عدد التلاميذ الأقل في الفصل لا يضمن تفوقا أكاديميا.. لكن هذه مميزاته

دراسة: عدد التلاميذ الأقل بالفصل ليس شرطا للتفوق الدراسي
دراسة: عدد التلاميذ الأقل بالفصل ليس شرطا للتفوق الدراسي (بيكسابي)

ليلى علي

ينظر إلى أحجام الفصول الصغيرة في المدارس والتي تحتوي على عدد طلبة أقل، على أنها مرغوبة جدا من قبل الآباء خاصة، حيث إنه مع أحجام الفصول الدراسية الصغيرة يمكن للمدرسين التحكم بسهولة أكبر في كل تلميذ وإعطائه مزيدا من الاهتمام. على هذا النحو، تضع العديد من البلدان حدا أقصى لحجم الفصل، وغالبا ما يكون حوالي 30 تلميذا.

لا يزال حجم الفصل الدراسي موضع نقاش حاد في العديد من أنظمة التعليم حول العالم، لأن تحديد العدد الأمثل للطلاب في الفصل الدراسي يفترض به زيادة جودة التعليم وتعلم الطلاب.

إذ إن خفض حجم الفصل يتيح بيئة تعليمية عالية الجودة. وبالتالي، ليس من المستغرب أن يكون الجمهور العريض متحمسا للفصول الدراسية الأصغر حجما. كذلك فإن تخفيض حجم الفصل يؤدي إلى أن يكون التدريس أكثر فاعلية، مما سيؤدي لاحقا إلى زيادة تعلم الطلاب وأدائهم. وهذا ما يبرر الاهتمام المستمر بفعالية تخفيض حجم الفصل على أداء الطلاب من قبل صانعي السياسات والأنظمة المدرسية والباحثين.

رغم ذلك فإن تحليلا إحصائيا جديدا للبيانات من دراسة طويلة الأجل حول تدريس الرياضيات والعلوم، وجد أن أحجام الفصول الأصغر لا ترتبط دائما بأداء وإنجاز أفضل للتلاميذ.

ذكرت نتائج الورقة البحثية، التي نشرت في ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن تأثير حجم الفصول على أداء التلاميذ الدراسي يختلف باختلاف البلدان وباختلاف المواد الدراسية والسنوات الدراسية وغيرها من العوامل، بحسب موقع تايلور آند فرانسيس المختص بنشر الدراسات العلمية. 

وكانت الدراسات السابقة المهتمة بتأثير حجم الفصول على الأداء الدراسي أثبتت بشكل عام أنها غير حاسمة، حيث وجدت بعض الدراسات فوائد، وبعضها لم يجدها مفيدة. علاوة على ذلك، كانت هذه الدراسات في كثير من الأحيان صغيرة الحجم، وقد تميل إلى التركيز على تأثير حجم الفصول على القراءة والرياضيات، ولم تأخذ في الاعتبار تأثير حجم الفصل على المهارات غير المعرفية مثل الاهتمام والانتباه.

دراسة موسعة ونتائج دقيقة
لمحاولة الحصول على صورة أوضح، قرر البروفيسور سبيروس كونستانتوبولوس وتينغ شين من جامعة ولاية ميشيغان بالولايات المتحدة، تحليل البيانات التي تنتجها "اتجاهات دراسة الرياضيات والعلوم الدولية" (تي آي أس أس) كل أربع سنوات منذ العام 1995، راقبت "تي آي أس أس" أداء وإنجاز تلاميذ الصف الرابع (9-10) والصف الثامن (13-14) من حوالي 50 دولة في مادتي الرياضيات والعلوم، حيث يتم تسجيل القدرة الأكاديمية للتلاميذ في هاتين المادتين وموقفهم الذاتي والإبلاغ عن اهتمامهم بهما، وتحتوي أيضا على معلومات عن أحجام الفصول الدراسية.

لجعل التحليل أكثر قابلية للقياس، اقتصر الباحثون في هذه الدراسة على تحليل بيانات تلاميذ الصف الثامن فقط في أربع دول أوروبية، وهي المجر وليتوانيا ورومانيا وسلوفينيا، وقد اختيرت هذه الدول الأربع لأنها جميعا تفرض أقصى الأحجام للفصول، مما سيساعد على جعل التحليل الإحصائي أكثر موثوقية.

حلل الباحثون بيانات هؤلاء التلاميذ التي تم جمعها من قبل "تي آي أس أس" في الأعوام 2003 و2007 و2011. وقد اشتملت البيانات التي تم تحليلها على 4277 تلميذا من 231 فصلا في 151 مدرسة، مما يجعلها أكبر بكثير من معظم الدراسات السابقة التي درست حجم الفصول الدراسية وتأثيرها.

كانت أيضا الدراسة الأولى التي تبحث في آثار حجم الفصل على مواد علمية محددة، تشمل الأحياء والكيمياء والفيزياء وعلوم الأرض، والمهارات غير المعرفية.

‪يرتبط حجم الفصل الأصغر بتحسن المهارات غير المعرفية بدلا من التحصيل الدراسي‬ (بيكسابي)
‪يرتبط حجم الفصل الأصغر بتحسن المهارات غير المعرفية بدلا من التحصيل الدراسي‬ (بيكسابي)

نتائج الدراسة
كشف التحليل أن أحجام الفصول الصغيرة ترتب عليها فوائد ومميزات في رومانيا وليتوانيا، ولكن لم ينطبق ذلك على كل من دولتي المجر وسلوفينيا. كانت أكثر الآثار إفادة ما ظهر في رومانيا، حيث ارتبطت الفصول الأصغر حجما بتحقيق أكاديمي أكبر في الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الأرض، فضلا عن التمتع بقدر أكبر من تعلم الرياضيات.

أما في ليتوانيا، فقد ارتبطت أحجام الفصول الأصغر بشكل أساسي بالتحسن في المهارات غير المعرفية، مثل زيادة التمتع بتعلم الأحياء والكيمياء، بدلا من التحصيل الدراسي العالي في هذه المواد. كما لوحظ أن الآثار المفيدة تظهر فقط في سنوات دراسية معينة.

وقال البروفيسور كونستانتوبولوس "تقليل حجم الفصل لا يضمن تحسينات في أداء الطلاب تلقائيا، حيث إنه توجد العديد من العمليات وديناميات الفصل الدراسي الأخرى التي يجب أن تعمل بشكل جيد لتحقيق نتائج ناجحة في تعلم الطلاب".

يعتقد الباحثون أن أحجام الفصول الأصغر قد تكون لها تأثيرات مفيدة أكبر على التلاميذ في رومانيا وليتوانيا مقارنة بالمجر وسلوفينيا لأن المدارس في رومانيا وليتوانيا لديها موارد أقل. وقال البروفيسور كونستانتوبولوس "ربما يرجع هذا الاستنتاج إلى أن تأثيرات حجم الفصل من المحتمل أن يتم اكتشافها في البلدان ذات الموارد المدرسية المحدودة حيث تكون جودة المدرسين أقل في الأغلب".

المصدر : مواقع إلكترونية