التسوق الرمضاني في لبنان.. اقتصاد في المشتريات وتقنين الأساسيات

أنواع من التمور تحتل العروضات في رمضان
الكثير من العائلات اللبنانية يقبل على شراء التمر بأنواعه كفاكهة مرتبطة ارتباطا وثيقا بشهر رمضان (الجزيرة)

هلا الخطيب-بيروت

يختلف التسوق هذا العام لشهر رمضان عن التسوق الرمضاني في كل عام، ففي لبنان وبسبب انتشار فيروس "كوفيد-19" فرضت الحكومة نظاما للتنقل اليومي، فيوم للسيارات التي تنتهي لوحاتها برقم مفرد، ويوم للتي تنتهي لوحاتها برقم زوجي، ويوم الأحد يمنع التجول إلا في حالات الطوارئ.

كذلك فرضت على المحلات التجارية الإقفال عند الخامسة مساء، وامتدت لتصبح عند الثامنة. هذه الترتيبات جعلت المحلات أقل اكتظاظا هذا العام.

اختلف مشهد رفوف المتاجر "السوبرماركت" في لبنان، حيث اختفت بعض المنتوجات وأصبحت لها بدائل من منتوجات محلية وسورية وتركية ومصرية، ومنتوجات أخرى أصبح شراؤها ضربا من الترف بسبب ارتفاع أسعارها مع انهيار سعر الليرة في سوق الصيرفة والسوق السوداء، ووصول الدولار إلى حدود 3400 ليرة، في حين لا يزال سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة.

ورغم الحال الاقتصادية الصعبة في البلاد منذ سبتمبر/أيلول الماضي، فإن أنواعا من المنتوجات الرمضانية فرضت نفسها ضيفا موسميا على الرفوف.

‪العصائر‬ (بيكسابي)
‪العصائر‬ (بيكسابي)

المشروبات الرمضانية
الجلاب والعرقسوس والتمر الهندي يكاد ينساها الناس في الأيام العادية، ويعود إليها وهجها قبل رمضان بأيام. وهي أنواع شراب تعتبر تقليدية في لبنان وعدد من الدول العربية. وتقدّم عادة إما أثناء الإفطار أو السحور أو بينهما.

يشترى الجلاب غالبا كشراب مركز -محضر من دبس العنب أو دبس التمر وعصير الليمون وماء الورد والبخور- ويخفف بالماء البارد، ويضاف إليه حبوب المكسرات النيئة كالصنوبر واللوز والكاجو والفستق الحلبي والزبيب.

أما التمر الهندي فيكون على شكل أوراق يابسة تنقع بالماء وتحضر منزليا بطرق مختلفة.

وعادة ما يباع السوس أو العرقسوس وعصير قصب السكر في محلات العصير التي تزدهر في الشهر الفضيل.

لبن العيران أيضا من المشروبات المرغوبة في رمضان، وهو لبن رائب يضاف له الماء والملح، ويمكن شراء الزبادي وتخفيفه منزليا وكذلك إضافة قليل من الثوم والنعناع الجاف له.

كل هذه المشروبات تصبح ضرورة على لائحة مشتريات رمضان، في حين بالكاد تشترى في الأشهر العادية.

‪الفاكهة المجففة والمكسرات ارتفعت أسعارها جدا، لدرجة الاستغناء عن وجودها على المائدة‬ (الجزيرة)
‪الفاكهة المجففة والمكسرات ارتفعت أسعارها جدا، لدرجة الاستغناء عن وجودها على المائدة‬ (الجزيرة)

مقبلات وحلويات لا بد منها
يقبل الكثير من العائلات على شراء التمر بأنواعه كفاكهة مرتبطة ارتباطا وثيقا بشهر رمضان، ذلك أنه من المستحب بدء الإفطار بحبتي تمر. كما يعتبر التمر من الضيافة الأكثر شيوعا بلبنان في رمضان، إضافة إلى قمر الدين والفواكه المجففة من المشمش والتين والزبيب، يرافقها المكسرات النيئة أو المحمصة من الجوز واللوز والفستق الحلبي والكاجو.

ومن الجدير ذكره أن التمر والمكسرات عامة من النوعية الجيدة ارتفعت أسعارها جدا، لدرجة يفضل البعض الاستغناء عن وجودها على المائدة.

والحلويات في لبنان بات معظمها يحضر منزليا شأنها شأن المعجنات التي باتت علاقة السيدات وطيدة بها أثناء الحجر المنزلي.

وتقول فاطمة عرفات للجزيرة نت، إنها ستحضر حلويات رمضان هذا العام منزليا، وتعتبر أن لا شيء يصعب بوجود "غوغل" وصفحات الطبخ التي انتشرت كثيرا أثناء فترة الحجر التي لا تزال قائمة.

نور حيدر قالت هي الأخرى للجزيرة نت، إنها حضرت عجائن الرقاقات أي رقائق الجبن والخضروات و"السنْبوسَك"، وهي جاهزة في مجمدة الثلاجة وكافية لشهر رمضان كاملا. كما اشترت بعض مخبوزات الحلويات نصف المصنعة كالبقلاوة، وزنود الست، والكلاج، إضافة إلى عجين المناقيش نصف المطبوخ.

وتخبر أنها مونت من قريتها الجنوبية خبز الجريش المشهور بخليط حبوبه كالسمسم وحبة البركة والجريش وبزر الكتان وسواها، وأن ثلاجتها باتت لا تتسع لغرض إضافي.

‪حساء العدس معتمد على المائدة الرمضانية كون سعره أقل من غيره‬ (مواقع التواصل)
‪حساء العدس معتمد على المائدة الرمضانية كون سعره أقل من غيره‬ (مواقع التواصل)

الحساء واللحوم
حسان صعب يؤكد للجزيرة نت أن تجربة التسوق هذا العام أصبحت موجعة، فهو لا يريد أن يغير عادات مشترياته في رمضان، لكن الظروف حالت دون أمنياته.

ويقول إنه اتفق مع زوجته ألا يقيما الإفطارات هذا العام للأصدقاء، من ناحية بسبب الحجر المنزلي، ومن ناحية أخرى بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة، ويضيف أنه من المجدي أكثر التبرع للعائلات الأكثر فقرا والتي سيكون إفطارها متواضعا جدا.

ويوضح حسان أنه أحضر عددا كبيرا من مغلفات الحساء الجاهز بمذاقات مختلفة، إضافة إلى العدس والدجاج اللذين يشكلان الحساء اليومي في رمضان. أما اللحوم فهو يفضل شراءها يوميا أو كحد أقصى كل يومين.

ماجدة الشيخ تخبر الجزيرة نت أيضا بأن غلاء الأسعار هذا العام لا يطاق، وبأنها اقتصرت في تسوقها على الضروريات، فاشترت الطحين لتعجن منزليا بعض المعجنات، ولم تشترِ مغلفات الحساء، بل كمية وافرة من العدس للحساء اليومي واللحم المثلج للطبخ. واستبدلت بالدجاج الكامل أفخاذ الدجاج لأنها أرخص ثمنا، أما التمر فاشترت نصف كيلو لأن سعره صار خياليا.

وتقول إنها ربما لن تحضر الفتوش (من المقبلات) يوميا كما عادة اللبنانيين في رمضان، وقد تكتفي بسلطة البندورة والخيار، أما الجلاب فتضيف أنها ستقدمه للعائلة سادة من دون مكسرات.

وتختم بأن من إيجابيات الحجر أن الناس غير مضطرين لدعوة بعضهم بعضا إلى الإفطار، لأن الوضع الاقتصادي لا يحتمل إطلاقا.

المصدر : الجزيرة