حملة لتوصيل الطلاب والمساجد تفتح أبوابها.. السودان يواجه الفيضان بالتضامن الشعبي

مبادرة "وصلني" لتوصيل طلاب الثانوية العامة المتضررين من السيول إلى لجان الامتحانات (مواقع التواصل)

يواجه الشعب السوداني نوائب الدهر بصدر رحب، بألم ممزوج بابتسامة، حيث يعد السودانيون أنفسهم بأن غدا أفضل ينتظرهم، وإن تأخر قليلا فسوف يصنعون ما يساعدهم على تجاوز المحن بأقل الإمكانات.

ورغم أن عام 2020 أتى بما لم تشتهيه شعوب العالم، فإنه ربما كان للشعب السوداني نصيب أكبر من الأزمات والأيام الثقال، فأتت فيضانات وسيول سبتمبر/أيلول الجاري لتأتي على بقايا أمل كاد يقترب مع انفراج أزمة كورونا.

في ظل هذه الأجواء، يمتحن قرابة النصف مليون طالب في أرجاء الجمهورية السودانية، وسط تهدم مئات المنازل وتشريد آلاف العائلات.

فتحت المساجد أبوابها لتؤمن مكانا يؤوي طلاب الثانوية المتضررين من الفيضانات، وفتح السودانيون منازلهم للعائلات المتضررة وأبنائها، ولم يكتف أهل السماحة بذلك، بل تكفلوا بإرسال الكتب والمذكرات لمن تضرروا وتلفت كتبهم قبيل أيام قليلة من الامتحانات بفعل الفيضان، وذلك بعد أن انتشرت صورة لأحد طلاب الثانوية العامة يجلس حزينا على أنقاض منزله الذي جرفته السيول بما يحويه. وعقب انتشار تلك الصورة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، دشنت مبادرة "كتابك علينا" التي وفرت كتبا له ولعشرين طالبا في قرية بشندي، وهي القرية المتضررة التي ينتمي لها صاحب الصورة.

تقول المدونة السودانية ثراء مالك للجزيرة نت إن الأحوال المضطربة في مدن السودان دفعت المواطنين لتدشين عدد من المبادرات الأهلية لتأمين امتحانات الثانوية العامة، ففي ظل صعوبة الانتقال بين المقاطعات، بدأ أهالي السودان حملة للتبرع بسياراتهم لخدمة طلاب الامتحانات من خلال مبادرة "وصلني"، التي اشترك فيها قطاع النقل الحكومي مع الأهالي، لتوفير بديل آمن للطلاب بدلا من سيارات النقل.

شارك الأهالي في استعادة كفاءة المدارس التي تضررت جراء السيول بشكل جزئي، لكي تكتمل مسيرة الامتحانات، كما طالبت لجنة المعلمين السودانيين، في بيان رسمي لها، بالتكاتف الشعبي مع الحكومة، وأكدت أن المساهمة في إنجاح هذه الامتحانات في ظل الأوقات العصيبة التي يمر بها السودان يعد تحديا كبيرا لشعبنا المشهود له بالتكافل والتراحم.

شبح فيروس كورونا الذي عاد يهدد العالم، غاب عن امتحانات السودان، فلم تعرف اللجان الإجراءات الوقائية، ولم تظهر الكمامة على أوجه الطلاب، ولا يوجد قياس لدرجة الحرارة على الأبواب ولا مطهرات، كل ما في الأمر هو إجراءات الحماية المدنية المحيطة بالمدارس خوفا من السيول المباغتة.

تقول ثراء إن أهالي السودان نسوا الأزمة الأولى بأزمة ثانية، فمنذ سنوات لم يتعرض السودان لهذا الفيضان والسيل اللذين أتيا على الأخضر واليابس، وأضافت أن المساعدات التي وصلت للسودانيين كان أغلبها له علاقة بالمنتجات الغذائية والأغطية والأدوية التي تستخدم لعلاج الأوبئة مثل الملاريا والأنفلونزا الموسمية، بالإضافة للخيام ومعدات إعادة البناء، لكن على ما يبدو أن الجميع قد نسى فيروس كورونا، فقد خلت المساعدات من أي مساعدات طبية تخص الإجراءات الوقائية للحماية من عدوى كورونا.

المصدر : الجزيرة