بيبسي أم كوكاكولا؟.. نصف قرن من الصراع على مشروب واحد ومذاق مختلف

حرب النصف قرن بين كوكاكولا وبيبسي
تعد بيبسي حليف المجتهدين بسبب ارتفاع نسبة الكافيين، في حين يفضل البعض كوكاكولا لشائعة مساعدتها على الهضم

يختلف العالم حول "بيبسي" و"كوكاكولا" كاختلافه على أفضل أندية كرة القدم، في وقت تستخدم فيه الشركتان تركيبة كيميائية متشابهة. لكن الأغرب هو أن كل محب لمشروبه متأكد من اختياره، في حين لا يَعرف سببا ملموسا لذلك.

من يفوز في تحدي الطعم؟

اشتعلت حرب الكولا في عام 1975 مع إطلاق بيبسي تحديا لاختبار الطعم دون معرفة أي مشروب تتناول. ورغم أن بيبسي وكوكاكولا كانتا تتنافسان على أكبر حصة في السوق منذ تأسيس شركة "بيبسي كولا" في عام 1899، فإن التحدي شكّل نقطة تحول في حرب المشروب الأفضل عالميًا.

كانت نتيجة اختبار الطعم محسومة لصالح بيبسي أمام كوكاكولا حسب رأي الجمهور. تحتوي تركيبة بيبسي على المزيد من السكر، مما يجعلها الفائزة من أول رشفة. هناك اختلافات أخرى غامضة في النكهات الطبيعية المدرجة في كلا المشروبين. وعلى الرغم من تلك الاختلافات، لا يستطيع الجمهور معرفة الفرق. لكن يمكنك إحضار عبوة من كلا المشروبين وملاحظة الفرق.

ففور فتح عبوة بيبسي وتذوق الرشفة الأولى ستشعر بحرقة في حنجرتك بسبب اعتماد بيبسي على نكهة الفواكة الحمضية الشديدة، عكس كوكاكولا التي تتميز بطعم الفانيليا الهادئة. ستلاحظ أيضا أن كوكاكولا أقل حلاوة من بيبسي لاعتمادها على الصوديوم، ورغم ذلك تظل بيبسي محتفظة بسعرات أقل وطعم حلو في الوقت ذاته.

تعد بيبسي أيضا حليف المجتهدين بسبب ارتفاع نسبة الكافيين الموجودة في العبوة عن مثيلتها، كما أن فقاعات الهواء لن تتطاير على وجهك وأنت تشربها لأنها أقل غازية مقارنة بكوكاكولا، التي تستخدم مياه مكربنة أكثر، والبعض قد يفضل ذلك بسبب شائعة أنها تساعد على الهضم.

الحرب العالمية للكولا

يتركز جزء كبير من إيرادات كوكاكولا في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، في حين تتركز العمليات الأساسية لشركة بيبسي في الولايات المتحدة الأميركية. هناك فرق آخر هو أن كوكاكولا هي أكبر شركة مشروبات في العالم. لكن تنوعت أعمال شركة بيبسي بين المشروبات والوجبات السريعة، حيث مثل الطعام 53% من إيراداتها في عام 2017، وأصبح العملاء الذين يشترون الوجبات السريعة غالبا ما يشترون مشروبا مكملا، والعكس صحيح.

وبحكم العادة بات المستهلك يشتري المنتجيْن حتى لو لم يخطط لذلك في الأصل، مما سمح لشركة بيبسي بتحويل العديد من عملائها إلى عملاء مزدوجين بأقل قدر ممكن من النفقات.

يبدو أن لكلتا الشركتين إستراتيجيات توزيع ضخمة، ومع ذلك ما زالتا تصنعان قراراتهما بسرعة وعشوائية في محاولة للتكيف مع عادات المستهلك. فقد أثرت المنافسة على قرارات الشركتين، بداية مع فوز بيبسي في تحدي الطعم الذي دفع كوكاكولا لتغيير تركيبتها الكيميائية حتى خسرت العديد من محبيها وارتفعت مبيعات بيبسي مقابلها.

لكن الحظ السيئ كان حليفا لبيبسي بدرجة أكبر وبعدد فلكي من الزلات التي ارتكبتها الشركة في السنوات الماضية، خاصة في إدارة علامتها التجارية والطريقة التي عرضت بها منتجها، الأمر الذي تسبب في إعلان مبكر من مجلة "فورشن" (Fortune) في نهاية التسعينيات أن "كوكاكولا تركل بيبسي وتفوز بالحرب".

لم يدم ذلك الفوز حتى منتصف التسعينيات بسبب ملاحظة بيبسي التوجه لأنجح إستراتيجية طويلة الأجل لحرب الكولا تحت شعار "جمع واكسب". فيمكن للمستهلكين جمع نقاط بيبسي من على العبوات والكؤوس واستبدالها بمنتجات بيبسي مجانا. كذلك نجاحها الأهم في تسويق زجاجات المياه بعد اتجاه الأميركيين لحساب السعرات الحرارية وعيش حياة صحية.

أيهما يحبه الجمهور أكثر؟

أجرى صمويل ماكلور دراسة للبحث عن الأسباب الموضوعية وراء تفضيل الجمهور لمشروب على الآخر، رغم تشابههما. ومع أن النسبة الكبرى من المبحوثين كان ولاؤهم لكوكاكولا، قاس ماكلور التفضيلات السلوكية بشفافية من خلال اختبارات التذوق دون أن يعرف المبحوث أيهما يشرب. ووجد أن الأشخاص ينقسمون بالتساوي في تفضيلاتهم الخاصة بكوكاكولا وبيبسي في ظل غياب معلومات عن أيهما يشربون.

أكدت الدراسة أن العلامة التجارية ذات قيمة أكبر من الطعم بالنسبة للجمهور، كما كانت هي السبب في فوز كوكاكولا في تلك الحرب الدائرة في الولايات المتحدة. ففي عام 2011 استحوذت علامة كوكاكولا التجارية بنسختيها العالية والمنخفضة السعرات الحرارية على السوق.

اليوم تعتبر علبة الكولا الحمراء واحدة من أكثر المنتجات شعبية في العالم. فعلى مدار تاريخها اتبعت كوكاكولا نهج "اللعب النظيف". فاهتمت بالعزف على وتر الحنين والسعادة في إعلاناتها، وكونها شريكا في مناسبات العائلة و"لمة" الأصدقاء، واهتمت بالتسويق لنفسها بوصفها علامة تجارية في حملات إعلانية حققت نجاحا ضخما.

ركزت كوكاكولا بشكل أكبر على صناعة المشروبات، ولم تتطرق إلى الدجاج المقلي وشرائح البطاطس كمثيلتها لإدراكها أن الصودا ستظل الأهم في مبيعات قيمتها 81 مليار دولار في أميركا فقط، لتتفوق على مبيعات المياه المعدنية بنحو أربعة أضعاف.

السوق الذي تركته بيبسي إلى كوكاكولا جعلها أكثر إبداعا واهتماما بأصالتها من جهة، ووجهها الشاب دوما من جهة أخرى بعدما طاردت جيل الألفية بنكهات عصرية كالليمون والبرتقال، وهو ما تحاول بيبسي اللحاق به في العامين الماضيين.

المصدر : مواقع إلكترونية