عقوبة إخفاء الزواج الثاني.. هل تجرم مصر تعدد الزوجات؟

البعض يرى التعديلات الجديدة انتصارا للمرأة، والبعض الآخر يعتقد بأنها تحمل اتهاما ضمنيا للشريعة بظلم المرأة

عادات يمكنها تدمير الزواج (بيكسابي)
مشروع القانون يتيح للزوجة الثانية أيضا، طلب الطلاق طالما لم يبلغها الزوج بزواجه الأول (بيكسابي)

تسبب مشروع قانون ينظم عملية تعدد الزوجات بجدل شعبي وديني في مصر. المشروع تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب ومن المتوقع أن تناقشه اللجنة التشريعية بالمجلس، خلال الأيام المقبلة.

تمحور الجدل حول مادتين تحديدا، الأولى تنص على أن يقر الزوج في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، وفي حال كان متزوجا، عليه أن يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وإخطارهن بالزواج الجديد.

والثاني، فرض عقوبة على الزوج الذي يتزوج للمرة الثانية دون إخطار الزوجة الأولى، بالحبس لمدة لا تتعدى عاما وغرامة مالية، ومعاقبة المأذون في حال عدم التزامه بإخطار الزوجة الأولى بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول.

بين من يرى في هذه التعديلات انتصارا للمرأة، ومن يصفها بأنها تحمل اتهاما ضمنيا للشريعة بظلم المرأة، ما ملابسات هذا التعديل؟ وعلى ماذا ينص القانون الحالي في حالة الزواج مرة أخرى دون إخطار الزوجة الأولى؟

"الأزهر" يحسم القضية

على خلفية الجدل الشعبي حول التعديلات المقترحة، أعلنت اللجنة الدينية بمجلس النواب، إرسال مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد إلى الأزهر الشريف لأخذ رأيه في كافة التعديلات الجديدة، باعتبار مواد المشروع جميعها مستمدة من الفقه الإسلامي والقرآن والسنة، وفقا لصحف مصرية.

وجاء قرار الإحالة، متزامنا مع هجوم شخصيات دينية على المشروع الجديد والعقوبة المفروضة على الزوج.

ووصف أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عقوبة الزوج سواء بالغرامة أو الحبس في حال عدم إخباره زوجته الأولى بزواجه، بالمخالفة للشريعة الإسلامية جملة وتفصيلا.

وأوضح أن "المسلم من حقه الزواج بأكثر من زوجة، وأنه لا يوجد في الشريعة ما يلزم الرجل بإخبار زوجته بزواجه من أخرى".

ووفقا لمواقع مصرية، أشار أحمد كريمة إلى أنه سيكون أول من يطعن على القانون في القضاء المصري، مضيفا "لن نوافق على علمنة ما يخص الأسرة المسلمة، كأنكم تتهمون التشريع بظلم المرأة، وهذا يهدد العقيدة الإسلامية".

الطلاق لا يحدث عن طريق الصدفة! إليك أهم 20 سببا يؤدي إلى الانفصال
مشروع القانون الجديد يعاقب الزوج بالسجن سنة وغرامة قد تصل 50 ألف جنيه مصري (وكالات)

عقوبة قديمة وطلاق للضرر

المشروع الجديد، الذي يتيح للزوجة حق طلب الطلاق للضرر في حال زواج زوجها من أخرى دون إخبارها، وفي الوقت نفسه يمنح الزوجة الجديدة، أيضا، طلب الطلاق طالما لم يبلغها الزوج بزواجه الأول، ليس أمرا جديدا تماما.

فقد أوجب القانون المصري على الزوج إعلام زوجته بزواجه من أخرى، حيث إن نص القانون الحالي، وفقا للمادة "11 مكرر" من القانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985، والمنشورة على موقع مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان "على الزوج أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا فعليه أن يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مقرون بعلم الوصول".

كما "يجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العِشرة بين أمثالها ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة".

حبس الزوج وتغريمه

يفرض مشروع القانون الجديد عقوبة على الزوج الذي يتزوج للمرة الثانية دون إخبار الزوجة الأولى، بالحبس لمدة لا تتعدى عاما وغرامة مالية تبدأ من 20 ألف جنيه وتصل إلى 50 ألف جنيه مصري (1270- 3180 دولارا أميركيا)، ومع ذلك فإن القانون الحالي يفرض أيضا عقوبة على الزوج لكنها أقل وطأة، وترتبط بإخفاء حالته الاجتماعية والبيانات غير الصحيحة.

حيث تنص المادة 23 مكرر على الزوج بالحبس مدة لا تتجاوز 6 أشهر وبغرامة لا تتجاوز 200 جنيه (12.74 دولارا أميركيا) أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا أدلى للموثق بيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية أو محال إقامته أو محال إقامة زوجاته على ما هو مقرر في المادة 11 مكرر.

كما يعاقب الموثق مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تتجاوز 50 جنيها (3.2 دولارات أميركية) إذا أخلّ بأي من الالتزامات التي فرضها عليه القانون.

Nagwan Lithy - الطلاق، ليس بالقرار السهل، حتى اليوم لا تستطيع المرأة في مصر تحمل تبعات الطلاق - قصص الإنفصال في منتصف الطريق.. لماذا نتوقف عن منح الفرص؟
هجوم شخصيات دينية على مشروع القانون بوصفه يهدد استقرار الأسرة (بيكساباي)

مشاريع سابقة

التقديرات المتضاربة بشأن حجم حالات تعدد الزواج داخل المجتمع المصري، حسمها تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلال عام 2019، ويشير إلى وجود 44 ألفا و870 عقد زواج لرجل يجمع بين أكثر من زوجة.

ومع ذلك، يعتبر الرقم غير معبر عن الواقع بصورة صحيحة، حيث يذهب بعض الأزواج إلى التحايل على القانون من خلال دفع مبلغ للمأذون حتى يعلم الزوجة على عنوان خاطئ أو يخفي ذكر زوجته في وثيقة الزواج من الأساس، أو أحيانا، يقوم بالعقد بصورة عرفية حتى لا يتم إثبات عدد زيجاته في مصلحة الأحوال المدنية.

الأمر الذي دفع عددا من المنظمات النسائية الحقوقية، بطرح تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، خلال الأعوام السابقة، لوضع ضوابط على تعدد الزوجات.

وكان من بين مشاريع القانون، ما تقدمت به مؤسسة قضايا المرأة المصرية لمجلس الشعب عام 2017، حيث اشترط التعديل حينها وفقا لبوابة الأهرام المصرية، على الزوج تقديم طلب للمحكمة يلحق به أوراقه الزوجية القانونية ليتم إخطار الزوجة رسميا وتسأل عن موافقتها من عدمها، وفي حالة رفضها يتم تطليقها في الجلسة نفسها، وفي حال وافقت على الاستمرار في زواجها، فإن المحكمة ستلزم الزوج بمسؤولياته المالية تجاه أسرته مما يضمن العدالة بين الزوجتين.

ولم تنف تعديلات القانون، على مر السنين، أحقية الرجل الشرعية في الزواج بأكثر من امرأة، لكنها من خلال الضوابط المقترحة، حاولت إعطاء فرصة للزوجة الأولى باختيار استمرارية الحياة الزوجية أو إنهائها وطلب الطلاق للضرر، بما لا يخالف الشرع أو القانون.

المصدر : مواقع إلكترونية