بخور وحرمل وأذكار.. هكذا يواجه عراقيون فيروس كورونا

سيدة تقوم بإشعال الحرمل في الناصرية
حرمل وبخور في الناصرية "لحفظ البيت" (الجزيرة)
الجزيرة نت-ذي قار
 
تقف أم أحمد (54 عاما) عند عتبة دارها كل مساء، تنتظر غروب الشمس، لتذهب إلى المطبخ لإشعال "الحرمل" وتبخير البيت، حيث تواظب السيدة الخمسينية على هذه العادة بين الحين والآخر، لكنها بدأت تستخدمها بشكل يومي بعد انتشار فيروس كورونا، فهي تعتقد أن هذا يطرد الشر والأمراض.
 
والحرمل نبات عشبي ينمو في البلدان العربية ودول الشرق الأوسط، ويستخدم في الطب الشعبي منذ أمد طويل. ويعتقد مستخدموه أنه يعالج الأمراض الهضمية ويحفظ الجسم.
 
وتحرص أم أحمد على ألا يخلو بيتها من نبات الحرمل، فخلطته في التبخير مميزة -كما تقول للجزيرة نت- وبعض الأحيان يأتيها نسوة الحي لتعطيهن جزءا من هذه الوصفة التي يعرف رائحتها أهالي المنطقة كلما أشعلته في المساء.
الطاس الخاص بالحرمل (الجزيرة)
الطاس الخاص بالحرمل (الجزيرة)
الحرمل وكورونا
بعد تسجيل العراق لأول إصابة بفيروس كورونا نهاية فبراير/شباط الماضي، وانشغال السلطات بمنع انتشاره من خلال الإعلان عن إجراءات وقائية، انشغل عدد من المواطنين في البحث عن طريقة أخرى للوقاية من الفيروس، متجاهلين الإجراءات الصحية، وذلك باللجوء إلى استخدام الحرمل وتبخير المنازل.
 
ولا يخلو الحي الشعبي -الذي تقطنه أم أحمد في مدينة الناصرية جنوب العراق- من رائحة الحرمل التي تفوح من المنازل وتمتلئ بها الأزقة الضيقة، في ظل انتشار جائحة كورونا التي أصابت مئات العراقيين وتسببت بوفاة العشرات منهم، وتكاد تتفق بعض النسوة على أن الحرمل هو الحل للخلاص من كورونا الذي ينتشر في الجو بحسب اعتقادهن.
 
وليس بعيدا عن أم أحمد، فماجدة عادل (46 عاما، معلمة) لم تكتف باستخدام الحرمل بل بدأت في عمل الأحراز (أدعية تُكتب بورقة ويُكتب عليها صاحب الطلب والحاجة ويتم لفها بشكل جيد ولا تفتح) عند أشخاص مختصين بهذا الأمر، ويُطلب منها قراءة المعوذات يوميا.
 
تقول ماجدة للجزيرة نت إن قراءة بعض الأذكار ووضع خيط على اليد من شأنه أن يزيد من اطمئنانها النفسي وتشعر بأنها بعيدة عن الفيروس الذي بدأ ينتشر في مدينتها. 
مختبر علمي يقوم بفحص عينات دم للتأكد من الإصابات بكورونا (الجزيرة)
مختبر علمي يقوم بفحص عينات دم للتأكد من الإصابات بكورونا (الجزيرة)
اطمئنان
يعتقد رجال دين أن توجه الناس نحو استخدام بعض الأعشاب واللجوء إلى الأدعية أو المزارات أو قراءة الأذكار ما هي إلا طرق تتعلق بالجانب الروحي للإنسان، ولطمأنة النفس.
 
كما يعتبر الشيخ طه الدراجي استخدام الحرمل والأذكار (فقط) للوقاية من كورونا أسلوبا غير صحيح للتعامل مع الفيروس، موضحا أنه رغم عدم اعتراضه على استخدام هذه الطرق فإنها لا تكون بديلا عن اللجوء للجهات الصحية في حال وقوع ظرف صحي يتطلب ذلك.
 
العلم والأوهام
من جهته أنكر الدكتور حيدر حنتوش مدير الصحة العامة في صحة ذي قار اللجوء للتعامل مع فيروس كورنا بالبخور والأذكار فقط دون الأخذ بالاحترازات الصحية.
 
واعتبر في حديث للجزيرة نت أنه في حال غياب الحلول المباشرة والأكيدة -مثل ما يحدث في الموجة الوبائية الحالية لفيروس كورونا- فقد تركت مساحة واسعة للأوهام.
 
ويعتبر ناشطون داعمون لحملات الإجراءات الوقائية استخدام هذه الأساليب من شأنه أن يقوض عمل المؤسسات الصحية في حال انتشر الفيروس، وفي ظل استهانة بمخاطر المرض ودعوات لكسر حظر التجوال من قبل رجال دين لا يكترثون بخطورة الفيروس القاتل.
 

عينات من فحص مختبري (الجزيرة)
عينات من فحص مختبري (الجزيرة)
سلطة المرض
يقول الدكتور عدي الشبيب الأكاديمي بجامعة ذي قار والمختص بعلم الاجتماع إنه يجب مناقشة مرجعياتنا الفكرية في المجتمعات أو في الثقافة الشعبية مؤكدا ضرورة التعامل مع المرض بأسلوب علمي عملي، مضيفا أن العالم يعيش الآن في زمن الثورات العلمية والذكاء الاصطناعي.
المصدر : الجزيرة