جيرانك ليسوا أشباحا ولا يحركون الأثاث.. أكثر من سبب يفسر الضوضاء الليلية

%2 من سكان العالم يسمعون أصواتا غير منطقية ليلا تسمى الطنين (بيكسابي)

إذا كنت تشكو من جيرانك الذين يحركون أثاثهم كل ليلة بعد منتصف الليل دون مراعاة لشعورك، وإذا انتابتك مشاعر الخوف حينما عرفت أن الطابق الأعلى شاغر ولا يسكنه أحد، فأنت واحد من مئات الآلاف الذين مروا بنفس التجربة، ولا يجدون لها تفسيرا واضحا سوى بعض الأمور التي تتعلق بالأشباح وما وراء الطبيعة، لكن ماذا لو علمت أن الطبيعة نفسها سبب في ما تسمعه كل ليلة.

الطبيعة تتحدث

إذا كان ما تسمعه ليلا في المناطق الساحلية تحديدا والريفية هو صوت "طقطقة" متكررة ومزعجة، فإن بعض العلماء يطلقون على هذه الظاهرة اسم "الطنين" وهي سمعية يستطيع 2% من سكان العالم سماعها وفقًا لبعض التقديرات. ليس من الواضح متى بدأ الطنين لأول مرة، أو متى بدأ الناس في ملاحظته، لكنها بدأت في لفت انتباه وسائل الإعلام في السبعينيات، في بريستول بإنجلترا.

وبعد تلقي عدة تقارير منفصلة، سألت صحيفة صنداي ميرور البريطانية عام 1977 "هل سمعت الطنين؟" جاءت مئات الرسائل تؤكد سماع أصوات بمستويات متباينة، البعض وصفها بالهدير الخافت الذي يأتي من بعيد، والبعض الآخر وصفها بمحرك ديزل خامد، ولكن معظمهم اتفق على سماع هذه الأصوات ليلا، ولم يتضح وقتها أي تفسير منطقي لذلك.

لكن لنفترض أولا أنك استأجرت كوخا على بحيرة صغيرة، ربما أول ما ستلاحظه أنك سترى الناس من حولك لكنك لن تسمع حواراتهم أو على وجه الدقة لن تميز تلك الأحاديث، لكن مع بداية ساعات الليل ستبدأ تسمع أحاديثهم كما لو كانوا يجلسون إلى جوارك. هذه الظاهرة ناتجة عن انكسار الموجات الصوتية، والتي تلعب الحرارة دورا رئيسيا في تباينها.

ببساطة، تعتمد سرعة الموجات الصوتية على درجة حرارة الهواء، إذ تتحرك الموجات الصوتية بشكل أسرع في درجات الحرارة الأكثر دفئًا وأبطأ في درجات الحرارة الباردة.

حركة الجيران

لست وحدك في هذا العالم الذي يشكو من سماع أصوات أشياء متحركة تأتي من بيوت الجيران في أوقات متأخرة من الليل، وتحديدا ما يطلق عليه صوت كرات الرخام المتحركة أو جر الأثاث.

على الرغم من ذلك، فإن الحقيقة هي أن أصوات الضوضاء التي تنتقل إلى شقتك لا علاقة لها بالمستأجرين في الطابق العلوي بل ترتبط بشكل أكبر بالهندسة المعمارية والبنية التحتية القديمة للمبنى نفسه.

لنفترض أنك تعيش في مبنى قديم يعود إلى بدايات القرن العشرين، أو حتى مبنى أحدث تم تشييده منذ أكثر من 10 سنوات. في الحالتين هناك عدة عوامل تساهم في سماع أصوات غريبة بوضوح وسط سكون الليل، وهي الأنظمة الداخلية للتدفئة أو التبريد، أنابيب المياه وكذلك أنظمة العزل بين الحوائط والأسقف والأرضيات، وما لا يمكن توقعه أن الأصوات المارة خلال تلك الأنظمة يمكن أن تشبه إلى حد كبير صوت خطوات منتظمة أو جر أشياء ثقيلة كالأثاث أو حتى كرات رخامية متدحرجة.

يقول بريستون س. ويلسون، الأستاذ في برامج الصوتيات والأنظمة الديناميكية والتحكم في قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة تكساس في أوستن، إن ما تدعى "الصدمة الهيدروليكية" قد تكون مصدر الصوت، وتسمى "المطرقة المائية" وهي صوت طقطقة في الأنبوب عندما يتم إغلاق تدفق المياه بشدة.

قد تصبح أنظمة التدفئة والتبريد وأنابيب المياه والغاز أسبابا منطقية لأصوات الضوضاء الليلية (بيكسابي)

اتجاه الصوت

هناك تفسيرات أخرى للأصوات التي نسمعها بوضوح ليلا، وهي أنها تأتي من اتجاه آخر، على عكس ما نظن.

يقول المهندس تشونغ كي سين، بمعهد المهندسين في سنغافورة (IES) لصحيفة صنداي "إن الأصوات يمكن أن تتضخم أو تتغير في النغمة اعتمادًا على الوسيط الذي يحمل الموجات الصوتية، والصوت الذي نسمعه ونظن أنه يأتي من الطابق الأعلى لا يعني بالضرورة أن الصوت نشأ من فوقنا مباشرة".

وتابع "قد يكون الصوت قد نشأ من مكان آخر، وأن يُسمع أثناء انتقاله أفقيًا أو رأسيا".

وأشار كريسبين كازيمير، مهندس استشاري بشركة هندسية لموقع "هوم آند ديكور" إلى أن الهياكل الخرسانية المسلحة وسيلة فعالة للغاية في نقل الأصوات، ويمكن للصوت أيضًا أن ينتقل عبر النوافذ المفتوحة في شقق مجاورة.

ويرى الخبراء أنه، في بعض الأحيان، قد تكون الأصوات التي تسمع في الليل ناتجة عن تمدد أو تقلص الأنابيب أو مواد البناء داخل الحوائط والأرضيات، والتي تنتقل حتى أنك لا تسمعها من مصدرها الحقيقي.

وبحسب المعهد الأميركي للفيزياء، فسر الفيزيائي آندي بياسيك تلك الأصوات، خاصة أصوات الرخام المتحرك أو الدبابيس وأصوات "الطقطقة"، بأن الضوضاء يمكن أن تتغير صورتها الأصلية لأنها تتبدد في المباني، مما يعني أن الصوت الأصلي يمكن أن يكون مختلفًا تمامًا عن الضوضاء النهائية التي تسمعها، فصوت الكرات المتحركة ناتجة عن صوت أصلي مختلف كتدفق المياه أو ربما الفقاعات في الأنابيب البلاستيكية أو الفولاذية داخل المبنى إو انحباس الهواء داخل الأنابيب.

وبافتراض أنها حركة حقيقية من الجيران، تسمعها بوضوح ساعات الليل المتأخرة، فإن نوع الأرضيات المستخدمة سبب رئيسي في تضخيم الصوت الذي يصل إليك في غرفتك، لا سيما في المنازل التي تعتمد في تصميماتها على الأسطح الملساء كالرخام والبورسلين والخشب، وفي حالة وجود الفلين والسجاد لا تنقل الأصوات بنفس المستوى من الإزعاج.

المصدر : مواقع إلكترونية