فلسفة تتبعها شركات عالمية.. نصائح الحضارة الصينية لجلب الثروة

يسود اعتقاد عتيق يعود تاريخه إلى الثقافة الصينية القديمة، قبل أكثر من 6 آلاف عام، بوجود تدفق مستمر بين البشر ومحيطهم المادي عبر مسارات الطاقة، ومن خلال تطبيق بعض الخطوات التي تسمح بالتناغم بين مسارات الطاقة، قد ينعكس ذلك في زيادة الازدهار وتحقيق الثروات.

ومع بداية السبعينيات انتشرت تلك الثقافة بالولايات المتحدة مع ثقافة وخز الإبر والأدوية العشبية، وقام العديد من المشاهير بتطبيق تلك النظريات في منازلهم وأعمالهم، ولعل من أشهرهم المذيعة الأميركية أوبرا وينفري التي تخصص قسطا كبيرا من المقالات عبر موقعها لتعليم "فنغ شوي"، وجوليا روبرتس التي بدأت في الاهتمام بتلك الأمور بعد تصويرها لفيلم "الطعام والصلاة والحب" (Eat pray love)، الذي كان يدور حول حضارات وأفكار مشابهة عن التأمل والطاقة الإيجابية.

فنغ شوي

"فنغ شوي" هو فن صيني قديم لترتيب المباني والأشياء والمساحات في البيئة التي يسكنها الإنسان من أجل تحقيق الانسجام والتوازن بطريقة من شأنها أن تجلب السلام والازدهار، بدأ استخدام الفينغ شوي في الصين، وتم منعه بشكل قانوني صارم عندما حظرت السلطات استخدام أي من العادات التقليدية القديمة بما في ذلك القضاء على أسطورة الساموراي، لكن ثقافة فنغ شوي عادت في العقود الأخيرة لتنتشر تدريجيا في الثقافات الغربية.

ينبع ذلك من الاعتقاد في تشي "قوة الحياة" التي تسكن كل شيء، بحسب المعتقد الصيني، والتشي تتكون من عناصر "يين" و"يانغ"، وهذه قوى متعارضة ولكنها متكاملة لا يمكن الفصل بينها، ويعتقد الخبراء أنه من خلال تحقيق التوازن بين عناصر "يين" و"يانغ"، يمكن للناس تحسين تدفق "تشي" الإيجابية في حياتهم وحمايتهم من "تشي" السلبية.

ويمكن تحسين تدفق "تشي" من خلال ترتيب الأثاث والزينة والمباني على أساس العناصر الخمسة، هي المياه والخشب والنار والأرض والمعادن، ويمكن تصنيف جميع المواد كواحدة من هذه الأنواع الخمسة بما في ذلك الألوان، ووفقا لخبراء الفنغ شوي فإن خلط أو فصل هذه العناصر يمكن أن يحسن بسرعة تدفق "تشي" الإيجابية، ومن ثم يعزز الازدهار والثروة.

خطوات عملية

يتحقق التوازن بين هذه العناصر الخمسة من خلال التناغم بين اللون والصوت والإضاءة لخلق حالة من الإيجابية، وتضمين عناصر أساسية مثل النوافير، أحواض السمك وميداليات الرياح على الأبواب، واستخدام المرايا بالطرقات الضيقة بالمنزل لتجعل المساحات الضيقة تبدو أكثر اتساعا، وربما تتشارك الثقافة الصينية والعادات العربية القديمة فيما يتعلق بالمرآة، حيث يُعتقد في كل منهما أن لا ضرورة لوجود مرآة في غرف النوم، كما ترفض الفنغ شوي وضع السرير على جدار الباب أو مقابل للباب مباشرة بل يجب أن يكون بعيدا عن الباب.

وتهتم فلسفة فنغ شوي بترتيب غرفة الجلوس لتسمح بتبادل الحديث بين كافة الأطراف دون أن تكون المحادثة متعبة لطرف، يدعو الفينغ شوي لتنظيم وترتيب المنزل وخلوه من المهملات والفوضى، وترتيب المطبخ يوميا لأنه أساس جلب الثروة، بحسب موقع أوبرا وينفري.

ازدهار الثروة

تتبع التقاليد الصينية القديمة التقويم الصيني، ومع كل عام تأتي عناصر وألوان أكثر تميزا من العام الآخر، مع احتفالات الصين بدخول عام الثور هذا العام، تصبح الألوان الفضية والبيضاء هي الجاذبة للثروة، وفقا لتقديرهم.

ويعتبر ممارسو ثقافة الفنغ شوي أن هناك ركنا أساسيا للثروة في المنزل يقع في الجنوب الشرقي من منزل الشخص، ويعتقد الصينيون أن وضع أحواض السمك في منطقة المال يجذب طاقة الثروة والوفرة، كما يستخدم الصينيون القطع النقدية المعدنية من أجل جذب الحظ السعيد.

وتستخدم سفينة الثروة الشعبية التقليدية للحصول على الكنوز من خلال استخدامها كقطعة ديكور، بالإضافة لإمكانية وضع نافورة مياه في ذلك الركن، فذلك يسهم جلب الصحة والثروة الوفيرة بحسب اعتقاد الممارسين، وبالتشابه مع العديد من الثقافات الآسيوية فإنهم يعتقدون أن الأحجار الكريمة تنقي البيئة من الطاقة السلبية وتجلب الطاقة الإيجابية خاصة حجر سترين وبيريت.

ليس الأشخاص فحسب، بل تتبع شركات كبرى مثل كوكاكولا ونايكي ومايكروسوفت وإنتل قواعد الفنغ شوي في التصميم المعماري لمكاتبها الرئيسية والديكور الداخلي بحسب موقع "آي إن سي" (inc).

ورغم أن العلم الحديث لم يثبت أن قوى تشي موجودة بالفعل، ولم يستطع أي من الممارسين تقديم دليل فعلي يقاس عليه قدرة تلك النصائح على تقديم شيء إيجابي، لكن تظل هذه الثقافة رائجة بشكل ما، لا سيما بالمجتمعات التي يؤكد المشاهير فيها على فاعلية ذلك، كما أن تمسك الأجيال على مدار آلاف السنين بتلك التجارب يساهم بشكل كبير في انتشارها.