مبادرة "متطوع لأجل قطر".. مواطنون ومقيمون يتطوعون لمحاربة فيروس كورونا

التطوع ثقافة عند الكثير من القطريين
"متطوع لأجل قطر" مبادرة أطلقتها قطر الخيرية للمساهمة في الحد من انتشار فيروس كورونا (الجزيرة)
محمد السيد-الدوحة
 
لم تكن القطرية إيمان الكعبي تعلم أن معاناة فقدان الأب مبكرا بسبب المرض، ستكون سببا في شغفها وحبها للانخراط في الأعمال التطوعية التي غيّرت حياتها تماما، وجعلتها تسخّر جميع طاقاتها لخدمة المحتاجين والتخفيف عنهم بل إنقاذ حياتهم أحيانا.
 
مواقف شخصية وحياتية صعبة مع المرض تعرضت لها إيمان، كانت كفيلة بتعلقها بخدمة المجتمع والمشاركة في أعمال الخير، ومنحها القدرة على العطاء حتى أصبحت واحدة من أبرز المتطوعات في مبادرة "متطوع لأجل قطر" التي أطلقتها جمعية قطر الخيرية، للمساهمة في الجهود التي تبذلها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
 
وتقول الكعبي للجزيرة نت إن "فقدان شخص عزيز بالمرض أمر في غاية الصعوبة على المقربين منه، لذلك شاركت في المبادرة لخدمة وطني والمواطنين والمقيمين على أراضيه، خاصة في ظل الوضع الراهن المتمثل بأزمة فيروس كورونا".
 
وأضافت أن "المرض أخذ مني أشخاصا عزيزين على قلبي، منهم والدي الذي توفي في طفولتي بعد معاناة من مرض سرطان الكبد عام 1989، وأيضا تعاني منه حاليا شقيقتي التي تأجلت عمليتها لزراعة الكبد في بريطانيا بسبب تفشي فيروس كورونا، كما أن والدتي عانت كثيرا من الأمراض".
‪
‪"متطوع لأجل قطر" تهدف للتوعية بمخاطر فيروس كورونا‬ (الجزيرة)

من أجل قطر

انضمام إيمان الكعبي لمبادرة تطوعية لم يكن جديدا عليها، حيث إنها تواظب على المشاركة في جميع الأنشطة التطوعية مع جمعية قطر الخيرية منذ عام 2016، من أجل خدمة الوطن الذي قدم لها الكثير ومن أجل مساعدة المحتاجين.
 
وتهدف مبادرة "متطوع لأجل قطر" إلى المساهمة في الجهود التي تبذلها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، بحسب معايير وزارة الصحة العامة والجهات المعنية في قطر، كما تأتي بمساندة المجتمع المدني للاستفادة من كل الجهود التطوعية، عبر توظيف قدرات المتطوعين للمساهمة في خدمة المجتمع.
 
تتمنى إيمان أن تكون قشة في بحر التطوع، "أسد احتياج أي فقير، وأنقذ أي شخص من الضياع. وقطر في هذه الأوقات تحتاج إلى وقفة كل أبنائها إلى جانبها"، وبهذه الكلمات بررت مشاركاتها في المبادرة التي تهدف للحد من انتشار كورونا ومحاولة السيطرة عليه وتقليل الإصابات به، رغم مخاطر التعرض لها.
 
وتعتبر أن مشاركاتها في المبادرة هي أيضا نوع من محاربة المرض، حتى لا يصل إلى أسرتها وأطفالها الصغار، أو يصل إلى أشخاص عزيزين على قلبها، وكذلك محاولة القضاء عليه وحصره بعيدا عن جميع الإخوة والأخوات من المواطنين والمقيمين على أرض قطر.
‪توزيع المساعدات على العمال في مناطق الحجر الصحي‬ (الجزيرة)
‪توزيع المساعدات على العمال في مناطق الحجر الصحي‬ (الجزيرة)

توعية المجتمع

بدورها، سعت المتطوعة حمدة الكعبي -من خلال المبادرة- إلى توعوية المجتمع لاتباع تدابير الأمن والسلامة والإجراءات الوقائية، كما ساهمت في توزيع المواد الغذائية على العمال في مناطق الحجر الصحي، وتوزيع عدد من المنشورات والفيديوهات التوعوية التي تشمل إرشادات التعامل مع فيروس كورونا.
 
وتقول حمدة للجزيرة نت إن "هدفي من التطوع إنساني بحت، خاصة في ظل احتياج الكثيرين للدعم والمساعدة، فضلا عن الضغط الكبير الذي تعيشه قطر حاليا بسبب فيروس كورونا وحاجتها للمساعدة من الجميع".
 
التطوع ثقافة قديمة لدى حمدة، هدفه تقديم الدعم والمساعدة للفئات المحتاجة، حيث سبق لها المشاركة في الكثير من الأنشطة التطوعية، أبرزها دعم اللاجئين السوريين، فضلا عن الخدمات المجتمعية والأنشطة التطوعية.
 
ثقافة التطوع
لم تكن غاية المهندس علي الهيدوس في التطوع مختلفة عن مواطنتيه إيمان وحمدة، لكنه سعى أن يقدم المساعدة والدعم حتى لو في أبسط صوره، بالمساعدة في تعبئة المواد الغذائية وتوصيلها إلى الموجودين في الحجر الصحي.
 
ويوضح الهيدوس أن التطوع من الأمور الجميلة التي يسعى من خلالها لأن يكون له دور مهم في المجتمع يخدم به وطنه، خاصة في أزمة فيروس كورونا التي يشعر فيها بضرورة المساهمة في مساعدة المحتاجين بتقديم العون والتوعية.
 
مثله كمثل الكثير من أقرانه الذين شاركوا في مبادرة "متطوع لأجل قطر"، كان الهيدوس محبا للتطوع منذ صغره، حيث شارك في الكثير من الفعاليات التي تستضيفها قطر سواء الثقافية أو الرياضية، وعمل في أكثر من مهرجان لخدمة الجمهور وتوعيته.
 
ويعتبر الهيدوس أن فيروس كورونا يحتاج من كل واحد أخذ الحيطة والحذر وتقديم المساعدة لتجنب الإصابة بالمرض، وبالتالي إصابة عائلته وأحبائه وجميع المقربين منه، وهو ما ستكون له أضرار وخيمة على المجتمع كله.
‪توزيع المساعدات الغذائية على العمال وتوعيتهم‬ (الجزيرة)
‪توزيع المساعدات الغذائية على العمال وتوعيتهم‬ (الجزيرة)

الحد من كورونا

الموظف في اللجنة الأولمبية القطرية محسن جاسم، كان من الذين انضموا لمبادرة "متطوع لأجل قطر" بهدف توعية المواطنين والمقيمين ومساعدة الدولة في الحد من انتشار فيروس كورونا.
 
ويرى محسن -الذي دخل عقده الخامس من العمر- أن التطوع ليس حكرا على أشخاص معينين، وإنما هو مفتوح لجميع أفراد المجتمع لخدمة وطنهم في كافة المجالات، وليس في مواجهة فيروس كورونا فقط.
 
ويعتبر محسن -الذي بدأ المشاركة في الأعمال التطوعية منذ عام 2017- أن التطوع ثقافة يجب على الجميع تعلمها، ورسالة مهمة تحمي المجتمع وتساعده على التقدم والرخاء في كافة المجالات.
 
ولاقت مبادرة "متطوع لأجل قطر" تجاوبا كبيرا، حيث وصل عدد المتطوعين فيها إلى 7460 متطوعا من المواطنين والمقيمين، علما بأنه يشترط أن يكون المتطوع قطري الجنسية أو من المقيمين بدولة قطر، وألا يقل عمره عن 18 سنة، كما يجب أن يكون لائقا طبيا لأداء الأعمال المطلوبة منه.
المصدر : الجزيرة