بمقادير من المعادلات الرياضية.. اضبط مذاق قهوتك الصباحية

القهوة هي المشروب المفضل لمليوني شخص حول العالم يوميا (بيكساباي)
القهوة هي المشروب المفضل لمليوني شخص حول العالم يوميا (بيكساباي)

محمد شعبان

"وحيدا أصنع القهوة.. وحيدا أشرب القهوة؛ فأخسر من حياتي الآخرين.. أخسر النشوة". هكذا تغنى الشاعر محمود درويش بفنجان قهوته، وهو ما شاركه فيه العديد من الشعراء، لكن هل خطر بباله يوما إن كان قد أعد قهوته بشكل صحيح أم لا؟

يبدو أن هذا التساؤل لم يشغل بال الشعراء بقدر ما أرّق العلماء؛ فمنذ قرن مضى، قام آرثر نويز -الكيميائي الشهير وأحد مؤسسي معهد كاليفورنيا للتقنية- بإعداد وصفة خاصة لتحضير مشروب الكاكاو، ثم تلاه علماء رياضيات آخرون لإعداد فنجان قهوة مثالي المذاق. ليس هذا بكثير على واحد من أكثر المشروبات استهلاكا في العالم، ويُفتن به مليونا شخص يوميا.

إلا أنه حديثا تساءل علماء الرياضيات والفيزيائيين وخبراء المواد: هل نصنع قهوتنا بطريقة صحيحة أم لا؟ جاءت إجابة هذا السؤال على يد فريق دولي من العلماء من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا وسويسرا؛ وذلك من خلال تحديهم للطريقة الشائعة لصنع الإسبريسو.

حبوب أقل لقهوة أفضل
ففي بحثهم -الذي نشر حديثا في دورية "ماتر" العلمية في 22 يناير/كانون الثاني الجاري، وضح الباحثون أن استخدام حبوب أقل من البن المطحون بشكل أكثر خشونة هو المفتاح لتحضير قهوة مركزة وثابتة المذاق من فنجان لآخر، ورخيصة أيضا.

يشرح كريستوفر هيندون -أستاذ الكيمياء الحاسوبية المشارك في الدراسة من جامعة أوريغون- هذه الطريقة لموقع يوريك ألرت قائلا "يستخدم معظم صانعو القهوة الكثير من حبوب البن المطحونة بشكل ناعم للحصول على مزيج من المرارة والحموضة اللاذعة، وهما يُنتجان بشكل متغير يصعب تكراره بالثبات نفسه من فنجان لآخر".

ويضيف "قد يبدو لك هذا الأمر صعب المنال، لكن التجارب والنمذجة الحاسوبية أشارت إلى إمكانية تحضير القهوة بشكل فعال ومذاق ثابت من فنجان لآخر؛ وذلك باستخدام كميات أقل من القهوة المطحونة بشكل أكثر خشونة".

‪15 غراما من حبوب القهوة يعد كافيا لإعداد فنجان قهوة مثالي‬ (بيكساباي)
‪15 غراما من حبوب القهوة يعد كافيا لإعداد فنجان قهوة مثالي‬ (بيكساباي)

معايير خاصة
ورغم تداخل عوامل عديدة في عملية التحضير، فإنه غالبا يستخدم عشرين غراما من حبوب البن لتحضير فنجان واحد من الإسبريسو، وهي كمية كبيرة نسبيا؛ إذ يعتقد معظم الناس أن حبوب البن المطحونة بشكل ناعم تزيد مساحة سطح الحبوب المعرضة لبخار الماء المكثف أثناء عملية التحضير؛ وبالتالي فإن هذا سيزيد نتاج هذه العملية جراء إذابة الكثير من البن المطحون.

آخذين في الاعتبار العوامل الأخرى التي قد تؤثر في عملية التحضير، مثل درجة طحن القهوة وضغط الماء، إلخ؛ وقارن العلماء نتاج النموذج الرياضي -الذي صاغوه خصيصا لتوقع كمية ما ينتج من القهوة- بما نتج بالفعل بعد تجارب تحضيرها. وكانت العلاقة بين النموذج والتجارب معقدة جدا، كما أنتجت هذه العملية قهوة متغيرة المذاق من فنجان لآخر.

نتائج اقتصادية متوقعة
باستخدام أي من هذه الطرق الناتجة عن النموذج الرياضي؛ يمكن زيادة نتاج عملية التحضير؛ مما قد يوفر المزيد من المكاسب الاقتصادية للمقاهي، وصناعة القهوة ككل.

على سبيل المثال، فإن استخدام 15 غراما -لكل فنجان- بدل عشرين غراما من حبوب البن المطحون سيوفر بضعة آلاف من الدولارات سنويا للمقاهي الصغيرة، أو 1.1 مليار دولار، مما ينفق في صناعة القهوة في الولايات المتحدة الأميركية بشكل سنوي. كما أنه يقلل هدر حبوب القهوة، خاصة إذا تناقص إنتاجها في أماكنها المعهودة جراء تغير المناخ.

ويؤكد العلماء أن نتائجهم لا تعزى لاختصار تحضير الإسبريسو في طريقة واحدة أو حصرها على مذاق واحد، وهو ما يؤكده هندون قائلا "رغم وجود العديد من الطرق لتقليل الفاقد وتحسين عملية إعادة إنتاج أكواب قهوة ثابتة المذاق، فليست هناك طريقة مثالية لتحضير الإسبريسو".

مضيفا "تعتمد هذه العملية في جوهرها على من يقوم بتحضير القهوة؛ لذلك فإننا نبين المتغيرات التي لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار لو أردت الإبحار في فضاء طرق تحضير الإسبريسو".

المصدر : الجزيرة