"صناديق الخير" بنابلس.. تبرعات عن بُعد شعارها "نحن نصل إليك"
عاطف دغلس-نابلس
ببضعة شواكل (الدولار يساوي 3.6 شواكل) يودعها أحمد بعارة بأحد "صناديق الخير" قد يحقق حلما لطفل أو لعائلة بأكملها، ويزيل هما تعيشه أسر متعففة ضاقت أحوالها فغدت دون معيل ينفق عليها.
مما يتجمع في جيبه من "الفكة" أو ما يسترده من ثمن بضاعة يشتريها، يسقط أحمد داخل الصناديق ما تجود به نفسه دون تكلف أو حرج، فهدف الصناديق –حسب أصحابها- الوصول لكل مكان والتبرع بأي شيء يُسهم في تخفيف المعاناة.
ويلاحظ انتشار هذه الصناديق في نابلس (كبرى مدن شمال الضفة الغربية)، لا سيما الأماكن العامة والمتاجر الكبيرة التي يقصدها الناس باستمرار.
طريقة "مُثلى" دون حرج
يدرك أحمد -الطالب في سنته الجامعية الثانية- أن هذه الطريقة "أيسر وأسهل" للتبرع وتقديم الصدقات ولو بالقليل، ويقول "حجر ع حجر بصيروا جبل"، ودعا لانتقاء أماكن جيدة لوضع الصناديق وجذب المتبرعين، خاصة الشباب، واستخدامهم أيضا لجمع التبرعات.
ويوضح الشاب بعارة أنه وصديقه عمر الشندي، وخلال دراستهما الجامعية، قاما ببيع "بطاقات" لجمع صدقات لصالح لجنة الزكاة بدل مقرر دراسي حول الخدمة الاجتماعية، ويؤكدان أنها طريقة "مُثلى" لعمل الخير دون حرج.
ورغم "بُطء" التبرع داخل متجره الخاص ببيع الإكسسوارات، فإن فؤاد القاضي يعتبر الفكرة مهمة وضرورية لاستمالة الناس وحثهم على الدعم، وتحديدا إذا كانت الصناديق معروفة المصدر ومحددة الأهداف.
ثقة ومكاشفة ووضوح
ويقول القاضي إن "الثقة ومكاشفة" للناس بحيثيات هذه الصناديق وما تجمعه وأين تُصرف الأموال؛ سبب لاستمرار نجاحها.
ولهذا يقف أحمد بانا -الذي يعمل في متجر لبيع القهوة- دائما عند تفريغ نقود صندوق إحدى الجمعيات بالمتجر، ويوثق الكشوفات الصادرة بكل التفاصيل.
وبين لجان الزكاة والجمعيات الخيرية والإنسانية تتوزع "صناديق الخير"، وتضم بعض المحال -نظرا لكثرة الحركة فيها- عدة صناديق، وهو ما يتيح حرية التبرع بالكيفية والمبلغ الذي يريده الشخص.
حيث تدب أقدام الناس
وتوصف لجنة الزكاة بأنها رائدة العمل بهذه الصناديق بنابلس وبقية مدن الضفة الغربية، وهي تنشر نحو سبعين صندوقا منذ خمس سنوات بمختلف التجمعات التجارية، وحيث تدب أقدام الناس وتنشط حركتهم، وتجمع تلك المبالغ لصالح 83 مركزا لتحفيظ القرآن الكريم وخمسة آلاف يتيم بالمحافظة.
وبما تحمله من شعار "نحن نصل إليك" تخفف الصناديق العبء عن المتبرع أو حتى الجهات القائمة عليها، فهي -وفق ماهر الرطروط من لجنة الزكاة والناشط في العمل الخيري- وجدت "لرفع الحرج عن المتبرع بالكم والكيف"، فهي تصل لكافة الطبقات الفقيرة والغنية.
ويقول الرطروط إن الصناديق لا تختص بفئة ولا تخاطب شريحة بعينها، وأن هذا "سر" حصادها الذي يصل لنحو خمسمئة دولار أميركي لكل صندوق شهريا.
وبزجاج شفاف تغطي هذه الصناديق عبارات تحث على فعل الخير، إضافة إلى عنوان الجهة المتبرع لها؛ مما يدل على صدق المبادرة ووضوحها.
إسهامات تحقق أهدافها
وهذه الشفافية والوضوح يحققان أهداف الصناديق، ويخلقان ثقة مع المواطنين، لا سيما البسطاء الذين يريدون معرفة مصارف أموالهم وصدقاتهم، وفق حديث رئيس جمعية التضامن الخيرية الدكتور علاء مقبول للجزيرة نت، فالصناديق تفتح بحضور لجان متخصصة ورسمية.
وتجمع صناديق التضامن الثمانين المنتشرة بمدينة نابلس -حسب مقبول- أكثر من ثلاثين ألف دولار شهريا تسهم في تغطية بعض كفالات الأيتام في الجمعية التي ترعى خمسة آلاف يتيم يحتاجون لدعم شهري يتجاوز 140 ألف دولار أميركي.
ويوضح مقبول أن أموال الصناديق "رغم بساطتها" تسد العجز في الحالات (الأيتام) غير المكفولة من المحسنين.
وداخل محله المخصص لبيع الحلويات يضع أيمن التمام ثلاثة صناديق لجمعيات مختلفة، بينها خيرية وأخرى صحية، ويقول إن المتجر يشهد حركة زبائن كثيفة، ويتبرعون طواعية بأموالهم أو بما يعود عليهم من باقي ثمن ما يبتاعونه من المتجر.