حفظ النعمة.. مركز قطري لتدوير الطعام
عماد مراد-الدوحة
يتلقى إبراهيم العبدلي اتصالات المتبرعين على مدار الساعة خلال عمله بمركز حفظ النعمة في الدوحة، لمساعدة الناس على التبرع بفائض أغذيتهم وتوزيعها على الفقراء بدلا من إلقائها في حاويات القمامة.
فظاهرة البذخ في مجال الولائم منتشرة بقوة في منطقة الخليج، خاصة في الأعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة. ويعمل مركز حفظ النعمة عبر شقين: أولهما نشر الوعي بضرورة ترشيد الاستهلاك وتجنب الإسراف والهدر، والثاني إعادة تدوير الفائض الغذائي والعيني للمحافظة على البيئة وتقديمه للمستحقين.
مهمة العبدلي تقوم على تلقي الاتصال من المتبرع وتحديد التوقيت الذي سيذهب فيه فريق المركز إليه للحصول على الفائض الغذائي، ومن ثم ينسّق المهمة حتى تصل التبرعات إلى مبنى المركز في مدينة خليفة بالدوحة.
بنك الطعام
مركز حفظ النعمة -الذي بدأت فكرته قبل عقد من الزمان- يعدّ بنك الطعام الأول في قطر، ونشأ بمبادرة مجتمعية، وكان دوره يقتصر فقط على جمع فائض الطعام وتوزيعه على المحتاجين داخل قطر، إلا أنه سرعان ما تطور عمله خلال الأعوام الثلاثة الماضية ودخل مجال الحصول على أنواع التبرعات العينية كافة وإعادة تدويرها وتوزيعها مرة أخرى على المحتاجين.
فالمركز يعتمد على الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، والحد من هدرها، وإعادة تدوير ما يصلح منها، وتوزيعها على المستحقين، في إطار السعي لتحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، والحد من هدر النعم، واستثمارها بالشكل الأمثل، وتقديم خدمات اجتماعية وتوعوية بشكل متميز.
المستفيدون من عمل المركز وصلوا إلى ما يزيد عن مليوني شخص منذ تأسيسه. وشهد العام 2018 تطورا كبيرا في نشاط المركز، حيث تم خلاله توزيع 468 ألفا و581 وجبة بزيادة 21% عن العام 2017، استفاد منها 242 ألفا و649 عاملا و33 ألفا و668 أسرة. كما وزع المركز ما يزيد على 8 أطنان من اللحوم والدجاج، و4.5 أطنان من الأرز، و4.7 أطنان من السكر.
ووزع المركز خلال العام الماضي 2599 قطعة أثاث، و2027 من السجاد والمفروشات، و481 جهازا إلكترونيا، و674 جهازا كهربائيا وقرابة 200 طن من الملابس؛ على الأسر المحتاجة بعد دراسة الحالات المقدمة. كما عرض المتبقي للبيع بأسعار رمزية للأسر ذات الدخل المحدود، مما ساعد المركز على تطوير عمله وتوسيع دائرة الاستفادة.
تثقيف وتوعية
وفي مجال التوعية، نظم مركز حفظ النعمة محاضرات للتوعية بمخاطر الهدر وضرورة الترشيد وطرق الحفاظ على النعم لطلاب المدارس، بلغ عدد المستفيدين منها قرابة 500 طالب.
مدير المركز علي بن عايض القحطاني اعتبر في حديث للجزيرة نت أن حفظ النعمة ليس مجرد مركز لحفظ الطعام فقط، بل يسعى لأن يكون نموذجا في التثقيف والتوعية.
وأضاف أن جمع فائض الطعام مهمة تتطلب جهدا كبيرا، إلا أن الجهد الأكبر يتمثل في توعية المجتمع وتثقيفه والحد من هدر الطعام الذي يمثل خسارة للفرد والمجتمع على السواء.
وعن آلية العمل داخل المركز، أوضح القحطاني أن هناك اختلافات كبيرة في التعامل مع التبرعات المختلفة، فالتبرعات الغذائية مثلا يتم التعامل معها بسرعة فائقة حرصا على صلاحية تلك الأغذية، وذلك عبر فريق مدرب يعرف مناطق تواجد العمال ومساكنهم.
أما الأثاث والملابس والأجهزة الكهربائية فيعمل المركز على توزيعها على الأسر المحتاجة بعد دراسة حالتها من قبل لجنة المساعدات العينية، والمتبقي يتم عرضه للبيع بأسعار رمزية للأسر ذات الدخل المحدود، لافتا إلى أن الهدر في الأثاث يسبب مشكلة بيئية، فهي مخلفات غير قابلة للتحلل.
وأكد القحطاني أن المركز يسعى للتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث لتقديم البيانات والأرقام المتعلقة بإقامة دراسة بحثية تقوم على أسس علمية تعرّف بنسبة الهدر في المجتمع وآثاره البيئية والاقتصادية، ووسائل تجنبه، وإمكانية تحويل الأغراض المهدورة إلى موارد نافعة.