عيد الأضحى بالمالديف.. احتفالات فلكلورية راقصة بلا أضحيات

عيد الأضحى في المالديف
جانب من احتفالات عيد الأضحى في المالديف (مواقع التواصل الاجتماعي)

يتسم عيد الأضحى من اسمه بالأضاحي والذبائح من الأغنام ومختلف أنواع الماشية في كافة البلدان الإسلامية، هكذا عهده المسلمون منذ القدم، ولكن ثمة احتفالات يغلب عليها طابع فلكلوري بعيد كل البعد عن اللحوم والفتة والثريد والذبائح، بل يندر فيه الذبح وأكل اللحم بسبب الطبيعة المحلية والاجتماعية للسكان، إنهم سكان جزر المالديف المحليون.

قد يخطر ببالك أن المالديف في الأعياد هي إجازة ساحرة هادئة بين الشواطئ والرمال والاسترخاء، لكن هذا الطابع يكون في المنتجعات السياحية وهي جزر مستقلة عن الجزر المحلية، التي ما إن تطأ قدمك عليها في الأعياد إلا وتسمع صخب الطبول والموسيقى والاحتفالات التي تضج بالجزر المحلية.

احتفالات عيد الأضحى

تبدأ الاحتفالات في الجزر المحلية عشية الوقوف بعرفات حيث تتزين الجيتي (Jetty)، وهي رصيف الميناء والشارع الرئيسي بغالبية الجزر، تكسوها الزينة استعدادا لصلاة العيد التي يجتمع فيها سكان أهل الجزيرة وأقاربهم من الجزر المجاورة.

وما إن تنتهي الخطبة حتى يفترش الشارع في لمح البصر بموائد مفتوحة مليئة بالأطعمة المحلية المختلفة، بلا أي لحوم أو مشتقاتها، بل تحتوي على أسماك مشوية، ونادرا ما يذبح أهل المالديف الماعز، الحيوان الوحيد المتوفر الذي ينطبق عليه شروط الأضحية والذي قد يتوفر في بعض العواصم الرئيسية بين الجزر الكبرى وليس شائعا، بل إن هناك العديد من الجزر لا يوجد بها حظائر للماعز أو الطيور.

بعد الإفطار الجماعي يتجه أهل الجزيرة للألعاب الجماعية ومهرجانات الألوان في الشوارع والمسابقات بين أهل الجزيرة وبعضهم سواء بالصيد أو الكرة أو أي من المسابقات الرياضية المحلية المعروفة، ومع اقتراب انكسار الشمس تبدأ احتفالات من نوع آخر من خلال الرقص.

الرقص والغناء

تفترش الجزيرة مسرحا مكسوا بإضاءة ملونة وحافلة بزينة الأعياد، تعتليه فرق محلية من الجزيرة للرقص على أنغام الأغاني الفلكلورية المالديفية أو الهندية، يتقنون الرقص عليها ببراعة ويتدربون لأشهر حتى يقومون بتلك العروض، إذ ينقسمون إلى مجموعات ويرتدون زيا موحدا للفرقة وتستمر الفرق في الرقص حتى ساعة متأخرة من الليل.

وفي صباح ثاني أيام العيد، تبدأ فرق استعراضية في تقديم العروض الراقصة في الشوارع الجانبية والساحات، حتى أنك ستحتار أي فرقة ستشاهد من كثرة العروض المتنوعة في الأرجاء.

يرتدي بعض الأشخاص زيا به العديد من العلب البلاستيكية أو الصفيح، لتصدر أصواتا عالية أثناء المسيرة، ثم تكسى بجريد النخل ويدور بالجزيرة يغني أغاني العيد والأغاني التراثية مصطحبا معه أهل الجزيرة في مسيرة احتفالية وذلك لإيصال التهنئة لكافة بيوت الجزيرة، فما إن يسمع صاحب البيت الصخب يخرج ليسلم على المسيرة، وحتى كبار السن الذين لا يستطيعون اتباع تلك المسيرات يصل إليهم العيد إلى باب منزلهم.

سمكة العيد

يطلق على سمكة العيد بالمالديف "بودو ماس" أي السمكة الكبيرة، وهي تقليد تعمل عليه العديد من النساء لصناعة نموذج كبير لسمكة ضخمة يتجاوز طولها عدة أمتار، وتعود القصة إلى التراث القديم للمالديف، حيث ترمز السمكة التي تسير جنبا إلى جنب مع الجن والأشباح ويصارعها أهل الجزيرة وينتصرون عليها ويحصلون على الرزق الوفير المقدس من المحيط لاحقا.

وبحسب التقاليد، فإن رجال الجزيرة الأقوياء يرفعون السمكة في مسيرة تجوب كافة أرجاء الجزيرة، ثم تنتهي في أبعد نقطة بالجزيرة. حيث يقومون بتقطيعها أو تركها علامة على انتهاء احتفالات العيد هذا العام.

تمارس احتفالات عيد الأضحى كل عام باختلاف طفيف في الطقوس أو ألوان الملابس الموحدة، ولا تختلف كثيرا بين جزيرة وأخرى إلا بحسب أعداد المشاركين، حيث على عكس المألوف يقل عدد المشاركين بالعاصمة ماليه وجزيرة هولومالي حيث يعود غالبية سكان المالديف إلى جزرهم الأصلية للاحتفال.

ومن حسن الحظ هذا العام أن المالديف كانت من أوائل الدول المسيطرة على الوباء، وأعلنت خلوها من فيروس كورونا منذ يونيو/حزيران الماضي، وفتحت أبوابها من أجل سياحة هادئة منذ 15 يوليو/تموز، وقد عادت الحياة لطبيعتها منذ ذلك الحين.

المصدر : الجزيرة