في رمضان.. إفطارات الشارع ظاهرة جديدة تغزو المدن في إثيوبيا

تترقب إثيوبيا وصول الآلاف من مغتربي المجتمع المسلم للبلاد -ضمن برنامج "من العيد إلى العيد"- للقدوم والاحتفال بعطلة عيدي الفطر والأضحى في البلاد.

مشهد من استعدادات إفطار شارع بمدينة ديسي في إثيوبيا (الصحافة الإثيوبية)

أديس أبابا- عند مطعم شعبي في شارع مكتظ وسط مدينة "ديسي" بإقليم أمهرة (شمالي إثيوبيا)، جلس عمر حبيب القرفصاء حيث بدا منهمكا في ترتيب الوجبات الغذائية، تمهيدا لإيصالها إلى شارع بياسا حيث سيقام الإفطار الرمضاني الأول من نوعه بالمدينة.

وما إن وصل عمر لموقع الإفطار حتى انخرط مع عشرات الشباب الذين ارتدوا سترات صفراء، وشرع بعضهم في تنظيف الأرضية الإسفلتية الممتدة بين شارعي بياسا وشل، في حين تكفل آخرون بفرش السفر البلاستيكية، ليقوم عمر ومجموعته بوضع المأكولات عليها.

يعد عمر واحدا من عشرات المتطوعين الذين جاؤوا من مناطق مختلفة إلى مدينة ديسي حيث مسقط رأسه، لينال شرف المشاركة في أول إفطار بالشارع تقيمه المدينة، حسب ما قاله للجزيرة نت، مشيرا إلى أن "الإفطار يعكس صور التكافل بين السكان عبر إطعام الفقراء وعابري السبيل، فضلا عن دوره في تعزيز التسامح، إذ يشارك في الإفطار مواطنون من أتباع الديانات الأخرى".

أكبر إفطار رمضاني

إفطار الشارع بمدينة ديسي الذي حظي بمشاركة المئات ليس المأدبة الرمضانية الأولى التي شهدتها إثيوبيا هذه السنة، إذ سبقته إفطارات مماثلة، وذلك في ظاهرة جديدة لم يتعود عليها الإثيوبيون.

وباتت الظاهرة ملفتة بعدما غزت عددا من المدن الإثيوبية التي بدأ سكانها التنافس بينهم للفوز بلقب أكبر إفطار رمضاني، فلا يمر يوم إلا ويتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع لإفطار شارع يقام هنا أو هناك، وهو ما مثّل حافزا لسكان كل مدينة للاحتذاء والاقتداء بهذه المبادرة.

وفي ما يلي مقطع فيديو لأحدث إفطار شارع أقيم السبت الماضي بمدينة "ورب" التابعة لإقليم جنوب إثيوبيا.

النائب في البرلمان الإثيوبي محمد العروسي قال إنه "لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن التحولات والمتغيرات السياسية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، والتي أحدثت انفتاحا في الفضاء العام، تمكن من خلاله مسلمو البلاد من تعزيز مكتسباتهم الحقوقية".

وأشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الظاهرة تأتي من باب التنافس في الخيرات الذي يتعزز مع شهر رمضان، وهي فرصة عظيمة لمسلمي إثيوبيا للعمل من أجل المصلحة العامة، ذلك أن الانفتاح الذي تعيشه إثيوبيا يعد دليلا على إرادة سياسية ترمي إلى ضمان الحقوق للمواطنين كافة، من دون النظر إلى انتماءاتهم الدينية.

التبرع لدعم الأيتام

لم تقتصر الظاهرة على أدوارها الخيرية كما قال مدير جمعية أبي ذر للأيتام جمال عبدة، مشيرا -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن "إفطار الشارع الذي أقيم بمدينة باتي (شمال شرقي البلاد) مثلا كان فرصة لتحفيز سكان المدينة على التبرع لدعم الأيتام الذين تكفلهم الجمعية، كما أسهم في تسليط الأضواء وخلق وعي اجتماعي لما يعانيه الأيتام وضرورة دعمهم المستمر".

إفطار الشارع بمدينة باتي شهد إقبالا كبيرا (الصحافة الإثيوبية)

مكتسبات مسلمي إثيوبيا

شهدت إثيوبيا مؤخرا إصلاحات عززت مكتسبات مسلمي إثيوبيا، كان من أبرزها الاعتراف الرسمي بـ"المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية" كمؤسسة دينية ذات سيادة مستقلة عن السلطة التنفيذية، بعد أن كان طوال عقود مسجلا كمنظمة أهلية، كما تم أيضا الترخيص بافتتاح 5 بنوك إسلامية لأول مرة، ودخل اثنان منها بالفعل السوق المصرفية، في حين لا تزال الأخرى تحت التأسيس.

من العيد إلى العيد

كما تترقب إثيوبيا وصول الآلاف من مغتربي المجتمع المسلم للبلاد، ضمن برنامج "من العيد إلى العيد" الذي أطلقه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عقب دعوته للإثيوبيين المسلمين ومواطني دول الجوار ومن وصفهم "بأصدقاء إثيوبيا" للقدوم والاحتفال بعطلة عيدي الفطر والأضحى في البلاد، حيث تم الترتيب لمجموعة من الفعاليات الدينية والثقافية والاجتماعية التي أُعدت خصيصا للقادمين لإثيوبيا.

المصدر : الجزيرة