عصا المشي.. تعرف على زينة النبلاء مع واحد من آخر صناعها بباريس

 حفصة علمي-باريس

عندما يفكر البعض في عصي المشي، فإن أول ما يتبادر إلى مخيلتهم عكاز ملتوية في يد رجل مسن، يهزها من حين إلى آخر ليبعد الشباب المزعجين مازحا.

ولكن تاريخ الموضة يكشف لنا قصة هذه الزينة التي كانت من أساسيات إطلالات النبلاء، خاصة خلال الفترة الطويلة الممتدة من عام 1550 إلى سنة 1930.

اقتنتها شخصيات تاريخية مثل إبراهام لنكولن وغاندي ولويس الثالث عشر، واعتمدها ممثلون عالميون مثل فريد آستير وجيمس بوند وشارلي شابلن. وأصبحت هذه العصا اليوم تحفة فنية متاحة لهواة الجمع ولعشاق الزينة النادرة الأنيقة.

‪تاريخ الموضة يكشف لنا قصة هذه الزينة التي كانت من أساسيات إطلالات النبلاء‬ (الجزيرة)
‪تاريخ الموضة يكشف لنا قصة هذه الزينة التي كانت من أساسيات إطلالات النبلاء‬ (الجزيرة)

زينة النبلاء وحكايات التاريخ
بدأ انتشار عصا المشي في أوروبا في القرن السادس عشر، إذ أصبحت العصي جزءا مهما من هيئة الشخص، لذا تكونت آداب معينة بشأنها.

فعلى سبيل المثال، لم يكن الرجل يحمل عصاه تحت ذراعه ولا يرتكز عليها. وكان من قلة الأدب إدخال العصا في حضور شخص مهم مثل الملك، فربما كان تحتوي هذه العصا على سلاح.

‪أواخر القرن التاسع عشر أصبحت عصا المشي ملحقا أنيقا لأزياء الرجال البرجوازيين وليس للأرستقراطيين فقط‬ (الجزيرة)
‪أواخر القرن التاسع عشر أصبحت عصا المشي ملحقا أنيقا لأزياء الرجال البرجوازيين وليس للأرستقراطيين فقط‬ (الجزيرة)

ورغم أن العصا كانت بمثابة ملحق رئيسي للذكور، فإنها شهدت استخداما شائعا بين السيدات أيضا. فعندما بدأت السيدات بارتداء المشدات الضيقة للغاية، انتشر استخدام العصي ليضعن بداخلها الخل أو الأملاح العطرية لتعيدهن إلى الوعي في حالة الإغماء بسبب نقص الأكسجين. 

وفي فترة العصر الذهبي "بيل إيبوك"، من أواخر القرن التاسع عشر حتى بداية الحرب العالمية الأولى، أصبحت عصا المشي ملحقا أنيقا لأزياء الرجال البرجوازيين وليس فقط للأرستقراطيين في فرنسا.

‪عندما بدأت السيدات ارتداء المشدات الضيقة للغاية انتشر استخدامهن للعصي‬ (الجزيرة)
‪عندما بدأت السيدات ارتداء المشدات الضيقة للغاية انتشر استخدامهن للعصي‬ (الجزيرة)

عصي المشي.. للفنون الشعبية والمدينة والأدوات
تصنف عصي المشي بشكل عام إلى ثلاث فئات، عصي الفنون الشعبية وعصي المدينة وعصي الأدوات.

وفي الولايات المتحدة كان هناك أكثر من 1500 براءة اختراع لعصا الأدوات الذكية. فقد تكون العصا تحتوي على سلاح مثل السيف والسهام، وقد يكون بها قوارير صغيرة أو بخاخ يحتوي على العطور أو الكحول أو السموم، كما يمكن إخفاء السجائر والمكياج وحتى معدات الرسم.

تنحت رؤوس عصي المشي يدويا، وهي مصنوعة من الخشب أو الخيزران أو خشب الأبنوس أو العاج أو قرن الحيوان والعظام. وفي بعض الأحيان تكون مصنوعة من الخزف أو الباكليت أو الذهب والفضة وحتى الزجاج، وتزين كذلك بالأحجار الكريمة.

‪حافظت دار لافاييه على حرفتها  بصناعة عصي المشي منذ عام 1909 واحترمت هذا التقليد لمدة أربعة أجيال‬ (الجزيرة)
‪حافظت دار لافاييه على حرفتها  بصناعة عصي المشي منذ عام 1909 واحترمت هذا التقليد لمدة أربعة أجيال‬ (الجزيرة)

غارلي لافاييه.. واحد من آخر صناع العصي في فرنسا
حافظت دار لافاييه على حرفتها في صناعة عصي المشي منذ عام 1909 واحترمت هذا التقليد في الصنع اليدوي لمدة أربعة أجيال، لتصبح بذلك واحدة من آخر صناع هذه الزينة القلائل في فرنسا. وورثت هذه الشركة العائلية أنقى التقاليد الفرنسية في ابتكار أساليب فريدة تجمع بين الماضي والحداثة والأصالة.

‪تنحت رؤوس عصي المشي يدويا وتصنع من الخشب أو الخيزران أو خشب الأبنوس أو العاج أو قرن الحيوان والعظام‬ (الجزيرة)
‪تنحت رؤوس عصي المشي يدويا وتصنع من الخشب أو الخيزران أو خشب الأبنوس أو العاج أو قرن الحيوان والعظام‬ (الجزيرة)

ومنحتها وزارة الصناعة لقب "شركة التراث الحي" عام 2007 مكافأة على منتجاتها الحرفية المعنية بالتراث الفرنسي والمصنعة بجودة عالية وتصميم فاخر.

ومن الجدير بالذكر أن اليونسكو أدرجت مهنة مصنعي العصي على قائمة التراث العالمي، وهي خطوة تلت إدراجها بلائحة الحرف النادرة في العالم.

المصدر : الجزيرة