تصلك 300 رسالة يوميا.. حين يصبح الواتساب العائلي كابوسا

حين يتحول الواتساب العائلي إلى كابوس (بيكساباي)
كلنا نريد أن نلتقي ببعضنا بعضا، لذلك ليس هناك حل سوى واتساب حيث يسرد كل طرف يومياته (بيكساباي)

مع اقتراب المناسبات، يتحول "الواتساب العائلي" بالنسبة للبعض إلى مصدر قلق، حيث يردهم عدد هائل من الرسائل النصية القصيرة والإشعارات. وتطرق الكاتب سفيان زيزون لمعاناة مستخدمي واتساب العائلي في تقرير نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية.

واتساب لسرد اليوميات
الطالب الفرنسي ألكسندر تلقى على حسابه على واتساب خلال شهر واحد نحو 4585 رسالة نصية لم يقرأها حتى الآن. يتلقى من عائلة أمه من 200 إلى 300 رسالة يوميا، مؤكدا أن تلقي الإشعارات كل دقيقة أمر يزعجه كثيرا.

وقال هذا الطالب، البالغ من العمر 23 سنة، "نريد كلنا أن نلتقي ببعضنا بعضا، لذلك ليس هناك حل آخر سوى واتساب". ويعمل كل طرف من العائلة على استغلال واتساب ليسرد ما فعله في يومه ويعززه بإرسال فيديو، على غرار فيديو يتحدث عن أول خطوات ابن الأخ، وصور أخرى عن خروج ابن العم للتنزه، وتسجيل صوتي للحفيد الذي تعلم أخيرا نطق كلمة "بابا".

‪عندما لا يمكنك أن تقرأ كل هذه الرسائل الواردة.. ماذا تفعل؟‬ (بيكسباي)
‪عندما لا يمكنك أن تقرأ كل هذه الرسائل الواردة.. ماذا تفعل؟‬ (بيكسباي)

لا بد من التفاعل
في خضم هذه الضجة التي تحدث داخل العالم الافتراضي، يحاول الجميع قول كلمتهم بإنشاء محادثات جماعية على واتساب. وحسب آن سيلفي فارابو، أخصائية علم الإنسان في مختبرات شركة أورنج (مراكز أبحاث مجموعة الاتصالات السلكية واللاسلكية)، فإن "الأعضاء الفاعلين في العائلة ينشئون هذه المحادثات الجماعية وينخرطون فيها بينما يكتفي باقي أفراد العائلة بالمتابعة فقط".

وعندما يتلقى أحد أفراد العائلة دعوة للانضمام إلى المحادثة الجماعية، يجد نفسه مجبرا على المشاركة. وغالبا ما يبلغ عدد الأعضاء المنخرطين بالمحادثة الجماعية 15 فردا. وعادة ما يتم إنشاء هذه المحادثات العائلية الجماعية احتفالا بمناسبة ما، على غرار عيد ميلاد أو زفاف، وتتواصل المحادثات إلى ما بعد انتهاء المناسبة.

هل تجاهل الرسائل حل؟
وحسب أخصائي علم النفس ميشال ستورا، فإن هناك نظاما خاصا على واتساب يجعل المرء مرغما على التفاعل مع أحد الأفراد. وليريح نفسه، عمل الطالب ألكسندر على إغلاق الإشعارات المتعلقة بالمحادثات الجماعية، التي تراكمت منذ بضعة أسابيع، مشيرا إلى أن "هذه الإشعارات تتدفق باستمرار، ولا يمكنك أن تقرأ كل هذه الرسائل الواردة، لقد أصبح الأمر غير مطاق".

حيال هذا الشأن، قال ألكسندر "أحيانا يلومني البعض بسبب تجاهل الرسائل النصية، ولكن فيما بعد يعذرونني". وفي الواقع، يمكن أن يتسبب هذا التجاهل في نشوب مشاكل عائلية، مثل عدم الإجابة على نحو 25 رسالة نصية لأم قلقة، أو تجاهل رسائل العمة الغاضبة التي لم تلق التفاعل المطلوب عندما أشادت بمجهودات ابن أخيها الذي حصل على شهادة البكالوريا.

وتحدث ميشال ستورا عن "الهشاشة النرجسية" لدى بعض الآباء الذين يريدون الحفاظ على "رابطة أبدية" بينهم وبين أبنائهم "ليطمئنوا" عليهم بشكل دائم. وتساءل ستورا "كيف يمكن لشاب أن يبني حياته الخاصة باعتباره شخصا بالغا إذا كان أقرباؤه يتفقدون أحواله كل ساعة؟ فهناك أجداد لا يزالون يتعاملون مع أبنائهم البالغين مثل الأطفال، عبر التعليق على اختياراتهم بصفة يومية. وإذا أصبح هذا الوضع بمثابة الجحيم بالنسبة للشاب، فهذا يعني أن هناك مشكلة أعمق وجب حلها، تقتضي استشارة طبيب مختص أو أخصائي نفسي". 

‪الأعضاء الفاعلون في العائلة ينشئون هذه المحادثات الجماعية وينخرطون فيها بينما يكتفي باقي أفراد العائلة بالمتابعة فقط‬  (بيكسباي)
‪الأعضاء الفاعلون في العائلة ينشئون هذه المحادثات الجماعية وينخرطون فيها بينما يكتفي باقي أفراد العائلة بالمتابعة فقط‬  (بيكسباي)

عقدة الاضطرابات العائلية
إيلين (اسم مستعار)، البالغة من العمر 24 سنة، وضعت إشعارات المحادثات العائلية على واتساب في وضع الصامت. وقالت إيلين إنه على الرغم من هذا الإجراء، فإنها تتلقى الرسائل النصية القصيرة، بينما هي لا ترغب بذلك. وبينت إيلين أن كل أفراد العائلة يتفاعلون مع بعضهم بعضا على تطبيق واتساب عبر طرح مشاكلها وذكرياتها المؤلمة.

الانعزال عن المحادثة الجماعية
ما الذي يدفع البعض لعدم الانسحاب من فريق المحادثة الجماعية؟

بعض الأشخاص يرون أن محادثات واتساب هي القناة الوحيدة التي تتيح لهم التواصل مع بقية أفراد العائلة. وبالنسبة لألكسندر "إذا لم أفتح التطبيق، سيفوتني حدث ما في العائلة وسأتأسف فيما بعد على ذلك كثيرا".

المصدر : لوفيغارو