العائدون من أوكرانيا.. كيف سيكمل الطلاب العرب دراستهم الجامعية؟

أوكرانيا - خاركيف - مجموعة من الطلاب السوريين العالقين بلا لجوء يمسكون وثيقة حماية مؤقتة لا تمكنهم من فعل شيء
طلاب سوريون عالقون بلا وثائق لجوء في مدينة خاركيف الأوكرانية (الجزيرة)

عمّان والرباط – على أحر من الجمر ينتظر الطالب الأردني حسن الشريف الدارس في الجامعة الوطنية بالعاصمة الأوكرانية كييف وقف الحرب، ليعود لاستكمال عامه الأخير في تخصص الطب البشري.

وشكلت الحرب للشريف أزمة نفسية كما يقول للجزيرة نت، فلا تزال صفارات الإنذار وأزيز الطائرات وانفجارات الصواريخ واهتزاز المبنى الذي يسكن فيه تتردد في أذنيه وتراوده أحلام مزعجة.

ويشاركه المعاناة ذاتها الطالب عمر الرحاحلة الذي يدرس طب الأسنان بالسنة الثالثة في إحدى الجامعات الأوكرانية، لكن مع اندلاع الحرب توقفت آماله بالتخرج، ويتواصل مع أساتذته في الجامعة إلكترونيا، لكن ظروف الحرب وانقطاع الكهرباء والإنترنت تعطل اتصالاته.

يقول الرحاحلة للجزيرة نت "بمجرد وقف الحرب سأعود إلى أوكرانيا لاستكمال دراستي"، لكنه يتخوف من انعدام الأمن واستمرار حرب العصابات بين الانفصاليين والسلطات هناك، مما قد يعطل الدراسة.

ويطالب الطلبة الأردنيون العائدون من أوكرانيا سلطات بلادهم باستيعابهم في جامعاتها أسوة بالطلبة العائدين من اليمن والسودان في أزمات سابقة، خاصة أن عددهم ليس كبيرا.

منصة وسيناريوهات

ولحصر عدد الطلبة ومعلوماتهم الدراسية وتخصصاتهم الجامعية أطلقت وزارة التعليم العالي في الأردن منصة إلكترونية سجل عليها حتى مساء أول أمس الثلاثاء نحو 270 طالبا أردنيا من الدارسين في 38 جامعة أوكرانية.

وقال وزير التعليم العالي الأردني وجيه عويس للجزيرة نت إن لدى الوزارة "عدة تصورات للتعامل مع أزمة الطلبة الأردنيين الدارسين في أوكرانيا، أحدها استمرار دراستهم عن بعد، خاصة مع اقتراب اختبارات نهاية الفصل الثاني".

ويشارك الرحاحلة والشريف 712 طالبا أردنيا في الأزمة ذاتها، حيث يدرسون في الجامعات الأوكرانية، وأغلبيتهم في التخصصات الطبية، عاد منهم إلى الأردن نحو 160 طالبا من بداية الأزمة، فيما لا يزال نحو 120 طالبا أردنيا محاصرين في بلدة سومي الأوكرانية، وينتظرون عقد اتفاق بين الفرقاء يسمح بمرورهم عبر معابر آمنة للخروج من أوكرانيا.

 

الطلبة العرب.. الأسئلة نفسها

يتشارك الطلبة العرب الأسئلة نفسها حول مستقبلهم الدراسي، فهل ينتظرون انتهاء الحرب للعودة إلى جامعاتهم في أوكرانيا؟ ماذا لو لم تنتهِ الحرب قريبا؟ وماذا بشأن وثائقهم الدراسية التي تركوها في جامعاتهم بسبب الحرب المفاجئة؟ وكيف سيكون الوضع إذا قُصفت الجامعات؟

يصل عدد الطلبة العرب في أوكرانيا إلى 18 ألفا و463 طالبا حتى يناير/كانون الثاني 2022 من مجموع 84 ألف طالب أجنبي.

ويتصدر المغاربة قائمة الطلاب العرب في جامعات هذا البلد، بما مجموعه 9296 طالبا، يليهم المصريون بعدد 2804 طلاب، ثم التونسيون 1041 طالبا، فاللبنانيون 1009 طلاب.

تقول أميمة مستاري -وهي طالبة طب مغربية في السنة السادسة بجامعة كييف- إن الهجوم الروسي على العاصمة تزامن مع امتحانات الفصل الثاني، ورغم استعدادها الجيد فإن أحلامها بقرب التخرج أجهضتها الصواريخ والقنابل الروسية، فنجت بنفسها وعادت إلى بلادها.

وحسب شركة الخطوط الجوية المغربية، فقد عاد حوالي 2220 مغربيا مقيما بأوكرانيا في الفترة من الثاني وحتى 8 مارس/آذار الجاري على متن رحلات خاصة ومخفضة، انطلاقا من 4 دول هي رومانيا وهنغاريا وبولونيا وسلوفاكيا.

وتوضح أميمة أن الجامعة أخبرتها وباقي الطلبة أن الدراسة ستستأنف عن بعد بدءا من 13 مارس/آذار الجاري، لكن مع استمرار قصف العاصمة كييف والخراب الذي تعرضت له يبدو لها الوضع ضبابيا.

أما منير الخشاني -الذي يدرس السنة الأخيرة في طب الأسنان بجامعة خاركيف- فقرر التوجه إلى ألمانيا إلى حين اتضاح الصورة.

وكان يفصل الخشاني شهران فقط للحصول على شهادة طب الأسنان، ولا يمكنه المغامرة بما حققه بعد 7 سنوات من الدراسة والمصاريف والعودة إلى بلاده، لذلك قرر التوجه إلى ألمانيا واستغلال هذه الفترة لتعلم اللغة الألمانية ريثما تهدأ الأوضاع وتتضح الصورة.

اتصالات وإدماج

أمام هذا الغموض والضبابية أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في المغرب إطلاق منصة لجرد الطلبة المغاربة في أوكرانيا وتخصصاتهم وبحث حلول لمواصلة دراستهم.

وسجل في المنصة حتى أمس الأربعاء حوالي 5 آلاف طالب مغربي يتوزعون على تخصصات الطب والصيدلة والهندسة المعمارية وغيرها من الحقول الدراسية، حسب تصريح مدير التعليم العالي والتنمية البيداغوجية محمد الطاهري للجزيرة نت.

وقال المسؤول المغربي إن وزارة التعليم حاليا في اتصال مع الدول المجاورة لأوكرانيا، والتي تتبع النظام التعليمي نفسه، لتسجيل الطلبة المغاربة الراغبين في إتمام دراستهم فيها.

غير أن السيناريو الأساسي الذي تعمل عليه الوزارة المغربية في حال استمرار الحرب يتمثل في إدماج الطلبة في نظام التعليم العالي المغربي، مشيرا إلى أن لجنة ستعمل على دراسة ملفات المسجلين في المنصة، حتى يتم إدماجهم وفق شروط تضمن لهم النجاح بدون عراقيل.

وزير التعليم العالي المصري قال إن أزمة الطلاب المصريين والعرب الدارسين في أوكرانيا ليست سهلة (الصحافة المصرية)

مهمة ليست سهلة

أما في مصر فقد أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار عن تشكيل لجنة لمتابعة موضوع المستقبل الدراسي للطلبة العائدين.

وقال عبد الغفار -في حديث تلفزيوني- إن وزارته تدرس السيناريوهات المتاحة للتعامل مع الوضع من خلال لجنة تم تشكيلها.

ولفت الوزير المصري إلى أن المسألة ليست سهلة نظرا لحدوث الأزمة في نهاية العام الدراسي، ومعظم الطلبة لا يمتلكون وثائق تثبت مستوياتهم الدراسية، فضلا عن تباين سنوات دراستهم ومناهجهم.

وكانت وزارة الهجرة المصرية قد أطلقت منصة لتسجيل الطلبة العائدين من أوكرانيا، والتي سيؤخذ بتفاصيلها لحل مشاكل إكمال دراستهم أو تخرجهم.

وبالنسبة لتونس -التي أجلت 75% من رعاياها المقيمين في أوكرانيا حسبما أعلنت وكالة الأنباء التونسية- أكد مدير الدبلوماسية العامة والإعلام بوزارة خارجيتها محمد الطرابلسي أن وزارتي الخارجية والتعليم العالي في تونس تنسقان مع الجامعات الأوكرانية لدراسة الخيارات المتاحة، ومن بينها مواصلة الدراسة عن بعد.

وأضاف الطرابلسي أنه إذا استمرت هذه الأزمة فسيتم إيجاد حلول للطلبة العائدين من أوكرانيا بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي، لتسهيل إجراءات استكمال دراستهم.

وفي لبنان، تمكن حوالي 500 لبناني من المقيمين في أوكرانيا من العودة إلى بلدهم حتى الأحد الماضي، حسب رئيس الهيئة العليا للإغاثة في تصريحات لوسائل إعلام لبنانية.

وأعلن وزير التعليم العالي اللبناني عباس الحلبي أن موضوع الطلبة العائدين من أوكرانيا سيعرض على مجلس التعليم العالي، ونقلت عنه وسائل إعلام لبنانية عزم وزارته جمع البيانات المتعلقة بهؤلاء الطلبة بحسب مستوياتهم التعليمية وتخصصاتهم تمهيدا لتمكينهم من إنقاذ سنتهم الدراسية ومتابعة دراستهم في الجامعات اللبنانية.

المصدر : الجزيرة