"الرحالة المسلمون" في بريطانيا.. تجربة تحارب العنصرية وتكسر الصور النمطية
لندن – تعرضت مجموعة مسلمة تمارس نشاط المشي والجولات في الريف البريطاني لحملة من التعليقات العنصرية والعبارات المليئة بالكراهية، على خلفية نشر المجموعة التي تسمى "الرحالة المسلمون" (Muslim hikers) لصور نشاط لها في الريف بالتزامن مع عيد الميلاد الماضي.
ولم تكن هذه المجموعة التي تسعى لتشجيع المسلمين على اكتشاف المساحات الخضراء البريطانية، واسعة الانتشار قبل أن تكون ضحية لتعليقات عنصرية، دفعت الإعلام البريطاني بكل ألوانه للاهتمام بهذه التجربة الجديدة، مما منحها شهرة غير مسبوقة في كل البلاد.
وفي حواره مع الجزيرة نت، يكشف هارون مونت، وهو مسلم بريطاني، كيف أن نساء محجبات كن وراء إلهامه فكرة الاهتمام أكثر بأنشطة التجول في الغابات والريف البريطاني، وهو حينها ابن 15 سنة.
الطبيعة ليست للمسلمين
قد يبدو أمر تنظيم جولات مشي وتنزه في الريف والغابات البريطانية لفائدة المسلمين أمرا عاديا، إلا أن الأرقام والإحصائيات تظهر عكس ذلك تماما، وتقدم واقعا صادما، يظهر أن الأقليات عموما والمسلمين خصوصا لا يستفيدون من الحدائق والمتنزهات الكثيرة في بريطانيا.
وحسب تقرير لمؤسسة "الريف البريطاني" الخيرية فإن 1% فقط من زوار الحدائق البريطانية هم من الأقليات، سواء السود أو الآسيويون أو المسلمون.
التقرير نفسه يقول إن الأشخاص المنتمين لهذه الأقليات لهم حظوظ أقل بـ11 مرة لزيارة المتنزهات الموجودة خارج المدن، مقارنة، مع الأشخاص البيض، مضيفا أن 40% من أطفال الأقليات هم الذين يزورون هذه الأماكن الطبيعية مقارنة مع 40% بالنسبة للأطفال البيض.
نساء محجبات يتجولن
يتذكر هارون وهو مؤسس "الرحالة المسلمون" أول رحلة تنزه له في الريف البريطاني، وكان حينها يبلغ من العمر 15 سنة، وخرج في نزهة مع مجموعة من المسلمين، ويقول "خلال رحلتي رأيت من مسافة بعيدة أشخاصا ببشرة سمراء، حينها لم أصدق نفسي وبعدها بدأت أنزل وأقترب من هذه المجموعة، إلى أن اكتشفت أن الأمر يتعلق بمجموعة من النساء المحجبات يتنزهن".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsزار 210 دول.. تونسي ينقل عدوى حب السفر لزوجته وأطفاله الذين شاركوه في 50 رحلة
من عسير إلى مكة.. رحالة يقطع 675 كيلومترا على ظهر جمل لأداء مناسك الحج
مات قبل أن يحقق حلمه.. “حسايف” الرحالة القطري صاحب أكبر مجهود شخصي في الدعاية للمونديال
ووصف هارون في حديثه مع الجزيرة نت ردة فعله "كنت متفاجئا وأيضا سعيدا برؤية نساء محجبات يتسلقن الجبال وكان الأمر كأنه حلم بالنسبة لي"، وهذه الحادثة هي التي حببت لهارون التسلق والتجول في الريف.
معركة من أجل التنوع
بكثير من الأسف يتحدث هارون (35 عاما)، كيف أنه ظل 3 سنوات يمارس رياضة تسلق الجبال والمشي في الريف دون أن يصادف مجموعة منظمة من المسلمين تمارس هذه الرياضة المنتشرة بكثرة في بريطانيا.
وأكد هارون أنه حينها قرر أن يخوض معركة من أجل تحقيق تنوع أكبر في الفضاءات الطبيعية، "لأنه غالبا ما تتأثر مجتمعاتنا المسلمة بقدر كبير من التفاوتات ولهذا فإن تحفيزها على الخروج للطبيعة سوف يحسن من مستوى الرفاهية لديها".
وانطلاقا من دراسته لعلوم الرياضة في الجامعة، فإن هارون يصف نفسه "بأنه يحمل الحمض النووي لإلهام المجتمعات لتكون أكثر صحة".
الصور النمطية
دائما كان يتم النظر إلى نشاط التجول والمشي في الريف البريطاني على أنه نشاط مرتبط بالطبقة الغنية والبيضاء، التي تنتمي للتيار المحافظ، وعندما أطلق هارون مونت مشروعه سنة 2020 كان هدفه هو كسر الكثير من الصور النمطية.
ويهدف هارون أيضا من خلال "الرحالة المسلمون" لكسر الصور النمطية السلبية عن المسلمين في بريطانيا، حيث ينظر إليهم على أنهم لا يحبون الاكتشاف ولا المغامرة، ولا يبذلون جهدا لاكتشاف طبيعة البلاد، وأيضا تغيير الصور النمطية عن المرأة المسلمة، التي ينظر إليها على أنها غير نشيطة وغير فعالة ولا تشارك في أي أنشطة رياضية.
تعليقات عنصرية
انهالت العديد من التعليقات العنصرية على صفحات "الرحالة المسلمون" على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد نشر المجموعة صورا لأنشطتها خلال يوم عيد الميلاد في بريطانيا، مما أثار ردود فعل عنصرية.
وتوالت التعليقات العنصرية والمليئة بالكراهية ضد الصفحة وأصحابها، تحت ذريعة أن المسلمين لم يحترموا أعياد الميلاد، ويمارسون أنشطتهم بشكل عادي.
وبكثير من الهدوء والأريحية تعامل هارون مونت مع هذه التعليقات، معتبرا أن بعضها كان عنصريا ويحرض على الكراهية، لكن بعضها "ينم عن جهل وعدم معرفة جيدة بالمسلمين ودورنا أن نقوم بتوعية أكثر حول الإسلام والمسلمين".
رب ضارة نافعة
حملة العنصرية التي تعرضت لها مجموعة "الرحالة المسلمون" دفعت الإعلام البريطاني للاهتمام أكثر بهذه التجربة الفريدة، ويعترف هارون بأن "الطلب الإعلامي للتعرف على هذه المجموعة زاد بشكل كبير ونحن نحاول التجاوب معها".
مضيفا أن رسائل الدعم والمساندة لم تتوقف عن التقاطر عليه "كما نتلقى آلاف طلبات الانضمام للمجموعة التي تبقى مفتوحة للجميع وليس المسلمين فقط".