وهم المكسب السريع عبر الإنترنت.. الوقوع في فخ "دروب شيبينغ"

تسوق عبر الانترنت- غوغل.
"دروب شيبينغ" شراء منتج صيني زهيد الثمن، وبيعه على مواقع ضخمة مثل أمازون (مواقع التواصل)

إن لم تكن تعرف الكثير عن مصطلح "دروب شيبينغ" (Dropshipping)، فربما تلاحقك إعلاناته، فهو ما يعتبره البعض الوصفة المثالية لكسب الثروة، لأنه يتيح فتح متجر عالمي من دون تكلفة، ومن دون استيراد البضائع وإدارة المخزون، مما يعطي ربحا ضخما وبسهولة، إلا أنه مع ذلك لا يختلف كثيرا عن تلك "الدجاجة البيوض" التي وعد بها العديد من المواقع ومستخدمي يوتيوب، حسب صحيفة لوموند الفرنسية.

بيع ما لا تملكه 
"دروب شيبينغ" مصطلح يعني بيع منتجات أنت لا تملكها بالفعل، بل ولن تضطر لتخزينها أو تغليفها ولا شحنها، حيث يصبح البائع مجرد وسيط يدير عملية البيع بين المورد الأصلي والمشتري.

ببساطة تستطيع شراء منتج زهيد الثمن من موقع صيني، وتقوم بعرض إعلان عنه عبر مواقع ضخمة مثل أمازون وإي باي بأضعاف سعره، وفور وصول قيمته إليك مباشرة، تسجل بيانات المستهلك ليتم شحن المنتج إليه.

هذا النمط من البيع -الذي يعد بإقامة إمبراطورية تجارية من المنزل- يبدو أقل ربحية بكثير مما يعلنه أباطرته، رغم أن المبدأ الذي يقوم عليه قانوني تماما، ويزيل بعض الخطورة في السلسلة التجارية.

وفي الممارسة العملية، يشير هذا المصطلح بشكل رئيسي –حسب الصحيفة- إلى المتاجر عبر الإنترنت التي تبيع المنتجات المشتراة من عمالقة التصدير الصينية وتسليمها مباشرة إلى العملاء في أوروبا أو الولايات المتحدة أو البرازيل أو كندا أو غيرها.

تظهر الآلاف من هذه المتاجر كل عام، حيث يطلقها مستخدمو الإنترنت الذين يسيل لعابهم بسبب هامش الربح الذي تعد به هذه التجارة، حيث يمكن بيع ما قيمته ثلاثة يوروهات من الأدوات المشتراة من الصين بثلاثين يوروا، حسب الصحيفة.

ولكن مثل كل الوصفات لكسب الثروة السريع، يخفي هذا النظام مشاكل متعددة، ليس لأنه مصدر لعمليات الاحتيال فقط، بل لأن بعض المتاجر تمارس الخداع بشأن الرسوم الجمركية أو الإعلانات المضللة، بل إنه أيضا بالنسبة للباعة بعيد من أن يكون ورديا.

أرباح
أرباح "دروب شيبينغ" قد تكون خادعة وربما تدفعك للخسارة (الأوروبية)

أرباح الأحلام 
يقول جان باتيست بويسو من موقع "سيغنال أرناك"، الذي يروي قصص العملاء الذين يعتبرون أنفسهم مخدوعين؛ "إنها عملية احتيال على الوجهين"، حيث يتم خداع المستهلكين الذين يحصلون على منتج وخدمة ما بعد بيع لا يلبيان تطلعاتهم، كما يتم خداع ممارسي "دروب شيبينغ" الذين يتوقعون أنهم سيحصلون على شيء، إلا أن الفائزين الحقيقيين هم الوسطاء الذين يسمحون بإنشاء موقع تاجر في غضون دقائق مثل شوبيفاي وفيسبوك، والأشخاص الذين يبيعون التدريب على هذا النوع من التجارة".

وقالت الصحيفة إن "دروب شيبينغ" سوق صعبة، تتنافس فيها مئات المواقع، يملك بعضَها أشخاصٌ ليس لديهم تدريب على الأعمال التجارية، وتبيع غالبا المنتجات نفسها بأسعار متماثلة، مشيرة إلى أن الخوض في هذا المجال يكاد يكون مستحيلا بالنسبة للفرد.

وخاض الأميركي "كودي" التجربة، وسرعان ما أدرك أنه لا شيء كان سهلا، حيث يقول لصحيفة لوموند "بعد بدء متجري، قمت ببعض المبيعات في الأسبوع الأول، ولكن لم تكن لدي بيانات كافية للقيام بالإعلانات المستهدفة على فيسبوك". وأضاف "لقد بعت مصباحا بمبلغ سبعين دولارا على أمل الفوز بثلاثين دولارا، لكن موكلي كان في كندا وكلفني الشحن 25 دولارا، فلم أربح سوى خمسة دولارات".

وإلى هذه المخاطر تضاف الرسوم التي يمكن أن تتراكم بسرعة، بما فيها الاشتراك الذي يعد أمرا ضروريا تقريبا لدى شركة شوبيفاي الرائدة عالميا في مواقع متاجر البيع "الجاهزة"، التي تعد الخيار الأفضل، والأكثر شهرة، حسب الصحيفة.

وقالت الصحيفة إن الاشتراك يكلف ثلاثين دولارا شهريا، بالإضافة إلى عمولة قدرها 2% على المبيعات، وذلك مقابل استضافة الموقع وإدارة أنظمة الدفع وخدمات متنوعة يقدمها شوبيفاي.

شوبيفاي سوق صعبة تتنافس فيها مئات المواقع على عرض المنتجات نفسها (رويترز)
شوبيفاي سوق صعبة تتنافس فيها مئات المواقع على عرض المنتجات نفسها (رويترز)

تعليقات كاذبة
واختبرت صحيفة لوموند هذه الخدمة لأغراض هذا التقرير، وفي أقل من نصف ساعة تمكنت من إنشاء متجر مجهول على الإنترنت -ولاحقا ألغي نشاطه- لبيع ربطات العنق من ماركة "هوبير بوف ميري"، واشترت الربطة التي تباع بأقل من 2 يورو في الصين بسعر مئة يورو.

وتساءلت الصحيفة: هل شوبيفاي تدفع نحو الجريمة؟ فالموقع المعروف يسمح بوجود أدوات "تستورد" التعليقات المقدمة على موقع "علي إكسبريس"، التي توهم المستهلك بأن الصفحات المنشأة حديثا لديها العديد من العملاء.

حتى عام 2018، كانت تتيح أداة لعرض إشعارات شراء خاطئة، مثل "فلان في مرسيليا اشترى المنتج الذي تبحث عنه"، وتمت إزالته منذ ذلك الحين، ولكن لا يزال من الممكن تثبيته مع بعض المعرفة التقنية الأساسية.

المصدر : لوموند