أفراح السليمانية.. أهل العريس يقبلون يد والد العروس

الجزيرة تقرير سليمانية
طقوس الأعياد والأفراح وحتى المآتم بالسليمانية لها خصوصية تميزها عن باقي مدن العراق (الجزيرة)

 فرح سالم-السليمانية

تتميز السليمانية شمالي العراق بصفات وخصوصية تميزها عن الكثير من المدن الأخرى، وهي مدينة حضرية منذ بدايات تأسيسها عام 1784 بحسب الرواية التي يتناقلها السكان عن أصل نشأتها. 

وتتحدث الرواية عن رحلة صيد خرج فيها مؤسس المدينة إبراهيم باشا فأعجبته البقعة التي وقع عليها بصره -والتي تتمثل بالسليمانية حالياً- وقرر البدء بإنشائها، وأطلق عليها اسم والده الوالي سليمان بابان (وكلاهما من أمراء أسرة بابان المعروفة).

وإضافة لموقعها في الشمال الشرقي من العراق الذي جعل من مناخها عاملاً لجذب السُياح من كافة مدن البلاد وخارجه، فهي تتميز بعادات ما زال الكثير منها موجوداً حتى الآن رغم التغييرات الديموغرافية الكبيرة التي حلت بأغلب المدن العراقية بسبب ظروف الحروب المتعاقبة والنزوح وسواها.

‪‬ المدينة تتمتع بغزارة تراثها وفولكلورها(الجزيرة)
‪‬ المدينة تتمتع بغزارة تراثها وفولكلورها(الجزيرة)

عادات متوارثة
وهذه الهوية مكتسبة بفضل العوامل المناخية والجغرافية، عززتها مكانتها الثقافية، فهي عاصمة الثقافة لإقليم كردستان شمال العراق، وهذا ليس بغريب بحكم غزارة تراثها وفولكلورها وعادات أهلها المتوارثة، بحسب مدير الأكاديمية الإعلامية الألمانية بالعراق الصحفي الكردي دانا أسعد.

ويضيف أسعد أن لطقوس الأعياد والأفراح فيها وحتى المآتم خصوصية واضحة تميز السليمانية عن باقي المدن وتميزها كذلك عن باقي مدن الإقليم.

وللعيد بالسليمانية طقوسه الخاصة، فالمراسيم تبدأ بعد صلاة العيد مباشرة، حيث يبدأ رجال الحي بالتزاور وتبادل التهاني منذ ساعات الصباح الأولى، ويبادر الجار بزيارة جاره سيراً على الأقدام وتهنئته دون الدخول لداره، بل يكتفي بأخذ قطع الحلوى من عند الباب، ثم ينتقلان معاً لزيارة الجار القريب والذي سيشاركهما الزيارة للدار المجاور، وهكذا إلى أن تكتمل زيارة جميع بيوتات الحي.

في هذه الاثناء، تبدأ النساء بتحضير وجبة الإفطار غير التقليدية، والتي تتألف حصراً من "التمن والمرق" (فاصوليا ومرقة القيسي أو المشمش المجفف) إضافة لطبخ اللحم والدجاج، وبذا تكون وجبة الإفطار بمثابة غداء لجميع أفراد العائلة الذين يجتمعون معاً منذ الصباح الباكر.

‪أطفال يطحنون الحبوب بالطريقة التراثية القديمة‬ (الجزيرة)
‪أطفال يطحنون الحبوب بالطريقة التراثية القديمة‬ (الجزيرة)

يوم برات
برات أو (براتيكا) وهو يوم ومناسبة خاصة بالمدينة تقام ليلة النصف من شعبان، وهي مشابهة من حيث المضمون لليلة "كَركَيعان" والتي يتم إحياؤها بمدينة البصرة وغالبية دول الخليج العربي، ويتم فيها توزيع الحلوى أو النقود على الأطفال الذي يتجمهرون في الأحياء السكنية ويبدؤون بعادة طرق الأبواب طلباً للحلوى وهم يرددون: براتيكا، براتيكا! وهي مناسبة خاصة بمدينة السليمانية دوناً عن مدن الإقليم الأخرى.

‪.. ويعيشون طقوس إعداد العجين للخبز بالطريقة الكردية التقليدية‬ .. ويعيشون طقوس إعداد العجين للخبز بالطريقة الكردية التقليدية (الجزيرة)
‪.. ويعيشون طقوس إعداد العجين للخبز بالطريقة الكردية التقليدية‬ .. ويعيشون طقوس إعداد العجين للخبز بالطريقة الكردية التقليدية (الجزيرة)

شكراو
شكراو مناسبة تقليدية وهي امتداد لمراسيم الزفاف بالمدينة، حيث يحجز أهل العريس قاعة خاصة بالمناسبات وتتم دعوة الرجال من أهل العريس والعروس إلى المكان وبحضور رجل الدين (الملا) الذي يقوم بمهمة إعلان الخطوبة.

ثم يبدأ المدعوون من أهل العريس وإخوته الأصغر بعادة تسمى "دەست ماچکردن " وتعني تقبيل يد والد العروس في دلالة على التقدير والامتنان على موافقته، ويمتنع المدعوون عن أكل الحلوى أو أي من الأصناف المقدمة في الحفل لحين إتمام هذه الخطوة.

طقوس فرح واحتفالات خاصة 
طقوس فرح واحتفالات خاصة 

 الزفاف قديماً
العروس قديماً في كردستان والسليمانية كانت ترتدي الزي الكردي باللون الأحمر يوم زفافها، ومن المعلوم في العرف الكردي أنه لا بد لكل رجل وامرأة فتى أو فتاة من أن يمتلك زياً كردياً تقليدياً واحداً على الأقل، وذلك لارتباطه بالأعياد القومية والمناسبات المختلفة.

وقد كانت هنالك عادة ثم انقرضت منذ سنوات طويلة وهي اعتلاء العروس حصانا يقوم بنقلها برفقة أهلها من قريتها إلى قرية العريس، ويتم تبادل العروس مع العروس الأخرى حيث كانت هنالك عادة دارجة وهي الزواج "كَصة بكَصة" أي تبادل عروستين بين عائلتين، وهنا وفي منتصف الطريق يتم التبادل وتسلم العائلة ابنتها للعائلة الأخرى وتعود بعروسها الجديدة إلى قريتها في طقوس فرح واحتفال خاصة.

أما المآتم، فإنها تقتصر وبحسب القرار الرسمي من وزارة الأوقاف بحكومة إقليم كردستان العراق على يومين فقط سواءً تمت أقامتها في مسجد أو سرادق خاصة، وقد تم تقليص المدة في السنوات الأخيرة من قبل الأهالي إلى يوم واحد فقط ولمدة ساعتين بعد صلاة الظهر، ويقوم الملا بإحياء مراسيم العزاء عبر قراءة القرآن والذكر، يتبع ذلك توزيع الحلوى (البقلاوة وحلوى الطحين) على الحاضرين رجالاً ونساء.

‪أطفال يعيشون طقوس التراث الكردي‬ (الجزيرة)
‪أطفال يعيشون طقوس التراث الكردي‬ (الجزيرة)

جلى كوردى
التسمية الدارجة التي تطلق على الزي الكردي التقليدي هي (جلى كوردى) وهو لباس رسمي يختلف بحسب الإمكانيات المادية ويتنوع، لكنه ثابت من حيث عدد القطع والتصميم. حيث إنه وبالنسبة للرجال يتكون من "شروال" وهو بنطلون أو سروال فضفاض يربط على الخصر بقماش خاص يتزين عادة بنقوش تختلف عن خامة قماش الشروال، ويكون ضيقاً عند الكاحل مع قميص وسترة من نفس قماش ولون "الشروال" كذلك.

أما الجلي الكردي النسائي فيكون مؤلفاً من عدة قطع أساسية وهي الثوب الطويل الذي يتصف بأكمام طويلة تربط من الخلف بطريقة تبقى اليدين حرة الحركة، يليه ثوب آخر فوقه ويكون إما طويلاً بطول الثوب الأساسي أو سترة قصيرة بلا أكمام يتم ارتداؤها فوق الثوب.

وفي الحالتين يتم تنسيق الألوان بدقة بين كل من الثوب والسترة الطويلة أو القصيرة، ويكتمل الزي بإضافة قطع إكسسوار تتألف من أحزمة ذهبية بعرض يتجاوز عشرة أو ١٥ سنتيمترا وقلادة أو سلسلة طويلة. وهذه الإكسسوارات تكون أما من الذهب الخالص أو المعادن الرخيصة المطلية باللون الذهبي تبعاً للإمكانيات المادية.

المصدر : الجزيرة