ترمب "وحيدا" بمواجهة شركاء اتفاق النووي الإيراني

أجمعت الدول المشاركة في الاتفاق النووي الإيراني والوكالة الدولية للطاقة الذرية على تأكيد التمسك بالاتفاق الذي هدد الرئيس الأميركي أمس بالانسحاب منه، وسط إشادة إسرائيل والإمارات والسعودية والبحرين واليمن بموقف دونالد ترمب.   

وأعلن زعماء بريطانيا وألمانيا وفرنسا تمسكهم بالاتفاق. وأعرب الثلاثة في بيان مشترك صدر أمس عن مكاتب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقهم "من التبعات المحتملة لموقف ترمب الذي يصب باتجاه عدم المصادقة على الاتفاق النووي".

وأكد البيان رغبة الدول الثلاث في الحفاظ على استمرارية خطة العمل المشتركة الشاملة بخصوص الاتفاق النووي والتزام كافة الأطراف به، الأمر الذي يخدم المصالح الوطنية المشتركة.

وفي اتصال هاتفي أجراه الرئيس الفرنسي مع نظيره الإيراني حسن روحاني مساء أمس، أكد مواصلة فرنسا وحلفائها الأوروبيين الالتزام بالاتفاق. وشدد على أن عدم دعم أميركا للاتفاق لن ينهيه.

كما أعلن الإليزيه أن الرئيس يدرس التوجه إلى إيران تلبية لدعوة روحاني، بحيث تكون الزيارة إذا جرت الأولى لرئيس دولة أو حكومة فرنسية لإيران منذ 1971.

وكان روحاني قد رد سريعا على تصريحات ترمب وقال إن الأخير لا يحق له إنكار اتفاقية متعددة الأطراف أصبحت وثيقة دولية وليست اتفاقا ثنائيا، مضيفا أن الشعب الإيراني يحترم جميع الاتفاقات الدولية ويلتزم بها، ومؤكدا مواصلة بلاده التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأن طهران ستلتزم بالاتفاق النووي ما دامت مصالحها محفوظة.

وفي رده على اتهامات ترمب لإيران بالدولة المارقة والوقوف خلف ما وصفها بالنشاطات الإرهابية في المنطقة، قال روحاني إن بلاده تقف ضد الإرهاب وإن ترمب هو من يدعم تنظيم الدولة الإسلامية.

كما انتقد روحاني خطاب ترمب وقال إنه مليء بالسباب والاتهامات الكاذبة التي لا أساس لها بحق الأمة الإيرانية.
    
خطاب عدائي
بدورها، انتقدت موسكو إستراتيجية ترمب حيال إيران ووصفتها بـ "الخطاب العدائي والمهدد" مؤكدة أن الاتفاق النووي مع طهران لا يزال سليما. وتابعت أن "رئيس الولايات المتحدة لديه سلطات عديدة، ولكن ليس هذه السلطة".

كما أعلن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية أن موسكو تعتبر إجراءات ترمب بحق إيران "خاطئة" وستحاول نقل هذه الفكرة إلى واشنطن عبر الحوار.

من جانبها، قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني "إن ترمب لا يمتلك صلاحية إلغاء الاتفاق النووي" مشددة على أن الاتحاد يعارض فكرة إلغاء الاتفاق، وأضافت "لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بوصفنا مجتمعا دوليا -وأوروبا بالتأكيد- بتفكيك اتفاق يعمل ويؤتي ثماره".

وردا على زعم ترمب بأن الاتفاق النووي مع طهران يتيح إجراءات مراقبة ضعيفة، قال المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الدولية يوكيا أمانو إن طهران قبلت بأشد عمليات التفتيش في العالم و"تخضع في الوقت الحاضر لأشد نظام تحقق نووي في العالم".
     
وأوضح أن وكالة الطاقة الذرية دخلت حتى الآن إلى المواقع التي طلبت زيارتها. يأتي ذلك بعد توجيه اتهامات للمفتشين التابعين للوكالة بعدم استخدام كامل صلاحياتهم بسبب الضغوط الإيرانية.

كما أكد المدير العام لوكالة الطاقة الذرية أن إيران تنفذ التزاماتها وفق الاتفاق النووي.

‪ترمب وبجواره زوجته يتحدث للصحفيين بحديقة البيت الأبيض لدى خروجه من مكتبه‬  ترمب وبجواره زوجته يتحدث للصحفيين بحديقة البيت الأبيض لدى خروجه من مكتبه (رويترز)
‪ترمب وبجواره زوجته يتحدث للصحفيين بحديقة البيت الأبيض لدى خروجه من مكتبه‬  ترمب وبجواره زوجته يتحدث للصحفيين بحديقة البيت الأبيض لدى خروجه من مكتبه (رويترز)

إشادة وترحب
وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للترحيب بإعلان ترمب اعتزامه عدم المصادقة على الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة مع مجموعة دول (5+1) عام 2015.

وقال نتنياهو "أهنئ الرئيس ترمب على قراره الشجاع، لقد واجه بجرأة النظام الإرهابي الإيراني" مضيفا أنه إذا ترك الاتفاق النووي دون تعديل "فإن الشيء الوحيد المؤكد تماما هو أنه خلال سنوات قليلة سيكون لدى النظام الإرهابي الأول في العالم ترسانة من الأسلحة النووية، وهذا خطر هائل على مستقبلنا الجماعي".

في الوقت نفسه، أعلنت السعودية "تأييدها وترحيبها بالإستراتيجية الحازمة التي أعلنها ترمب تجاه إيران ونهجها العدواني". وأشاد بيان سعودي بـ "رؤية" الرئيس الأميركي في هذا الشأن والتزامه بالعمل مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة لمواجهة سياسات وتحركات إيران العدوانية".    
 
ورأت الرياض أن طهران "استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات" جراء الاتفاق النووي "واستخدمته للاستمرار في زعزعة الاستقرار في المنطقة وبخاصة من خلال برنامج تطوير صواريخها البالستية".
    
واتهمت السعوديةُ إيران بدعم "الإرهاب في المنطقة" عبر مساندتها حزب الله في لبنان والمتمردين الحوثيين في اليمن، حيث تقود المملكة تحالفا عسكريا دعما للحكومة المعترف بها دوليا.
    
من جهتها، اعتبرت أبو ظبي أن إيران استغلت الاتفاق النووي لتعزيز نفوذها بالمنطقة. ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن بيان للخارجية أن "الاتفاق النووي أعطى إيران الفرصة لتقويم سياساتها إلا أن حكومتها استغلته لتعزيز سياستها التوسعية وغير المسؤولة".

وأصدرت البحرين واليمن بيانين يشيدان بموقف الرئيس الأميركي من إيران.

وكان ترمب أعلن الجمعة أنه قرر عدم التصديق على التزام إيران بالاتفاق المبرم مع الدول الكبرى عام 2015، وهدد بأنه سينهيه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الكونغرس والحلفاء بشأن تشديده وتحسين شروطه.

وقال -في كلمته التي استعرض فيها ما وصفها بانتهاكات النظام الإيراني لبرنامجه النووي ونشاطاته بالمنطقة- إن الولايات المتحدة ستعمل بكل ما في وسعها لحرمان نظام طهران من الحصول على سلاح نووي، كما ستعمل مع حلفائها لمواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، وفرض عقوبات إضافية على طهران، وفق تعبيره.

المصدر : وكالات