كندوان الإيرانية.. القرية الصخرية الوحيدة المأهولة بالسكان في العالم

السكان الأصليون في هذه المنطقة من الأقوام الآذرية، والمنتجات الرئيسية للقرية هي العسل وثمار الأشجار مثل الجوز واللوز والمشمش والتفاح.

كندوان، القرية الصخرية الوحيدة المأهولة في العالم/ محمد رحمن بور/ إيران/ اسلوب حياة
منزل داخل القرية الصخرية الوحيدة المأهولة في العالم (الجزيرة)

ببيوت مخروطية الشكل وأبواب ونوافذ حفرت على نحو يحاكي خلايا النحل، تقع واحدة من أكثر القرى الفريدة في العالم شمال غربي إيران، حيث لا يزال سكانها يعيشون في قلب الصخور البركانية.

تقع قرية كَندُوان بالقرب من مدينة تبريز الآذرية، واستمرارية الحياة فيها جعلتها قرية استثنائية على مستوى العالم، فهي على عكس مدينتي "كابادوكيا" في تركيا و"داكوتا" في الولايات المتحدة، فهما وإن كانتا قريتين صخريتين، إلا أنهما مهجورتان من السكان. كما تم إدراج كَندُوان ضمن قائمة التراث الوطني الإيراني عام 1997.

الحمام-العام-للقرية-الذي-كان-يستخدم-قبل-وصول-المياه-الى-البيوت
الحمام العام للقرية الذي كان يستخدم قبل وصول المياه إلى البيوت (الجزيرة)

تاريخها

يعود تاريخ هذه الصخور البركانية -بحسب الخبراء- إلى ما بين 6 إلى 7 آلاف سنة إلى الوراء تقريبا، واستنادا إلى أبحاث أجرتها كلية الهندسة المعمارية لجامعة طهران، ووفقا لرواية شيوخ ومختار القرية، فإنها كانت مأهولة بالسكان منذ القرن السابع الهجري تقريبا (بالتزامن مع الغزو المغولي لإيران).

السونا-والجاكوزي-الموجودة-في-حمام-الفندق-الصخرية
الساونا والجاكوزي الموجودة في حمام الفندق الصخرية (الجزيرة)

وبحسب مختار قرية كندوان مهدي صدري، فإن سكان القرية كانوا يأتون من قرية "حيله وَر" المجاورة على بعد 3 كيلومترات، التي بنيت تحت الأرض قبل ألفين إلى 3 آلاف سنة.

وذكر صدري -في حديثه للجزيرة نت- أن سبب انتقال سكان "حيله ور" إلى كندوان قد يكون بسبب ظروف الطقس وانهيار منازلهم، إلى جانب الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به كندوان وسماكة الصخور التي تحمي من البرد القارس، وكذلك الانحدار الحاد في أزقتها الضيقة التي حمتها من الهجمات، ساهمت جميعها في هجرتهم إلى كندوان الحالية. لكن يعتقد آخرون بأن هجوم المغول على إيران تسبب بانتقالهم إلى كندوان، الأمر الذي استبعده صدري.

انحدار-الحاد-وأزقة-الضيقة-للقرية-أدى-إلى-حمايتها-من-الهجمات
الانحدار الحاد والأزقة الضيقة للقرية ساهما في حماية القرية من الهجمات (الجزيرة)

بيوت كندوان

تقع قرية كندوان على ارتفاع ألفي و200 متر فوق سطح البحر في المنطقة الباردة التي تكسوها الثلوج خلال فصلي الخريف والشتاء. وقد بنيت منازل كندوان على "الطفة" (Tuff) البركانية وهي عبارة عن رماد بركاني تشكل نتيجة لتغيرات بيئية على مدى آلاف السنين، وأصبحت على شكل مخاريط.

تم حفر منازل هذه القرية بعناية خاصة بالفؤوس، ويعتقد البعض أن سبب تسمية القرية يعود إلى مشابهة هذه المنازل خلايا النحل (كندو -بالفارسية- تعني المنحل).

يبلغ ارتفاع منازل كندوان -التي تسمى "كَران" باللغة المحلية- نحو 25 إلى 30 مترًا في أقصى حد لها، ولكل منزل عدة طوابق، أكثرها تحتوي على 6 طوابق.

وقد حفر الكندوانيون منازلهم في البداية لتتكون من 3 طوابق. وكانت الطوابق السفلية تستخدم لحفظ الحيوانات بسبب رطوبتها وقلة ضوء الشمس، والطوابق الثانية خصصت لغرف الجلوس والسكن، أما الطابق الثالث في الجزء العلوي فكان مخصصا للتخزين.

أما جدران "كَران" فهي سميكة وتعمل بشكل جيد في عزل الحرارة وتختلف درجة الحرارة بين الداخل والخارج نحو 5 إلى 10 درجات صيفا وشتاءً.

المطعم-الصخرية-التابعة-للفندق
مطعم  صخري تابع للفندق (الجزيرة)

مرافق القرية

يمكن الوصول إلى المدن المجاورة مثل اُسكو وتبريز عبر طريق أسفلتي، وتم توصيل المياه والكهرباء إلى المنازل بعد الثورة الإسلامية، وتم ربطها بمحطة معالجة مياه الصرف الصحي، كما يتم استخدام أسطوانات الغاز في المنازل. وبسبب انحدار الأزقة وضيقها، لا تزال الحمير تستخدم في نقل الأحمال الثقيلة.

يبلغ عدد سكان القرية حوالي 700 نسمة وبحسب محمد رنجبر، المرشد السياحي للقرية فإن حوالي 70% من أهالي القرية ينشطون في مجال السياحة بينما يعمل آخرون في مجال تربية المواشي والزراعة.

وأشار رنجبر -في حديثه للجزيرة نت- بأن عدد السياح قد انخفض بشكل ملحوظ بعد تفشي فيروس كورونا ومعظم السياح حاليا جاؤوا من المدن المجاورة لهذه القرية الفريدة.

السكان الأصليون في هذه المنطقة من الأقوام الآذرية، والمنتجات الرئيسية لهذه القرية هي العسل وثمار الأشجار مثل الجوز واللوز والمشمش والتفاح ومشتقاتها، وكذلك منتجات الألبان المحلية، والنباتات الطبية، والمصنوعات اليدوية مثل الحقائب والسجاد.

بسبب-انحدار-الأزقة-وضيقها،-لا-تزال-يستخدم-الحمير-في-حمل-الأحمال-الثقيلة.-الجزيرة
بسبب انحدار الأزقة وضيقها لا تزال تستخدم الحمير في نقل الأحمال الثقيلة (الجزيرة)

التحديات

وبحسب صدري، فإن أهم التحديات التي تهدد "كندوان" هي تآكل البيوت مع مرور الوقت واحتمالية تشققها.

كما ذكر للجزيرة نت بأن أهم أسباب عدم تسجيل هذه القرية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، هو وجود منازل حديثة الإنشاء بناها سكان القرية بالقرب من بيوتهم الصخرية قبل عام 2004 ليتم فيما بعد نقل الأبنية الجديدة إلى موقع آخر بالقرب من القرية بعد ذلك التاريخ.

بالإضافة إلى الشكل الفريد لمنازل كندوان، يمكن للسياح استئجار منزلا صخريا أو حجز فندق صخري في القرية للاستمتاع بتفاصيل يظنها البعض أنها بقيت في الماضي، إلا أنها لا تزال موجودة حتى يومنا هذا في شمال غربي إيران، حيث النهر العذب، والطبيعة الخلابة، والمنتجات الطبيعية، والطقس المدهش في الصيف، ساهمت جميعها في خلق تجربة فريدة لكل سائح.

المصدر : الجزيرة