حجه وأن يعيده سالما غانما، ويحملونه أمانة السلام على رسول الله. كما يطلب هو منهم المسامحة".

ويتابع أن البعض وخصوصا أفراد الأسرة يحرصون على وداع الحاج يوم سفره، وإذا كان سفره بالطائرة يرافقونه إلى المطار، وينتظرون حتى إقلاع الطائرة، فهي لحظات لا تنسى، تختلط فيها مشاعر الفرح مع مشاعر الفراق وتنهمر فيها دموع الحاج والمودعين على حد سواء.

أما إذا كان السفر بالحافلة، فإن الأهل يرافقون الحاج إلى موقع انطلاق الحافلات، ويمكثون معه حتى مغادرتها المكان، بينما يوصي الحاج المودعين بالاهتمام والعناية بالأبناء والأسرة، وفق سرحان.

1 استشاري الاجتماع الاسري مفيد سرحان - (الجزيرة)
مفيد سرحان: وداع واستقبال الحجاج من العادات الإيجابية التي ما تزال موجودة حتى الآن (الجزيرة)

رحلة محفورة في القلوب والعقول

يبين الاستشاري سرحان، أنه وبالرغم من توفر المواد الغذائية والأطعمة وغيرها من احتياجات على طول الطريق المؤدية من الأردن إلى الديار المقدسة، فإن الأسرة تصر على تجهيز بعض الأطعمة الخفيفة، ليحملها الحاج معه كزاد له أثناء الطريق، حيث يتشارك الحجاج هذه الأطعمة عن طيب نفس، فهي رحلة ليست كغيرها وصحبة ستبقى ذكرى أدق تفاصيها محفورة في القلوب والعقول.

** للاستخدام الداخلي فقط *** صور لحجاج أمام وداخل الحافلة متجهين من الأردن لزيارة بيت الله الحرام- (الجزيرة)
من وداع الحجاج أمام الحافلة قبيل توجههم من الأردن لزيارة بيت الله الحرام (الجزيرة)

استقبال الحجاج

يقول سرحان "مع بدء موسم الحج تبدأ الأسرة استعداداتها لاستقبال الحاج بعد عودته، حيث تنشغل بتزيين المنزل ومداخله يشاركها في ذلك الجيران، وغالبا ما يستخدم في ذلك "سعف النخل" وهو تقليد قديم، إضافة إلى كتابة عبارات الترحيب والدعاء بسلامة العودة. كما تنار طريق الحاج بألوان متعددة، حتى أن منزل الحاج يعرف من مكان قريب.

ومن العبارات التي تردد "حجا مبرورا وسعيا مشكورا وتجارة لن تبور" و"أهلا وسهلا بحجاج بيت الله الحرام".

ويضيف سرحان أن الكثير من الأسر يحرصون على استقبال الحاج في أقرب نقطة للحدود أو في المطار إذا كان السفر بالطائرة، كما أن الحاج يحرص على أن يحضر معه بعض الهدايا التي لها ارتباط بالأراضي المقدسة، كالسجادة، أو منظر تذكاري، أو ألعاب الأطفال، أو اللباس العربي، أو الحناء والتمر والمسابح، وماء زمزم التي يقدمها الحاج لكل من يأتي لتهنئته.

محمد الحاج صالح- (الجزيرة)
في السابق كان الحاج يستقبل من قبل الأهل والأصدقاء عند مدخل المدينة والبعض كانوا يذهبون للاستقبال عند الحدود السعودية مع الأردن (الجزيرة)

دعوة الحاج إلى طعام الغداء

يذكر سرحان أن من العادات الأخرى دعوة الحاج -بعد عودته- لتناول طعام الغداء أو العشاء، تكريما له.

ويقول "في السابق كان الحاج يستقبل من الأهل والأقرباء والأصدقاء عند مدخل البلدة أو المدينة، بل إن البعض كانوا يذهبون للاستقبال عند الحدود السعودية مع الأردن، وذلك شوقا للحاج ورغبة منهم في أن يصل منزله بأقصى سرعة، خصوصا أن الذهاب للحاج كان يتم غالبا بواسطة حافلات يستغرق مسيرها وقتا أطول".

ويشارك في هذا الاستقبال الكبير الأبناء والأحفاد والصغار، وتستمر زيارة الحاج ببيته لتهنئته بأداء هذه الفريضة وسلامة العودة لعدة أيام وربما أكثر، وفق سرحان.

** للاستخدام الداخلي فقط *** صور لحجاج أمام وداخل الحافلة متجهين من الأردن لزيارة بيت الله الحرام- (الجزيرة)
حجاج داخل الحافلة في طريقهم من الأردن لزيارة بيت الله الحرام (الجزيرة)
المصدر : الجزيرة