السباحة في البحر خلال "مربعانية الشتاء".. مغامرة جديدة في غزة

الدكتور منتصر إسماعيل استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية، يرى أن السباحة في فصل الشتاء تنشط الدورة الدموية وتجعل الشخص يشعر بالنشاط واللياقة وتخلص الجسم من الطاقة السلبية وتستبدل بها طاقة إيجابية.

غزة/ الجزيرة/رجال يسبحون في البحر خلال الشتاء.
رجال من غزة يسبحون في البحر خلال فصل الشتاء (الجزيرة)

غزة- قد تعتقد أن السباحة في الشتاء هي من آخر الأشياء التي تحلم بفعلها ولا توجد لديك الجرأة لتجربتها، لذلك يتوقف العديد من الأفراد عن ممارسة السباحة في الشتاء لاعتقادهم أنها تسبب أمراض البرد المختلفة.

لكن في غزة العشرات من محبي السباحة في الشتاء، أثبتوا أنها مغامرة جميلة وتحتاج إلى جرأة فقط، وقد انتشرت الفكرة رويدا رويدا منذ 3 أشهر حتى أصبح العدد يتجاوز 150 شخصا، والمجموعات تزداد على طول ساحل بحر قطاع غزة من شماله إلى جنوبه.

مغامرة لكبار السن

أسعد الحرثاني (62 عاما) كان يعتبر ممارسة السباحة عادة يقوم بها مع عائلته خلال الصيف، ولا يمكن أن يفعل ذلك خلال فصل الشتاء، لكنه تجاوز ذلك وفعلها. يقول للجزيرة نت "لم أكن أتوقع أن أتخلى عن الدفء وأذهب إلى البحر لأسبح في أجواء شديدة البرودة، لكن فعلت ذلك منذ 3 شهور عندما اقترح عليّ أحد الأصدقاء أن أرافقه وأجرب ذلك".

في البداية كان يجلس على الشاطئ وينظر إليهم خلال السباحة ومن ثم يعود إلى المنزل، لكن بعد 3 مرات من مرافقتهم، جرّب ذلك وكان الأمر ممتعا للغاية ومفيدا للصحة، بحسب قوله.

ويضيف "البحر كان مكانا للاستجمام لي ولعائلتي خلال الصيف، ولكن الأمر اختلف الآن وأصبحت أهتم بالسباحة بعد صلاة الفجر، وأنتظر مشاركة الأصدقاء لنا في الأيام المناسبة للسباحة وحين لا تكون الأمواج مرتفعة وتضرّنا".

ويؤكد حرثاني أن كبار السن يفتقرون للأماكن الخاصة للاستجمام والترفيه وإشغال وقتهم، لهذا كانت هذه الفكرة جميلة ومشجعة لهم، ولوحظ أن معظم المشاركين هم من كبار السن، حيث يُحضر كل واحد منهم فطوره إلى الشاطئ، وبعد السباحة يجلسون مع بعضهم يتبادلون الأحاديث، ومن ثم يذهب كل واحد منهم إلى بيته بحالة نفسية جيدة وطاقة إيجابية.

فكرة ابتكرتها مجموعة من الشباب من عشاق السباحة كي تبقى على مدار العام دون الاقتصار على فصل الصيف، وهذه المبادرة أشغلت الكثير ممن هم فوق عمر الخمسين ليكون لديهم نشاط يومي يقضون وقتهم به ويصبح روتينا مختلفا عن حياتهم المعتادة التي تقتصر على البيت فقط.

9- غزة/ الجزيرة/أنشطة مبتكرة للخروج من الظروف الاقتصادية والسياسية في غزة.
أنشطة مبتكرة للخروج من الظروف الاقتصادية والسياسية في غزة (الجزيرة)

السباحة لا تقتصر على الصيف

محمد مهرة (40 عاما) من مدينة غزة يمارس هذه الرياضة منذ 20 عاما، ولديه مجموعة قليلة من الأصدقاء الذين يرافقونه خلال فصل الشتاء، ولكنه فكر بتعميم الفكرة على الجميع، خاصة أن هناك العديد من الدول التي يمارس بعض أفرادها السباحة في مكان بارد وربما مثلج، لهذا حرص مهرة أن يوصل الفكرة إلى المئات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول مهرة للجزيرة نت "لديّ حب ممارسة السباحة منذ 20 عاما، والمعروف أن الأغلبية يمارسون السباحة في فصل الصيف، ونفتقر لوجود الشباب الذين يحبون السباحة في الشتاء، رغم أنها مفيدة جدا للصحة. ويتم في البداية القيام بتمارين الإحماء لتجهيز العضلات للسباحة، من ثم النزول للبحر لمدة ليست طويلة بين 10-15 دقيقة، لأن بعد هذا الوقت تبدأ العضلات تشعر بالبرد، وهذا قد يؤدي إلى تشجنها".

ويضيف "بعد الفجر نذهب إلى البحر على طول الساحل، كل مجموعة من منطقتها السكنية، ونحن نذهب إلى البحر في منطقة السودانية، والعدد يتجاوز 20 شخصا، والأعمار من 40 عاما فما فوق، وهناك من هم بعمر 70 عاما ويهتمون بالسباحة في وقت الشتاء".

ويتم التواصل مع الجميع من خلال مجموعات على الواتساب، وصفحة هواة السباحة على الفيسبوك لإخبارهم بتفاصيل أحوال الطقس، وإن كان البحر مناسبا للسباحة حتى لا تتعرض حياتهم للخطر.

السباحة في الشتاء صحية

يقول استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية الدكتور منتصر إسماعيل للجزيرة نت "قبل بدء السباحة خلال فصل الشتاء يجب أن يكون الشخص لا يعاني من أي أمراض في القلب، ويجب أن يكون أجرى فحوصا للتأكد من سلامة القلب بشكل كامل، حتى لا يحدث شيء مفاجئ خلال السباحة يعرض القلب للخطر، أما إن كان الشخص سليما فإن السباحة خلال فصل الشتاء تنشط الدورة الدموية وتجعله يشعر بالنشاط واللياقة، إضافة إلى أنها تخلص الجسم من الطاقة السلبية وتستبدل بها طاقة ايجابية تجدد نشاطه اليومي، وهذا شعرت به عندما قمت بتجربة ذلك مع صديق لي".

ويؤكد استشاري القلب أن السباحة في البحر خلال فصل الشتاء تقوي جهاز المناعة، حيث يساعد الماء البارد على زيادة عدد خلايا الدم البيضاء، لأن الجسم يضطر للتفاعل مع الظروف المتغيرة بمرور الوقت، ويصبح الجسم أفضل في تنشيط دفاعاته، بالإضافة إلى أن السباحة في الماء البارد تغسل الأوردة والشرايين والشعيرات الدموية.

مجموعات عديدة تشارك في السباحة على الشاطئ
مجموعات عديدة تشارك في السباحة على الشاطئ في غزة (الجزيرة)

الهرب من هموم الحياة في غزة

ويؤثر العديد من الظروف الاقتصادية والسياسية التي يعيشها المواطنون في غزة بشكل سلبي على الحالة النفسية لهم، والشعور بطاقة سلبية تعجزهم عن فعل أي شيء مختلف خلال يومهم، لهذا تعتبر هذه الرياضة طريقة للتخلص من كافة الضغوط النفسية واستبدال طاقة إيجابية بها، وقد تعتبر مغامرة لبعض الذين يعتبرونها صعبة خلال فترة "المربعانية" في فصل الشتاء، لكن عند تجربتها يكون الأمر مختلفا ومشجعا لتكرارها عدة مرات.

سعيد مطر (54 عاما) من سكان مخيم الشاطئ لديه هواية الغوص وهو متخصص بذلك منذ 10 سنوات، وكان يرافق والده منذ الصغر ولديه حب السباحة والارتباط بالبحر، يقول للجزيرة نت "نشعر بالمتعة خلال السباحة في البحر في أيام البرد الشديد، والتي تسمى بالمربعانية، والعشرات يشاركوننا على طول الساحل".

ويضيف "نحن نعيش ظروفا اقتصادية وسياسية صعبة، وذلك يؤثر على الحالة النفسية، لهذا نبحث عن طريقة للترويح عن أنفسنا، وهذه كانت تجربة جميلة استطاعت تبديل طاقتنا السلبية بإيجابية، وأصبح لدينا شيء يشغلنا وننتظره كل يوم".

المصدر : الجزيرة