برّاد السوق بمخيم البداوي.. مبادرة تأثرت بطفل يأكل من القمامة

مبادرة البراد في مخيم البداوي
مبادرة البرّاد يستفيد منها المحتاجون ويغذيها الموسرون (الجزيرة)

محمد خالد-مخيم البداوي

يفاجأ كل من يمر بسوق مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، بوجود برّاد كبير وُضع على جانب الطريق مرفقا بعبارة "أخي الكريم إن كنت محتاجا فخذ حاجتك"، يقصده الموسرون للتبرع فيه بالأطعمة والأغذية كما يقصده المحتاجون ليأخذوا منه ما يلزمهم.

لقمة العيش
مبادرة البرّاد تقام لأول مرة في المخيم، وهي مبادرة فردية أطلقها اللاجئ الفلسطيني الحاج محمد حسين، وتقوم على وضع ثلاجة كبيرة لحفظ المأكولات في السوق، مع دعوة الناس إلى التبرع بالطعام الزائد عن حاجتهم، أو وضع بعض الأطعمة الجاهزة فيها، ليستفيد منها الأشخاص الذين يتعذّر عليهم أحيانا تأمين لقمة عيشهم.

يقول الحاج محمد "المبادرة فردية، قمت بها بنفسي. جاءت الفكرة بعد تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة في المخيم، وانعدام فرص العمل، مما يصعب على رب الأسرة توفير لقمة العيش، وبعد أن رأيت أحد الأطفال يأكل من صندوق القمامة في مشهد مأساوي بالغ الدلالة.

ويضيف "من شدة تأثُّري بهذا الأمر، أطلقت هذه المبادرة التي تقوم على التبرّعات العينية من المأكولات والمشروبات الزائدة عن احتياجات الناس في المخيم"، ويستطرد: "أجمل شيء على الإطلاق أنْ تساعد شخصا فقيرا، وأتمنى أن يشارك فيه كل أهل المخيم، لأنّ هناك عائلات كثيرة تبيت يومها من غير طعام".

‪فكرة المبادرة جاءت بعد تفاقم صعوبة الأوضاع المعيشية في المخيم‬ (الجزيرة)
‪فكرة المبادرة جاءت بعد تفاقم صعوبة الأوضاع المعيشية في المخيم‬ (الجزيرة)

متابعة الصلاحية
ويحتوي البرّاد على مختلف أنواع الأغذية من أطعمة وخضار وفواكه ومعلبات وخبز، ويتأكد المشرف على المبادرة بنفسه من صلاحية المواد التي توضع فيه.

يقول الحاج محمد: "أتفحص البرّاد بين الفينة والأخرى، لأتأكد من وجود الأطعمة فيه، وأعيد تعبئتها بما يصلني من أطعمة، وأحرص على عدم خلو البرّاد".

البراد لجميع اللاجئين
ليس أهالي المخيم من الفلسطينيين هم المستفيد الوحيد من البرّاد، بل كل من يعيش في المخيم من السوريين واللبنانيين والجنسيات الأخرى، ممن يأتون إلى البرّاد ويأخذون حاجتهم منه ويذهبون.

يقول علي وهو صاحب محل في السوق، "هنا يأتي المحتاج دون خجل أو خوف، يأخذ حاجته دون رقابة أو تصوير فوتوغرافي أو تدوين للأسماء"، معربا عن أمله في أن تعمّ الفكرة بقية أحياء المخيم. وتمنى على أهل الخير التبرع بالأطعمة حصرا دون مال، والتأكيد على إحضار الأطعمة الصالحة التي يأكلونها، أو تلك التي تفيض عن حاجتهم.

‪مبادرة البراد في مخيم البداوي مشروع إنساني تستفيد منه العديد من الأسر المحرومة‬ (الجزيرة)
‪مبادرة البراد في مخيم البداوي مشروع إنساني تستفيد منه العديد من الأسر المحرومة‬ (الجزيرة)

مشروع إنساني
وقد لاقت فكرة "البراد" تجاوبا كبيرا من قبل أهالي المخيم، إذ عبروا عن إعجابهم بهذه المبادرة التي وصفوها بالضرورية وبأنها تعكس حالة التضامن الاجتماعي، وأشادوا بأهميتها لمساعدة الفقراء والمحتاجين في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها المخيم.

ويؤكد اللاجئ الفلسطيني خليل -وهو أحد أبناء المخيم- "أنّ هذا المشروع الإنساني يكفل طعام العديد من الأسر المحرومة"، مضيفا أنه "يحرص على وضع ما تيسر من طعام لديه في البرّاد"، فيما تقول لاجئة سورية قصدت البرّاد للحصول على ربطة خبز، إن "هذا البراد يصون كرامة الفقير، ويحميه من الذل وينقذه من الجوع"، شاكرة القيِّمين عليه.

كثافة سكانية عالية
ويعاني مخيم البدّاوي من كثافة سكانية عالية جدا، خصوصا بعد أحداث نهر البارد وأحداث سوريا، حيث لجأ إليه نازحون من نهر البارد ومن فلسطينيي سوريا ومن السوريين أنفسهم، مما زاد معاناتهم وزاد نسبة البطالة التي تقدر بحوالي 60%، بحسب الأونروا.

يقول نائب المسؤول السياسي لحركة حماس في شمال لبنان أحمد الأسدي، "إن هذه المبادرة فردية وفريدة من نوعها في المخيم الذي يعاني من ارتفاعِ نسبة البطالة والفقر، وتؤكد وحدة الشعب الفلسطيني ومدى التآلف والتكافل بينَه، ولاقت المبادرة قَبولا من الجميع، الذين يدعمونها لكي تستمر وتشمل أبناء المخيم كافة".

ويأمل أهالي المخيم في أن تعم الفكرة المخيمات الفلسطينية كافة، وأن تتطور من مجرد وجود برادات في الشوارع إلى توزيع وجبات على منازل الفقراء.

المصدر : الجزيرة