في تركيا.. ورش ودورات لتأهيل الشباب العربي لسوق العمل

استطاع 50% من الشباب العرب المتدرب تأسيس أعمالهم المستقلة في تركيا بعد تلقي ورشات تدريبية.

من الدورات التدريبية التي تقيمها أكاديمية الفاتح في إسطنبول للشباب المصري والعربي لإدماجهم في سوق العمل التركية (الجزيرة)

إسطنبول- تنطلق خلال الأيام القادمة العديد من الدورات التدريبية التي تقيمها أكاديمية الفاتح في إسطنبول للشباب المصري والعربي لدمجهم في سوق العمل التركية بالمجان أو بأجر رمزي دعمًا للشباب، وتعدّ أكاديمية الفاتح إحدى مؤسسات وقف الفاتح وهو وقف خيري أُسّس في الجمهورية التركية لتقديم الخدمات التعليمية والصحية وغيرها للمهاجرين.

وتشير البيانات والإحصاءات الرسمية إلى أن عدد المصريين في تركيا يقدر بنحو 30 ألفا؛ يتركز معظمهم في مدينة إسطنبول وأغلبهم من فئة الشباب الذين قدموا إلى تركيا عقب الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في صيف 2013.

الرعاية والدعم

يقول رئيس مجلس إدارة وقف الفاتح الدكتور حاتم عبد العظيم للجزيرة نت إن الفكرة من إنشاء أكاديمية الفاتح هي تطوير عمل الخير؛ ليكون عملا خيريا وتنمويا في الوقت نفسه من أجل مساعدة الشباب على حل الأزمات الكبيرة في حياتهم، حسب تعبيره.

ويضيف موضحا "مهما قمنا بتقديم مساعدة شهرية للشباب فإننا لن نكون قادرين على سداد كل احتياجاتهم، وفي الوقت نفسه لن نستطيع في وقف خيري مساعدتهم كل شهر بالطريقة نفسها بخاصة أن أعداد المحتاجين تتزايد بوجه مستمر، وهذه المساعدات تحتاج إلى تغطية مالية قد لا يقدر عليها الوقف لأن معظم المصريين والعرب في تركيا هم من شريحة الشباب".

ويؤكد عبد العظيم أن متطلبات الشاب ليست أن تعطيه دعما ماليا يكمل من خلاله احتياجاته الشهرية، بل في توفير الفرصة له كي يتابع دراسته، وتوفير فرصة عمل له، وأن يندمج في المجتمع التركي ليستطيع أن يبدأ حياته.

وأكد أنهم حاولوا التعامل مع هذا الواقع بتفاصيله، وذلك أن "نظرتنا إلى العمل الخيري مختلفة قليلا، فيجب أن يكون عملًا تنمويًّا وذا قيمة مضافة للشباب بحيث يحولهم وينقلهم من متلقين للمساعدات إلى منتجين وقادرين على كفالة أنفسهم وربما مساعدة الآخرين"، كما يأمل عبد العظيم.

حاتم عبد العظيم: أعداد المحتاجين تتزايد بنحو مستمر وهذه المساعدات تحتاج إلى تغطية مالية قد لا يقدر عليها الوقف (الجزيرة)

حماية الشباب العربي في المهجر

أما المهندس أيمن نظيم مدير أكاديمية الفاتح فيؤكد للجزيرة نت أن الهدف الأساسي من الأكاديمية هو حماية الشباب العربي في المهجر من الصدمة الانتقالية والحضارية، وتغير البيئة والزمان واهتزاز بعض الثوابت.

ويزيد نظيم أن كل تلك العوامل تركت الشباب في خطر جعلنا حريصين على إيجاد فكرة يمكن بها تقديم المساعدة للشباب والأخذ بأيديهم، ومحاولة إكسابهم المهارات والخبرات من خلال العديد من الدورات لإدماجهم سريعا في سوق العمل حتى لا يكونوا عرضة للانحرافات التي قد تأتي من الفراغ.

ويبيّن نظيم أن أهم الفئات المستهدفة لدى الأكاديمية فئة الشباب المتسرب من التعليم بمساعدتهم على العودة إلى مسارهم التعليمي، لأن تسرب الشباب من التعليم بالتأكيد في حد ذاته خسارة كبيرة، فضلا عن أنه قد يقرب الشباب من مخاطر الانحراف الأخلاقي أو الفكري بعد ذلك.

سوق العمل

وأوضح حاتم عبد العظيم أن الورش والدورات تنظم وتقدم وفقا لاحتياجات سوق العمل التركية، التي يتركز معظمها في الوظائف المستحدثة ذات العلاقة بوسائل التواصل الاجتماعي والتسويق الإلكتروني وصناعة المحتوى واللغة التركية، نظرا إلى وجود العديد من الشباب العربي الذين يمتلكون حرفًا مهنية جيدة، ولكنهم لا يجيدون اللغة التركية.

وأضاف عبد العظيم أنهم ينظرون إلى احتياجات سوق العمل أولا، ثم يقومون بتأهيل الشباب الراغبين بمتطلبات سوق العمل من خلال عقد دورات وورش تراوح مدتها بين 3-6 أشهر وفقا لطبيعة البرنامج المقدم فيها حتى يستطيع الشاب بالخبرة التي حصل عليها إيجاد فرصة في سوق العمل يبدأ بها ثم يقوم بتطوير نفسه بعد ذلك.

المهندس أيمن نظيم: تسعى أكاديمية الفاتح لمضاعفة أعداد المستفيدين حتى نهاية العام الحالي إلى 3 آلاف شاب (الجزيرة)

إحصائيات ودلالات

أما المهندس نظيم فقال في تصريح للجزيرة نت إن الأكاديمية منذ نشأتها في الربع الأخير من العام الماضي استطاعت تقديم خدماتها لما يزيد على 1500 شاب من مختلف الدول العربية؛ في حالة من التنوع الرائع بين الشباب، الذي أسهم في عودة ما يقارب 200 طالب إلى مقاعدهم الدراسية بعد أن تمكنوا من إيجاد وظائف عقب إنهائهم البرامج التدريبة الخاصة بهم.

"إضافة إلى أن نحو 50% من الشباب المتدرب استطاعوا تأسيس أعمالهم المستقلة، وذلك دفعنا إلى مضاعفة أعداد المستفيدين من الشباب حتى نهاية العام إلى 3 آلاف شاب"، حسب نظيم.

واستدرك نظيم أن أغلب الشباب المستفيد من برامج الأكاديمية بطبيعة الحال هم الشباب السوري باعتبارهم الجالية الأكبر من بين الجاليات العربية في تركيا، ويبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا 3 ملايين و690 ألفًا و896 نسمة، حسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة عام 2021، ويليهم في الترتيب العراقيون والليبيون واليمنيون ثم المصريون ثم الصوماليون، وهؤلاء تقريبا يمثلون أكثر الدول التي تضررت من ثورات الربيع العربي وتبعاتها.

ياسين سعد الجزار: استفدت على الصعيد الشخصي من دورة التسويق الإلكتروني في إيجاد وظيفة (الجزيرة)

قصص نجاح

من جانبه، ثمّن الطالب بكلية الإعلام ياسين سعيد الجزار، أحد الشباب الحاصلين على منح دورات من أكاديمية الفاتح، الدور الذي تقدمه الأكاديمية للشباب، لافتا إلى أنه استفاد على الصعيد الشخصي من دورة التسويق الإلكتروني في إيجاد الوظيفة التي يعمل بها الآن، وأنها وفرت له أدوات العمل إلى حد كبير.

وأضاف الجزار أن وقف الفاتح والأكاديمية يقومان بمساعدة الشباب بدعمهم في سداد أقساطهم الجامعية، فضلا عن أن الأكاديمية لا تتأخر عن إعانة الشباب وتقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي في حال أثبت الشاب جدّيته ورغبته في التعلم، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة