جدل في الجزائر.. تدريس التربية الجنسية أم إعادة فقه الطهارة؟

Nagwan Lithy - رفض مجتمعي لتدريس التربية الجنسية بالمدراس- الجزائر - تدريس التربية الجنسية لكسر طابو "العيب".. ومعارضون: مادة علمانية
رفض مجتمعي لتدريس التربية الجنسية بالمدارس في الجزائر (الجزيرة)

محمد أمير-الجزائر

أثار مقترح إدراج مادة التربية الجنسية في البرامج التعليمية بالمدارس الجزائرية، جدلا كبيرا ولغطا عبر مواقع التواصل، ورغم أن البعض يرى أن التربية الجنسية منهج شرعي لتهذيب الغرائز، فإن الموضوع بالجزائر لا يزال مصنفا في خانة الحياء أو "العيب"، والحديث عنه من الخطوط الحمراء، مما يجعل نقاشه أمرا شائكاً، وذلك بالنظر إلى ما يتسم به المجتمع الجزائري من عادات وأعراف تعرف "بالحرمة". 

الرفض المطلق للفكرة
صنفت تعليقات رواد منصات التواصل الاجتماعي في خانة الاستهجان والرفض المطلق للفكرة التي اعتبروها متعارضة مع قيم المجتمع الجزائري وأعرافه، ووصفوها بأنها من المحظورات التي لا يجب التطرق لها، لما تتضمنه من خدش للحياء والإضرار بأخلاق المجتمع.

فقد علق صالح عدلان بتغريدة عبر صفحته بموقع تويتر قائلا "المادة الدراسية الوحيدة التي كانت سببا في تقويم سلوكي هي التربية الإسلامية، وهي مادة شملت جميع نواحي الحياة من آداب ومعاملات، وهي تجعلنا في غنى عن إضافة مواد محسوبة على الأسس العلمانية كمادة ‎التربية الجنسية".

‪الحديث عن التربية الجنسية أمر شائك في المجتمع الجزائري‬ (الجزيرة)
‪الحديث عن التربية الجنسية أمر شائك في المجتمع الجزائري‬ (الجزيرة)

"فيروس_الفساد_في_الجزائر"
وقالت تينهنان في تغريدة أخرى عبر تويتر تحت وسم "فيروس_الفساد_في_الجزائر" "المشكلة أن الكل فاسد بطريقة أو بأخرى، الأستاذ أناني يهمه جيبه، ولا يهمه محتوى المقرر الدراسي فهو يحتج فقط على الراتب الشهري، أما ما يحتويه الكتاب المدرسي فهذا آخر همه وآخرها التربية الجنسية".

ووجد الكثير من السياسيين في القضية فرصة للقفز على الجدل وتلطيف الجو وتأييد نسبي نوعا ما؛ لتخفيف الضغط على وزيرة التربية نورية بن غبريط التي لم تسلم هذه المرة أيضا من جملة الانتقادات التي أوقعتها في شباك خصومها.

نعم.. بلا "خدش للحياء"
وعلق القيادي الإخواني السابق أبو جرة سلطاني قائلا إنه لا يرى مانعا من تعليم التربية الجنسية للأطفال، ولكن ليس بطريقة "خادشة للحياء"، وأنه هو شخصيا تعلم التربية الجنسية، وأنه قرأ ذلك في فقه الوضوء، وكان المعلمون يتحدثون عن الطهارة بعد أن تحيض المرأة، وكثير من الأمور التي تمر عبر آيات قرآنية وأحاديث نبوية.

وأشار سلطاني إلى مطلبه من وزيرة التربية بضرورة إعادة تدريس فقه الطهارة، ثم تدريس التربية الجنسية دون أن نصدم التلاميذ.

‪اقتراحات بتدريس فقه الطهارة كبديل عن التربية الجنسية‬ (الجزيرة)
‪اقتراحات بتدريس فقه الطهارة كبديل عن التربية الجنسية‬ (الجزيرة)

ضرب من المستحيل
من جهته، قال المختص في الإعلام والاتصال الدكتور محمد حمادي للجزيرة نت إن إدراج الجنس في المنظومة التعليمية ضرب من المستحيل، لأنه سيثير ضجة كبيرة وسط الجزائريين، وسيعطي الفرصة للتنظيمات والتشكيلات السياسية المعارضة لاستثمارها، مشيراً إلى أن البلاد مقبلة على تحد كبير اسمه الانتخابات الرئاسية في الأشهر المقبلة. 

وحسب رأيه، فالحديث في الجنس من المحرمات التي يتجنب أساتذة الجامعات مناقشتها مع طلابهم، وحتى وسائل الإعلام المحلية تنوء ببرامجها عن هذا الملف الشائك؛ في مجتمع يعرف عنه أنه محافظ، فما بالنا بتلاميذ المدارس.

تعليم الخصوصية الجنسية
ويعتبر المختص في علم الاجتماع الدكتور بكيس نور الدين في حديثه للجزيرة نت أن المجتمع الجزائري يجتهد دوما في تحصين أبنائه منذ الطفولة على تلقينهم التربية الجنسية من خلال ثلاث محطات: أولاها تعليم الأبناء الخصوصية الجنسية؛ بحيث تحرص منذ الصغر على فهم الأبناء أن لهم خصوصية جنسية من خلال نوع الملابس ونوع اللعب وطبيعة التصرفات والألوان الخاصة بكل جنس، وتسريحة الشعر المناسبة.

ويضيف بكيس أن هناك حضورا قويا للأسرة في تعريف الابن بخصوصياتها الجنسية، ثم تنتقل لتعريفه هويته الجنسية، حيث تعلمه التعامل مع بعض أعضاء جسمه بشكل خاص، خاصة الأعضاء الجنسية، ومن ذلك حرص الأسرة على استحمام الابن وحده كلما أصبح قادرا على ذلك وتحديد مواطن اللمس واللعب وستر العورة لكل جنس.

‪المجتمع الجزائري يحرص على تعليم أبنائه الخصوصية الجنسية‬ (الجزيرة)
‪المجتمع الجزائري يحرص على تعليم أبنائه الخصوصية الجنسية‬ (الجزيرة)

وزارة التربية الوطنية تنفي
ووسط الضجة المثارة حول هذا الشأن، سارعت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط إلى تكذيب هذه الإشاعات بشأن عزم وزارة التربية الوطنية على إدراج مادة التربية الجنسية في المقررات الرسمية، وخرجت عن صمتها بعد هذه الضجة، ونفت أن تكون اقترحت مسألة التربية الجنسية للتلاميذ، وأبدت استياءها العميق من الضجة المفتعلة، وتساءلت: من أين جاء هؤلاء بهذه المعلومة؟

المصدر : الجزيرة