أحد أسرع القطارات.. مترو الدوحة يغير نمط حياة السكان

عماد مراد-الدوحة

لم يكن من المتخيل أن يشهد مشروع مترو الدوحة هذه الكثافة التشغيلية في مدينة لم تتعود قط على ثقافة النقل الجماعي، فكان المتابع لهذا المشروع الضخم في مراحل إنشائه يرى أن السبب في إقامته هو استضافة كأس العالم لكرة القدم "مونديال قطر 2022" لتسهيل نقل الجماهير للملاعب التي تستضيف المباريات.

لكن مع بدء التشغيل التجريبي لخطوط المترو الثلاثة وإقبال شرائح واسعة من الناس عليه، بدا أن هذه الوسيلة الجديدة تساهم في تغيير نمط حياة المجتمع في تنقلاتها المختلفة، ساعد على ذلك التخطيط الجيد لمحطات المترو التي تخدم كافة المناطق الحيوية في البلاد، ووجود عدد كبير من المحفزات على نجاح هذه الظاهرة.

"وسيلة سريعة ومريحة ترفع عن كاهلنا عناء الزحام وقيادة السيارة في ساعات الذروة" بهذه الكلمات يوضح المواطن القطري حمد بورشيد أسباب اعتماده على مترو الدوحة في رحلته اليومية من الوكرة جنوبي العاصمة إلى منطقة الدفنة شرقا حيث مقر عمله، فرحلة بورشيد الآن بالمترو لا تتجاوز دقائق معدودة في حين تصل إلى أكثر من ساعة بالسيارة.

لماذا المترو؟
ويضيف بورشيد أسبابا أخرى ساهمت في اتخاذه قرار الاعتماد على المترو، منها وجود أماكن عدة لإيقاف السيارات في أقرب محطة مترو إلى منزله، فضلا عن خدمة "مترولينك" التي تجوب كافة المناطق المحيطة بالمحطات لنقل الركاب من وإلى المحطات في راحة تامة، بالإضافة إلى أنها وسيلة نقل مريحة وسريعة وتساعد على النشاط البدني.

وبالإضافة إلى خدمة "مترولينك" هناك مبادرة "اركن وتنقل" المجانية لإيقاف السيارات في مواقع قريبة من بعض المحطات بطاقة استيعابية كبيرة، حتى تشجع المجتمع على استخدام المترو عن طريق توفير وسائل سهلة للوصول إلى أقرب محطة للمنزل.

الأمر لم يختلف كثيرا لدى المقيم السوداني حسن أكرم الذي وجد في مترو الدوحة ضالته بالتنقل داخل العاصمة دون الحاجة إلى قيادة السيارات، فأكرم الذي يعمل مدربا بأحد الأندية الرياضية في الدوحة يرى أن المترو صفحة جديدة في البلاد جعلت شريحة كبيرة من المجتمع تفكر في الخروج والسير حتى أقرب محطة مترو والوصول إلى وجهته بسرعة وراحة عالية.

وما دفع أكرم للاعتماد على المترو كثرة المناطق التي يخدمها سواء الملاعب الرياضية أو المراكز التجارية الكبرى، فضلا عن مناطق الدوحة التراثية في مشيرب وسوق واقف وصولا إلى المؤسسات التعليمية والصحية المختلفة بالدوحة وعدد من المناطق التي تشهد كثافة سكانية كمناطق السد وبن محمود ومشيرب وغيرها.

سعر مناسب
تحديد سعر تذاكر المترو الاقتصادية بريالين فقط (نحو نصف دولار) ساهم أيضا في دفع شريحة كبيرة من المجتمع على الاعتماد عليه، بالإضافة إلى التصميم الرائع للمحطات والعربات والنظام المحكم في تحديد وقت استقلال القطار ووقت الوصول إلى الوجهة المطلوبة، كل هذه الأمور بدأت تغير من ثقافة المجتمع ونمط تنقلاته وجعلت من المترو الخيار الأول في البلاد.

ثلاث درجات العادية والعائلية والذهبية (الجزيرة نت)
ثلاث درجات العادية والعائلية والذهبية (الجزيرة نت)

ووفقا لأرقام أعلنتها شركة الريل القطرية فإن أكثر من مليون راكب استقلوا مترو الدوحة خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين، وفي اليوم الوطني بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي استخدم المترو 333 ألف راكب، وأكثر من 185 ألفا استخدم مترو الدوحة في 11 فبراير/شباط الماضي اليوم الرياضي للدولة.

ويعتبر مترو الدوحة أحد أسرع القطارات بدون سائق، إذ تصل سرعته إلى مئة كيلومتر في الساعة، وابتدأ التشغيل التجريبي لخطوطه الثلاثة خلال العام الماضي (الأحمر والذهبي والأخضر) وتضم 37 محطة، وسيشهد العام الجاري بدء التشغيلي الرسمي لتلك الخطوط فضلا عن وجود مراحل مستقبلية تتمثل في إضافة خط جديد مع توسيع نطاقات الخطوط الحالية إلى ستين محطة عام 2026.

المصدر : الجزيرة