التقاعد المبكر في الأردن.. تقليص الحوافز ورفع السن يخيف مشتركي الضمان الاجتماعي

وفقا لإحصائيات الضمان الاجتماعي 64% من المشتركين أجورهم أقل من (700 دولار) وهو دون خط الفقر للأسرة المعيارية، ووفقا لدائرة الإحصاءات العامة مما يعني أن غالبية العمال دون خط الفقر، مما يدفعهم للتقاعد المبكر طمعا بمصدر دخل آخر.

اعتصام سابق للمقاعدين. صفحة جمعية المتقاعدين على فيسبوك
اعتصام سابق للمتقاعدين في الأردن (مواقع التواصل)

عمّان- لم يشفع للعاملة مريم الصباريني البالغة 36 عاما إصابتها بالسرطان في الحصول على تقاعد مبكر، بسبب المرض قبل بلوغها السن القانونية، ومما زاد من تخوفها توجه إدارة الضمان الاجتماعي لرفع سن التقاعد المبكر.

تقول للجزيرة نت "مر على اشتراكاتي بالضمان نحو 12 عاما، وتقدمت بمعاملة للضمان الاجتماعي للحصول على تقاعد مبكر بعد إصابتي بالمرض، لكن المعاملة رُفضت بحجة أنني لم استوف شروط التقاعد، وأن المرض بالسرطان لا يمنح صاحبه أفضلية للتقاعد".

يشارك الصباريني في معاناتها الأربعيني يوسف البزايعة (يعمل بأحد مؤسسات القطاع الخاص، مشترك بالضمان منذ 14 عاما) والذي يعاني من إعاقة حركية، وقد تقدم هو الآخر بمعاملة "معلولية" نتيجة أعاقته لكنها رُفضت لعدم لبلوغه السن القانونية للتقاعد.

يقول البزايعة للجزيرة نت "أنا مشترك بالضمان منذ 2005 بعدما حصلت على عمل يناسب إعاقتي، وانتظر التقاعد المبكر بفارغ الصبر لعدم قدرتي على الحركة والتنقل، وخلال الأيام الماضية تداولت الأخبار نية الضمان زيادة عدد الاشتراكات وسنوات التقاعد المبكر، مما سيحرمني من هذا الحق".

ويشترط قانون الضمان الاجتماعي معادلة حسابية للتقاعد المبكر، تحدد بلوغ المشترك سن 55 من العمر للذكر، وتوفر 252 اشتراكا فعليا، وللأنثى أن تبلغ من العمر 52 عاما وبعدد اشتراكات 228 اشتراكا، وفق تعديلات القانون لعام 2019.

ارشيفية اعتصام سابق لمتقاعدي الضمان المبكر لحرمانهم من الزيادات. صفحة جمعية المتقاعدين على فيسبوك
حالة خوف لدى مشتركي الضمان بسبب دراسة للبنك الدولي صدرت نتائجها قبل أيام (مواقع التواصل)

ترقب وتخوف

حالة التخوف الحاصلة لدى مشتركي الضمان، جاءت بسبب دراسة إكتوارية للبنك الدولي صدرت نتائجها قبل أيام، تدعو إدارة مؤسسة الضمان لرفع سن التقاعد المبكر، وتنويع ‏‏مصادر تمويل منظومة التقاعد، وتخفيض الحوافز ‏‏المقدمة للمتقاعدين، واحتساب معادلة الراتب التقاعدي حسب سنوات الخدمة كاملة، وعودة متقاعدي الضمان المبكر لسوق العمل، وذلك لرفع قدرة مؤسسة الضمان ‏‏على الاستمرار بعملها، وفق تصريحات معدة الدراسة أخصائية ‏الحماية الاجتماعية بالبنك الدولي ‏مونتسير تميراليس.

خط الفقر والخصخصة

لجوء العاملين للتقاعد المبكر يرجع لعدة أسباب، أهمها عمليات الخصخصة التي جرت خلال السنوات السابقة، وإعادة هيكلة شركات، مما يؤدي للاستغناء عن موظفين يضطرون للتقاعد المبكر، وهذا ما جرى مع الستيني سالم الشمايلة، فبعدما خصخصت الحكومة الشركة التي كان يعمل بها لصالح مستثمرين أجنبي، تم تسريحه بعد بلوغه سن 46 آنذاك، ويتقاضى راتبا شهريا يبلغ 370 دينارا (520 دولارا) لا يؤمن له حياة كريمة.

اعتصام سابق خلال شهر شباط فبراير الماضي لمتقاعدي ضمان احتجاجا على عدم وجود زيادات على رواتبهم. صفحة جمعية المتقاعدين على فيسبوك_
المتقاعدون ينشدون المساواة (مواقع التواصل)

وسبب آخر، انخفاض أجور العاملين لما دون خط الفقر، مما يضطرهم للتقاعد المبكر، ثم التوجه للعمل بمهن حرة. يقول للجزيرة نت المعلم السابق بالقطاع الخاص وليد الصبيحي "كنت أعمل براتب شهري قدره 480 دينارا (670 دولارا) لا يكفيني وعائلتي، مما دفعني للتقاعد المبكر، والعمل في توصيل الطلبات والتدريس الخصوصي".

ووفق إحصائيات الضمان الاجتماعي فإن 64% من المشتركين أجورهم أقل من 500 دينار (700 دولار) وهذا الرقم دون خط الفقر للأسرة المعيارية، وخط الفقر المحدد للفرد بالمملكة 100 دينار (140 دولارا) وفقا لدائرة الإحصاءات العامة، مما يعني أن غالبية العمال دون خط الفقر، وهذا ما يدفعهم للتقاعد المبكر طمعا بمصدر دخل آخر.

ممثل العمال بالضمان

عضو مجلس إدارة الضمان ممثل العمال رئيس اتحاد العمال مازن المعايطة قال للجزيرة نت إن اجتماعات المجلس لم تتطرق لأي من هذه القضايا، سواء رفع سن التقاعد المبكر أو غيرها، وما يجري الحديث عنه هو نتائج دراسة إكتوارية للبنك الدولي حول مستقبل مؤسسة الضمان ومدخراته.

وتابع أن دراسات البنك الدولي ليست ملزمة بل هي توصيات، والمملكة مجتمع فتي، وسن التقاعد المبكر فيها حاليا مناسبة بعد تعديلها عدة مرات، المطلب الأساسي للعمال هو تحسين بيئة العمل والأجور والأمان الوظيفي، مما يجعلهم يتمسكون بوظائفهم لعمر الستين.

حازم رحاحلة
الرحاحلة: رفع سن التقاعد المبكر يدرس حاليا وأي تعديل لن يمس بحقوق أي مستوف للشروط سواء ‏كان التقاعد مبكرا أو وجوبيا ‏(مواقع التواصل)

قيد الدراسة

مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي حازم الرحاحلة أعلن قبل أيام أن "رفع سن التقاعد المبكر يدرس حاليا، لكن ضمن تعديلات جديدة لا تشمل من بلغ من العمر فوق 40 سنة، وأي تعديل لن يمس المشتركين المستحقين للتقاعد سواء المبكر ‏أو الشيخوخة، فلا مساس بحقوق أي شخص مستوف لشروط التقاعد سواء ‏كان مبكرا أو وجوبيا".‏

وتصل قيمة فاتورة الرواتب الشهرية لمتقاعدي الضمان وفق الرحاحلة 110 ملايين دينار (155 مليون دولار) يشكل رواتب متقاعدي المبكر منها نحو 50%.

وتبلغ نسبة الاشتراك الشهري المدفوعة للضمان عن كل عامل بالمنشآت المختلفة نحو 21.75% من إجمالي الراتب الشهري، و‏يتحمل الموظف منها 7.5%، وتدفع المنشآت باقي المبلغ.

الدتور مازن مرجي خبير اقتصادي الأردن الجزيرة نت
الدكتور مازن مرجي: تتغوّل الحكومة على أموال الضمان بالضغط على الإدارة للاستثمار في مشاريع حكومية خاسرة (الجزيرة)

تغول حكومي

الخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي قال للجزيرة نت إن مشاكل مؤسسة الضمان "ليست بالتقاعد المبكر، إنما بالاقتراض الحكومي من أموال ومدخرات الأردنيين في مؤسسة الضمان" حتى باتت ديون المؤسسة على الحكومة تتجاوز 6 مليارات دينار (8.46 مليارات دولار) من أصل 11.4 مليار دينار (15.9 مليار دولار) وبنسبة قاربت على 60% من المدخرات "مما يعطل استثمار هذه الأموال".

ويتابع "هناك شبهات فساد في استثمارات شارك بها الضمان، خاصة في سوق الأسهم المالية، وشراء عقارات بأعلى من قيمتها الحقيقية، وتتغوّل الحكومة على أموال الضمان بالضغط على الإدارة للاستثمار في مشاريع حكومية خاسرة".

وتعتبر الحكومة مدخرات الأردنيين بالضمان -بحسب الخبير الاقتصادي- أموالا حكومية تتصرف فيها كما تشاء من خلال مجالس الإدارات التي تعينها.

وأكثر من ذلك، اتفقت حكومة الرزار السابقة مع صندوق النقد الدولي على عدم احتساب ديون الدولة من مؤسسة الضمان، ضمن المديونية العامة للدولة، لتنخفض المديونية من 112% من نسبة الناتج المحلي الإجمالي إلى 96%، بحسب حديث مرجي.    ‏        ‏

المصدر : الجزيرة