مشروع "مودة".. مصر تستنفر لمواجهة تمدد الطلاق

blogs زواج
تخطط الحكومة لتأهيل ثمانمئة ألف شاب سنويًا قبل الزواج (مواقع التواصل)

عبد الكريم سليم-القاهرة

تلقت أمنية -وهي معلمة مصرية تقيم في القاهرة- عشرات العروض من شبان يودون الارتباط بها، ما بين أعزب ومتزوج، لكنها رفضتهم لأنها تعتقد أنهم غير مؤهلين للحياة المشتركة.

مرّت بتجربة زواج فاشلة، جعلتها توقن أن طرفي العلاقة ينقصهما "الوعي" بطبيعتها وتبعاتها، في ظل التركيز على المستلزمات المادية للزواج، وإغفال المتطلبات النفسية.

قرأت أمنية عن مشروع "مودة" وأكدت للجزيرة نت أن تطبيقه قد يوقف أزمات انهيار العلاقة الزوجية، سواء في بدايتها أم خلال مسيرتها، مطالبة بأن يكون هناك حل بالتوازي يجتث جذور المشكلة، متمثلا في ضرورة تضمين مناهج التعليم بمختلف المراحل كيفية قبول الآخر وهو شريك الحياة.

وأطلقت الحكومة هذا المشروع لتأهيل ثمانمئة ألف شاب سنويا قبل الزواج، ويهدف للحفاظ على كيان الأسرة عبر تدعيم الشباب المُقبل على الزواج، بعد أن أفزعت نسب الطلاق المسؤولين.

وأظهرت أحدث الإحصائيات الاجتماعية الرسمية ارتفاع حالات الطلاق مقابل انخفاض عقود الزواج عام 2017، مشيرة إلى أن أغلب قضايا الطلاق كانت بسبب الخلع.

وبحسب النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد بلغ عدد عقود الزواج 912 ألفا و606 عقود عام 2017 مقابل 938 ألفا و526 عقدا عام 2016، بنسبة انخفاض قدرها 2.8%.

بينما بلغ عدد إشهادات الطلاق 198 ألفا و269 إشهادا عام 2017 مقابل 192 ألفا و79 إشهادا عام 2016، بنسبة زيادة قدرها 3.2%، وفق المصدر ذاته.

أطلقت الحكومة 
أطلقت الحكومة "مودة" بعد تراجع معدلات الزواج مقابل ارتفاع نسب الطلاق (الجزيرة)

مشروع قومي
ونشر الموقع الإلكتروني لوزارة التضامن الاجتماعي تفاصيل المشروع الذي يهدف للحفاظ على كيان الأسرة من خلال تدعيم الشباب المُقبل على الزواج، إذ سيعمل على تطوير آليات الدعم والإرشاد الأسرى، وكذا فض المنازعات بما يسهم في خفض معدلات الطلاق.

ويسعى المشروع لمراجعة التشريعات التي تدعم كيان الأسرة وتحافظ على حقوق الطرفين والأبناء.

وينحصر المستهدفون بالمشروع في سن الزواج بالفئة العمرية ما بين 18 و25 عاما، وهم غالبا طلبة الجامعات والمعاهد العليا، والمتزوجون المترددون على مكاتب تسوية النزاعات، والمجندون بوزارة الدفاع والداخلية، إضافة إلى المكلفين بالخدمة العامة من الشباب.

وستبدأ المرحلة التجريبية لهذا المشروع بالمحافظات الأعلى في نسب الطلاق وهي القاهرة والإسكندرية وبورسعيد، ثم في 171 مكتبا للاستشارات الأسرية ومكاتب تسوية المنازعات بمختلف المحافظات.

وترى استشارية العلاقات الأسرية والاجتماعية والنفسية عبير طلعت أن دورات المقبلين على الزواج من الخطوات الفعالة جدا والمفيدة في توعية الشباب، خاصة لو كان محتواها جيدا ومتنوعا ومدروسا، لكي تعالج الفجوات النفسية والتوعوية والاجتماعية وتقابل احتياجات الشباب والفتيات للتعرف على الطرف الآخر وكيفية التعامل معه.

وأوضحت للجزيرة نت أن المشروع يلبي احتياج الطرفين من الزواج والتعرف على كيفية إدارة المنزل وأدوار كل طرف في إنجاح هذا الزواج، وعلى المستوى النفسي يفيد المشروع في فهم أنماط الشخصية وكيفية احتواء واستيعاب وإدارة كل شخصية بشكل صحيح.

وتعتقد المتحدثة أن المشروع سيساهم في إنجاح الزواج والتقليل من نسب الطلاق مع مراعاة عوامل أخرى إلى جانبه.

تراجع معدلات الزواج وراءها عوامل اقتصادية واجتماعية
تراجع معدلات الزواج وراءها عوامل اقتصادية واجتماعية

فكرة جيدة
ويبدو المشروع مقبولا لدى أيمن (محاسب) الذي وصلت العلاقة بينه وبين زوجته لمحطة محكمة الأسرة التي لم تفلح في إقناعهما بالعدول عن الطلاق، عقب أزمات مالية مرت بها الأسرة.

ويتفاءل أيمن بأن المشروع يمكن أن يرشد طرفي العلاقة لما يقبلان عليه من تبعات مادية واجتماعية، فإما يتقبلانها ويستمران، وإما يرفضانها من البداية.

ورغم تحمسه للمشروع فإن أيمن يتفق مع الآراء القائلة إن الأزمة تكمن في المجتمع، وليست مجرد مشكلة عابرة تحلها الإرشادات.

بدورها تعتقد رانيا (مهندسة مطلقة حديثا) أن مثل هذه المشروعات مهمة جدا لأن الأسرة لا تؤهل "رجالا" قادرين على تحمل المسئولية والمشاركة في تحمل أعباء الحياة مع شريكة.

وقالت "الأسرة تدلل الشاب منذ طفولته، وتعامله وكأن الكون كله مسخر لخدمته، فينشأ طالبا جارية تخدمه لا إنسانة شريكة لحياته".

بلا جدوى
وكما تحمس كثير من الشباب للمشروع لم يهتم به آخرون، ومنهم حسين الذي ضحك بمرارة عندما سألناه عن المشروع، وعلق ساخرا "أي عقل يقبل إمكانية أن تصلح بضعة أيام من المحاضرات نفوسا تصدعت بفعل عوامل مدمرة لسنوات؟".

يعاني حسين من تبعات الطلاق الذي تم مؤخرا، وتسبب في حرمانه من رؤية أطفاله، وهو لا يجد حالته استثناء من بين مئات الآلاف من الحالات التي تضج بها المحاكم.

ويعتقد أن مشروعات مثل "مودة" لن تُحدث أثرا ذا قيمة، فالمسألة أعقد وأعمق من مجرد تصحيح لأفكار عبر إرشادات محددة، فهي تتعلق بسلوكيات وأفكار وقوانين وعادات متجذرة في المجتمع.

أما سعيد البدري (موظف حكومي) فهو متأكد من فشل المشروع لأنه يعتقد أن هذه المشاريع عادة ما تكون نمطية وغير فعالة، لكونها تعتمد على "إرشادات مدرسية" ولا تواجه أسباب المشكلة وأبرزها ما تبثه "الدعايات النسوية السوداء" في وعي النساء بحقوقهن "المدعاة والمبالغ فيها" والتي تجعلهن "أندادا" للرجال، وهذا سر تحطم الأسرة، وفق تقديره.

المصدر : الجزيرة