قلعة شالي.. المدينة الحصينة فوق واحة الغروب

الحصن القديم بني من مادة "الكرشيف"، وهي خليط من الرمل والملح والطوب

القلعة القديمة بناها المماليك لحماية أهل الواحة من غارات قبائل الصحراء (الجزيرة)

في قلب الصحراء الغربية وبالقرب من الحدود المصرية الليبية تقع واحة سيوة أرض الراحة والصفاء، ليس فقط لكون رملها وملحها وعيونها شفاء للناس وعلاجا من أمراض شتى لكنه شعور أعمق من هذا ينتابك وأنت تسير في طرقات المدينة القديمة، تصعد قلاعها وتراقب الغروب على جزرها، ربما شعور بالاسترخاء أو ربما شعور أعمق بالخروج من الدنيا والتحليق في خلق الله، زاهدا في ما سيأتي، ناسيا ما قد مضى.

المدينة الحصينة

في قلب واحة سيوة تقع قلعة شالي أو "المدينة الحصينة" باللغة الأمازيغية، والتي بقيت صامدة في وجه هجمات بدو الصحراء، لتحمي أهل الواحة الأصليين وتحمل تاريخهم حتى اليوم.

القلعة القديمة بناها المماليك في الفترة الواقعة بين القرنين السادس والسابع للهجرة، لحماية أهل الواحة من غارات قبائل الصحراء التي كانت تهاجمهم للاستيلاء على الماء والغذاء.

يحكي السيوي سليمان عيسى للجزيرة نت عن تاريخ القلعة التي بنيت على يد 40 رجلا، وكانت في البداية تتكون من طابق واحد ثم ارتفع بناؤها لـ5 طوابق، كذلك كان لها مدخل واحد في الجهة الشمالية يسمى باب إنشال، أي باب المدينة، حتى تسهل عملية التصدي للغارات، ثم أضيف لها باب آخر "باب أثرات"، أي الباب الجديد للراغبين في الخروج من القلعة بعيدا عن أعين شيوخ القبائل، ثم باب للنساء يسمى "باب قدوحة" نسبة لصاحب الدار الذي كان الباب من داخل بيته.

بعد سنين طويلة من الحماية انتهى دور القلعة في عهد محمد علي بعد استقرار الأوضاع (الجزيرة)

الحصن

الحصن القديم تم بناؤه من مادة "الكرشيف"، وهي خليط من الرمل والملح والطوب ومعه دعامات النخيل وأشجار الزيتون.

ويقول السيوي سليمان إن هذه المادة قادرة على منح سكان القلعة الدفء في الشتاء والرطوبة في الصيف، وعندما تجف تصبح عصية على الهدم والانهيار، وبعد سنين طويلة من الحماية انتهى دور القلعة في عهد محمد علي بعد استقرار الأوضاع، ليغادرها أهل سيوة آخذين معهم كل ما كان في القلعة من أبواب ونوافذ وذكريات عالقة بجدرانها، ليعمروا مدينتهم الجديدة وتبقى شالي ذكرى حية لسنوات الصمود التي عاشها أهل الواحة ولا يزالون يتذكرونها حتى اليوم.

عام 1926 كان عاما لا يُمحى من ذاكرة أهل الواحة، يتوارث الذكرى الأبناء جيلا بعد جيل، فقد بقيت الواحة أسبوعا كاملا تعاني جراء السيول التي أغرقت القلعة وحطمت أجزاء منها وجرفت العشرات من المنازل الطينية التي لم يكن يتوقع أهلها أن تغرقهم السيول في الواحة التي لا تشهد الأمطار إلا نادرا.

مسجد شالي هو المكان الوحيد الذي ما زال مأهولا في القلعة حتى الآن، وتعمرها محال عدة على مداخل الوصول إليها وتبيع المنتجات السيوية من منتجات طبيعية وزيوت وأعشاب، ومواقد كهربائية.

المصدر : الجزيرة