ليلة وفاة ديانا.. طبيب مناوب يروي ما حدث بالتفصيل داخل غرفة العمليات

أُصيب الطبيب دهمان بالرعب عندما اقترب منه رجل فجأة ليشتري منه حذاء غرفة العمليات الخشبي الأبيض المغطى بدماء الأميرة ديانا

الأميرة الراحلة ديانا (الفرنسية)

كشف الطبيب منصف دهمان في حوار مع صحيفة "ديلي ميل" (Daily Mail) البريطانية عن الأحداث التي جدّت في الليلة التي لفظت فيها الأميرة ديانا أنفاسها الأخيرة في مستشفى "بيتي سالبترير" (Pitié-Salpêtrière).

وفي هذا التقرير الذي نشرته مجلة "لوبوان" (LePoint) الفرنسية، قال الكاتب مارك فورني إنّ دهمان كان من بين الأطباء الذين حاولوا إنقاذ أميرة ويلز في أغسطس/آب 1997، وقد وافق على الإدلاء بشهادته لأول مرّة بعد مرور 25 عامًا تقريبا على هذه المأساة.

يعمل هذا الجراح الآن في مستشفى أنتيب. عند وقوع الحادثة، كان يبلغ من العمر 33 عامًا وقد تمّ استدعاؤه في مستشفى بيتي سالبترير في غرفة الطوارئ لإسعاف الأميرة ديانا بعد حادث انقلاب سيارتها في صباح 31 أغسطس/آب 1997.

يقول دهمان "تدخلت الإسعافات الأولية مباشرة على عين المكان في حوالي الساعة 00:40 فجرا في موقع الحادث في نفق ألما. وتمّ إخراج ديانا من بين حطام سيارة المرسيدس التي كان الدخان يتصاعد منها. حاول المسعفون المحافظة على انتظام نبضها ونسق تنفسها، لكن قلبها توقف فجأة. وبمجرد أن أعيد إنعاشها، نُقلت الأميرة إلى مستشفى بيتي سالبترير، قبيل تعرضها لسكتة قلبية ثانية بالقرب من جسر أوسترليتز، لتصل أخيرًا إلى المستشفى في الساعة 2:06 فجرا".

عاش الجراح دهمان أطول ساعتين في حياته، وقد تحدث عن تلك الليلة قائلا "كنت آخذ قسطا من الراحة في غرفة المناوبة الليلية عندما تلقيت مكالمة من برونو ريو، كبير أطباء التخدير، يطلب مني التوجه إلى غرفة الطوارئ. لم يخبرني بأنّ المتضررة كانت الأميرة ديانا، كلّ ما قاله حينها أنّه قد جدّ حادث خطير تعرضت له امرأة شابة".

حطام سيارة الأميرة ديانا في نفق ألما (الفرنسية)

وحسب شهادة دهمان، تبعد غرفة المناوبة الليلية تقريبا 50 مترًا عن غرفة الطوارئ، لذلك تنقل دهمان إلى هناك فورا. وحينها لاحظ توترًا غير عادي: كان مساعده المتدرب يقف في أحد أركان الغرفة متسمرا في مكانه، بينما ارتمى طبيب التخدير ريو على الأرض للاعتناء بسيدة مستلقية على نقالة.

وأضاف "لقد أدركت بسرعة خطورة الموقف"، وتأكّد حدسه عندما قيل له إنها أميرة ويلز، "أصبح كل هذا النشاط غير العادي مفهوما بالنسبة لي. أن تواجه حالة امرأة شابة في مثل تلك الخطورة مصاب جلل بالنسبة لأي طبيب، وتزداد الضغوط عندما يتعلق الأمر بأميرة".

لم يرغب البروفيسور دهمان الخوض في الكثير من التفاصيل حفاظا على السرية الطبية، لكن الحقائق معروفة الآن. أظهرت صور الأشعة السينية الأولى أن ديانا كانت تعاني من نزيف داخلي خطير جدا، وسرعان ما وُضع أنبوب في صدرها ونقل إليها دم. وبعد سكتة قلبية أخرى في حوالي الساعة 2:15 فجرا، طلب البروفيسور ريو من دهمان إجراء عملية جراحيّة طارئة. فقد أصبح الوضع حرجا، ويجب إيجاد حلّ بسرعة. ولكن رغم كلّ ما فعله الجراح لإنعاش الأميرة اكتشف وجود تمزق كبير في التامور، وهو الغشاء المحيط بالقلب، ولم يكن بإمكانه العمل بشكل صحيح بسبب نقص الدم.

"بذلنا كل ما بوسعنا"

في غضون ذلك، وصل البروفيسور آلان بافي، وهو أحد أفضل جراحي القلب في فرنسا، والذي قرر نقل ديانا على الفور إلى غرفة العمليات، مشتبهًا في حدوث مضاعفات أخرى. قام بافي بتوسيع الفتحة ليلاحظ إصابة أكثر خطورة، وهي تمزق في الوريد الرئوي العلوي الأيسر ناجم عن الاصطدام. وقع تقطيب الجرح وترميم أبرز الأضرار لكن دون جدوى، فقد توقف قلب ديانا قبل الجراحة الاستكشافية ولم ينبض مجددا.

ويوضح منصف دهمان "لقد جربنا الصعق بالصدمات الكهربائية عدة مرات، وكما فعلت في غرفة الطوارئ، قمنا بتدليك القلب. لكننا لم نتمكن من جعل قلبها ينبض مرة أخرى. كافحنا حتى النهاية، وجربنا كل شيء…".

على الساعة الرابعة فجرا، أوقف الفريق الطبي بقيادة الطبيب بافي العلاج. يتذكر دهمان قائلاً إن ذلك كان "قرارا جماعيا. لقد عالجنا بالفعل أشخاصًا في مستشفى بيتي سالبترير كانوا في حالة أكثر خطورة من ديانا عند وصولها. وأنقذنا بعض هؤلاء الأشخاص، وهو ما يجعلنا سعداء وفخورين بشكل خاص. لكن هذا لم يحدث في هذه الحالة. لم نتمكن من إنقاذها. وقد أثر ذلك علينا كثيرا".

حذاء خشبي مغطى بالدماء

تذكر الدكتور خروجه من الغرفة "محطما ومكتئبا"، مثل زملائه. لم يول دهمان اهتمامًا كبيرًا لصخب الشخصيات المرموقة والمسؤولين والأشخاص الفضوليين الذين بدؤوا في غزو أروقة المستشفى العام.

في اليوم التالي، أُصيب بالرعب عندما اقترب منه رجل فجأة ليشتري منه حذاء غرفة العمليات الخشبي الأبيض المغطى بدماء السيدة ديانا. وقد قال له "حذاؤك يثير اهتمامي. أريد أن أشتريه منك، عليه دم أزرق…".

بعد مرور 25 عامًا تقريبًا، لم ينس منصف دهمان أي تفصيل من تلك الليلة المشؤومة، "في كل عام من شهر أغسطس/آب، أفكر في الأمر. كان ذلك عام ولادة ابني وبالطبع كل عيد ميلاد أستعيد كل تلك الذكريات".

وأضاف أنه تأثر كثيرا بجنازة ديانا، بعد أيام قليلة من بذله قصارى جهده لإعادتها إلى الحياة، مؤكدا: "ستتأثر طيلة حياتك حين يتعلق الأمر بأميرة تتابع جنازتها مع مليارات الأشخاص الآخرين، بعد أن حاولت إنقاذها. إنه لأمر فظيع أن تكون لهذه المرأة الجميلة نهاية مأساوية بهذا الشكل".

المصدر : الصحافة الفرنسية