محمد الشعيبي.. شاب فلسطيني أحب الحياة البرية فوثّقها بعدسته

صورة لمحمد الشعيبي وهو في كمين يرتدي زيا يحاكي الطبيعة حوله، ويحمل كاميراته في دير غسانة شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
محمد الشعيبي وهو في كمين يرتدي زيا يحاكي الطبيعة حوله، ويحمل كاميرته في دير غسانة (الجزيرة)

صور لطيور وحيوانات وزواحف تعيش في البر الفلسطيني تجدها في صفحة الشاب محمد الشعيبي على فيسبوك، يضع تعليقا على كل صورة يوضح نوع الطائر أو الحيوان وأين يعيش في فلسطين.

فعلى مدى خمس سنوات متواصلة، يستيقظ الشعيبي (34 عاما) يوميا قبل شروق الشمس، يخرج من منزله في قرية دير غسانة (27 كيلومترا شمال غرب رام الله) وسط الضفة الغربية إلى مكان بري يحدده سابقا، ليلتقط صورة لطائر أو حيوان ما قبل أن يذهب لعمله، ساعده في ذلك أجواء قريته التي توجد بها محمية طبيعية.

صورة للسلطعون، وصورة لمحمد الشعيبي وهو يقوم بتوثيق صورة السلطعون من خلال تصويره بكاميراته.
محمد الشعيبي يوثق للسلطعون من خلال تصويره بكاميراته (الجزيرة)

يعتبر الشعيبي في حديثه للجزيرة نت ما يقوم به هواية مستمرة، يبذل جهده فيها، وأضحى اليوم ممن يوثقون الحياة البرية في فلسطين من خلال تصويرها وإدراج معلومات عنها بالصور والفيديو، رغم أن هذه الهواية ليست مصدر رزقه.

لا مرجعيات

الشعيبي الذي أنهى الدبلوم في تخصص ميكانيك السيارات، يعمل اليوم في محل لبيع المجوهرات وسط رام الله، لا علاقة لدراسته ولا عمله بما يقوم به من التوثيق البيئي، ويعتبر أن هذا المجال بحاجة إلى عمل دؤوب اختاره على عاتقه لأنه لا توجد مرجعية للمعلومات إلا على الورق حيث لم يوثق كل شيء بري في فلسطين.

لا يمتلك الشاب الفلسطيني سوى كاميرا "ديجيتال" عادية بلا عدسات خاصة، لذا فإن لقطة تصويرية معينة قد يحتاج فيها إلى ساعات طويلة كي يأخذها حسب الإضاءة وزاوية كمينه.

صورة الوعل النوبي ، وتم تصويرها من مطلات البحر الميت في برية القدس
صورة الوعل النوبي ألتقطت من مطلات البحر الميت في برية القدس (الجزيرة)

يختار قطعة قماش تشبه المنطقة التي يزورها للتمويه، ويكمُن لما يريد تصويره بعد تحديد مكان عيشه، ومن ثم يثبت نفسه حتى يأخذ اللقطة التصويرية التي يعتقد أنها مناسبة.

يحدد الشعيبي يوم الجمعة للعمل والتصوير في مناطق بعيدة عن مكان سكنه، لأنه يوم عطلته الوحيد، وقد يحتاج الأمر منه للسفر قبل ذلك بيوم حتى يلتقط صورته قبل شروق الشمس مع الحركة النشطة للحياة البرية.

الباشق الاوراسي
طائر الباشق الأوراسي (الجزيرة)

كورونا والحجر

استغل الشعيبي فترة الحجر بسبب كورونا وعدم الذهاب إلى العمل كي يكمن في المناطق التي يحددها لساعات طويلة، وهو ما جعله يوثق عددا كبيرا من حيوانات الحياة البرية خاصة أن فترة الحجر التي امتدت منذ بداية مارس/آذار وحتى نهاية مايو/أيار الماضيين، هي فترة تكاثر للحيوانات والطيور، وكذلك شهدت هجرات لها من فلسطين وإليها.

الثعلب الأحمر
الثعلب الأحمر يعيش في فلسطين أيضا (الجزيرة)

أصبحت خبرته اليوم متراكمة، يعرف أين سيذهب وما هي الزاوية التي يكمن فيها، ولكن مشكلته لا تزال مستمرة بعدم وجود معدات احترافية للتصوير وللإضاءة ولسرعة التقاط الصورة، مما اضطره للتعامل مع الكاميرا التي يملكها للحصول على أفضل النتائج.

اختار الشعيبي أن ينشر كل يوم صورة على صفحته في فيسبوك، ويقوم بين فينة وأخرى بتنظيم مسارات بيئية لتعريف الناس بالبيئة وأهميتها وعدم تخريبها، مؤكداً أنها إرث هام يجب الحفاظ عليه.

جهل بالبيئة

يعتبر الشعيبي في حديثه للجزيرة نت أن الشعب الفلسطيني يُحارب في أرضه، ويسعى الاحتلال الإسرائيلي لطمس هويته وتاريخيه حتى في المجال البيئي.

مرات كثيرة تم منع الشعيبي من الدخول إلى مناطق يسيطر عليها الإسرائيليون، رغم أنها داخل الضفة الغربية، بحجة وجود مستوطنات قريبة أو أنها مناطق محميات طبيعية، ورغم ذلك فإنهم يسمحون للإسرائيليين بالتصوير والتوثيق، وإعطائهم المعلومات الكافية عن الطيور وأماكن وجودها وتكاثرها.

صورة للبومة في فلسطين
صورة للبومة في فلسطين (الجزيرة)

يرى الشعيبي أن 90% من المعلومات التي ينشرها برفقة الصور لا يعرفها الناس ولا يلاحظونها أصلا، فماذا يعني عصفور على شباك المنزل؟ وما نوعه؟ وكيف يتكاثر؟ وأسئلة كثيرة حوله بحاجة إلى ثقافة بيئية للحصول على هذه الإجابات.

ويشتكي الشعيبي من عدم وجود دعم له خاصةً من جهات لها علاقة بما يوثقه، خاصة أنه الوحيد الذي يوثق بالفيديو حركة الحياة البرية ولا يعتمد فقط على الصور الثابتة.

ويشير إلى أن حوالي 30 شخصاً من الضفة وغزة والأراضي المحتلة عام 48، تواصلوا معه للعمل سويا، لكن بسبب عدم وجود جدوى يتركون ذلك.

المصدر : الجزيرة