سمبوسة أبو عباس.. أقدم المطاعم البصرية بنكهة هندية

تقرير سمبوسه العراق
يواصل ابن صاحب مطعم سمبوسة أبو عباس مسيرة والده الراحل الذي امتهن بيع السمبوسة منذ عام 1956 (الجزيرة)

عمار الصالح-البصرة

لا تكتمل زيارة الحاج محمد رضوان إلى سوق العشار في مدينة البصرة (جنوبي العراق) إلا عند زيارة "مطعم أبو عباس" لتناول وجبة السمبوسة الحارة التي اعتاد عليها منذ شبابه.

يعد مطعم أبو عباس من أقدم المطاعم البصرية، ويختص ببيع لفّات (سندويش) السمبوسة التي احترف تحضيرها من الوافدين الهنود إلى البصرة في خمسينيات القرن الماضي، الذين كانوا أول من باع السمبوسة في المدينة التي يأتون إليها بحثا عن العمل.

موروث هندي
يقول عباس فاضل ابن صاحب المطعم الذي يواصل مسيرة والده الراحل، "امتهن والدي بيع السمبوسة منذ عام 1956 تقريبا، وتعلم إعدادها من عامل هندي كان يبيع خبز العروق بسوق العشار، حيث اتفق مع والدي أن يقوم بتحضير السمبوسة ليبيعها والدي، وورثنا هذا العمل منذ ذلك الوقت".

ويضيف عباس للجزيرة نت "تعلمنا تحضير السمبوسة على الطريقة الهندية خاصة بعد تسفير العمال الهنود من البصرة، ورغم تغيير مكان المطعم عام 1976 فإن مذاقها وطعمها الأصلي لم يتغير، ولم نفكر بإضافة وجبات أخرى تنافسها، فاقتصر عملنا على بيع لفات السمبوسة مع الصلصة الحارة". 

‪حافظنا على نوعية السمبوسة التي نقدمها في المطعم ولم تتغير مكوناتها‬ (الجزيرة)
‪حافظنا على نوعية السمبوسة التي نقدمها في المطعم ولم تتغير مكوناتها‬ (الجزيرة)

مكونات بسيطة وطلب مرتفع
ويؤكد عباس "حافظنا على نوعية السمبوسة التي نقدمها في المطعم، ولم تتغير مكوناتها، حيث نعمل في فصل الشتاء على تحضير السمبوسة من مادة الماش (من البقوليات) والبصل، وفي الصيف تكون مادتها من الماش وخضرة الكراث، كما نجهز لها الصلصة الخاصة التي لا تصلح إلا مع أكلة السمبوسة".

ولا يرى عباس أن هناك منافسة مع المطاعم الأخرى أو الوجبات السريعة التي غزت البصرة خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما مع انتعاش عمله، لكنه يشكو من الكسب المحدود نتيجة ارتفاع الأسعار وأجور العمال.

ولا يجد تفسيرا للإقبال الكبير من المواطنين على مطعمه المتواضع الذي يصل يوميا إلى 1500 زبون تقريبا، يضطرون للوقوف في طابور لأجل الحصول على لفة السمبوسة؛ باستثناء "حب الناس لهذه الأكلة وتعودهم عليها" كما يقول.

‪مطعم سمبوسة أبو عباس يعتبر جزءا من تاريخ المدينة وشاهدا على أحداثها‬ (الجزيرة)
‪مطعم سمبوسة أبو عباس يعتبر جزءا من تاريخ المدينة وشاهدا على أحداثها‬ (الجزيرة)

شهرة محلية وإقليمية
يرى الحاج محمد رضوان (62 سنة) -وهو من الزبائن الدائمين- أن "هذا المطعم يعتبر أشهر مطعم شعبي لبيع السمبوسة التي تتميز بجودتها ونظافتها وطعمها اللذيذ مع الصلصة الحارة، وهي بالتأكيد سر نجاح هذا المطعم وسر ديمومته".

ويقول "أرتاد هذا المطعم منذ الشباب، وهو يذكرني بتلك الأيام الجميلة التي اختفت من المدينة في وقتنا الحاضر".

ولا تقتصر شهرة سمبوسة أبو عباس على أبناء البصرة فقط، فقد تعرّف عليها أغلب زائري المدينة من المحافظات الأخرى، كما يطلبها مواطنون من دول الخليج بحسب ما يذكر جاسم كريم العامل في المطعم.

ويضيف جاسم "يأتي كثير من أبناء المحافظات الأخرى لتناول السمبوسة الحارة، وتجذبهم سمعة المطعم وتاريخه الشهير بهذه الأكلة، كما نجهز بعض الطلبات لمواطنين من دول الخليج تذوقوا السمبوسة لدينا أو سمعوا عنها". 

‪جاسم كريم من العاملين في المطعم‬ (الجزيرة)
‪جاسم كريم من العاملين في المطعم‬ (الجزيرة)

شاهد على تاريخ المدينة وأحداثها
لا يفكر جاسم بترك عمله الذي يمارسه منذ ست سنوات في مطعم سمبوسة أبو عباس، إذ يعتقد أنه أضاف له حب الناس ووفر له مساحة من العلاقات مع فنانين ورياضيين ومسؤولين محليين من الذين يرتادون المطعم بشكل دائم.

ويعتبر مطعم سمبوسة أبو عباس جزءا من تاريخ المدينة وشاهدا على أحداثها، ويحمل معه حكايات صغيرة التفاصيل لكنها كبيرة المضمون، فهناك علاقة حب أثمرت عن زواج كانت محطتها الأولى لقاء في طابور انتظار لفة السمبوسة.

المصدر : الجزيرة